منذ أن تم الإعلان عن زيارة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- إلى الشقيقة جمهورية مصر العربية توقع الكثير أن تكون زيارة تاريخية وستأخذ بعدا محليا وإقليميا ودوليا. فما أن وصل الملك سلمان إلى أرض مصر وقابل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي حتى بدأ العالم يرى الترحيب الحار الذي استقبل به الملك السعودي. ورغم أن زيارات ملوك المملكة لمصر لم تنقطع، إلا أن هذه الزيارة تأتي في وقت يعتبر الأصعب في تاريخ المنطقة. ومع ذلك بدأت الزيارة بترسيخ اللحمة بين المملكة ومصر عبر توقيع اتفاقيات تجارية وإستراتيجية في إشارة واضحة لعمق العلاقة وتأكيد لها. وتمثلت الزيارة بشفافية كبيرة حول ما يتعلق بالمصالح المشتركة وخاصة فيما يتعلق بالاستثمار بين البلدين. وكذلك أوضحت هذه الزيارة أن المملكة ومصر هما مركز الثقل في المنطقة في دلالة على أن كلا البلدين لديهما القدرة على سد الفراغ السياسي والذي حدث منذ عدة سنوات ورأت فيه المنطقة خلخلة وعدم استقرار وصل إلى حد تدهور الأمور الأمنية في عدد من دول المنطقة. ولهذا يعول الكثير على هذه الزيارة لانتشال المنطقة من نفق مظلم دخلت فيه منذ عدة سنوات. وعلى الصعيد الدولي أثبتت المملكة قدرتها على المناورة والتحرك بالأسلوب الذي تراه وسط تردد دولي واضح وخاصة الإدارة الأمريكية التي وقفت متفرجة على المنطقة دون الإعلان عن قرار واضح حيال توجهاتها لتقوم المملكة بتعويض التردد الأمريكي بمبادرات أذهلت العالم أجمع. ففي الوقت الذي اعتقدت فيه دول مثل إيران أن بإمكانها استغلال هذا الفراغ السياسي في اليمن تفاجأت إيران مثل غيرها بعاصفة الحزم. وفي الوقت الذي بدأت فيه بعض الدول بالتحرك لدخول الساحة العربية قامت المملكة وفي فترة وجيزة بالتخطيط والتنفيذ لأكبر مناورة رأتها المنطقة اشترك فيها الكثير من الدول العربية والإسلامية. واعتقد الكثير أن العلاقة السعودية المصرية يشوبها نوع من الفتور والاختلاف لتأتي هذه الزيارة لتقطع الطريق على من أراد التشويش والتشكيك في علاقة البلدين. ورغم أن الكثير من الساسة والمحللين راهنوا على فتور العلاقات وأيضا راهنوا على أن مصر ستمر بنكسة اقتصادية تتسبب في فقد الأمن والأمان قامت المملكة بالتوافق مع الخطط المصرية بالإعلان عن خطط من شأنها أن تغير الخريطة الداخلية لمصر. فقد تم التخطيط لإحياء أرض سيناء والتي تشكل جزءا كبيرا من مساحة مصر لتكون أرضا تختلف عن ما هي عليه اليوم. وفي الوقت الذي تشكك فيه بعض مراكز التحليل الاستراتيجي حيال عدم القدرة على تنفيذ مشاريع استراتيجية ضخمة بين البلدين، فإذا بالملك سلمان بن عبدالعزيز يفاجئ العالم بالإعلان عن ربط البلدين بجسر سيكون رابطا ليس للتنقل فقط، بل سيكون له بعد استراتيجي. وبصورة تلقائية اقترح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أن يزيد الجسر جمالا بتسميته جسر الملك سلمان. وأخيرا.. رأى العالم زيارة قصيرة للملك سلمان إلى مصر، ولكنها زيارة من الواضح أنها ستغير الخريطة الجيوسياسية في المنطقة.