تظل العلاقة بين مصر العروبة والمملكة العربية السعودية علاقة متجذرة، لها أصولها المتينة التي تزيد متانة مع مجمل الأحداث التي يجد فيها الجانبان المصري والسعودي كلاهما عمقاً إستراتيجياً للآخر، فمع الأحداث التي أصابت الأمة العربية، كان كلاهما سنداً للآخر، منذ عهد صقر الجزيرة العربية الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، حيث دعا الملك عبدالعزيز، الملك فاروق؛ لزيارة المملكة، حيث عقدا في 16/ صفر/ 1364ه الموافق 24/ يناير/ 1964م، «قمة رضوى»، واتفقا على تطوير العلاقة بين البلدين الكبيرين المملكة ومصر، وتحديد ملامح هذه العلاقة؛ لتبقى راسخة على مر الأيام، كما اتفقا على تأسيس جامعة الدول العربية، وفي السنة التي أعقبتها دعا الملك فاروق، الملك عبدالعزيز؛ لزيارة مصر الكنانة، ولقد استقبلت مصر -قيادة وشعباً- الملك عبدالعزيز استقبالاً حافلاً؛ ينم عن روح العلاقة الكبيرة التي تعم البلدين الشقيقين، ولقد قال الأديب «الموسوعة» عباس محمود العقاد قصيدة ثناء بين يدي الملك عبدالعزيز، في الخامس من صفر عام 1365ه، تعكس القصيدة ما تحمله مصر وشعبها من حب وتقدير للملك عبدالعزيز، كما ذكر عمق تلك العلاقة، في كتابه "مع عاهل الجزيرة العربية"، يقول العقاد: أسد العرين يخوض غيل الماء ¿¿ يا بحر راضك قاهر الصحراء حياه باديها وحاضرها معاً ¿¿ فاغنم تحية يومه الوضاء وتحتل مصر مكانة عظيمة في قلب كل ملك سعودي، منذ عهد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- وحتى عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله ، ولقد وقفت المملكة مع مصر ضد العدوان الثلاثي، وما أعقبها من أحداث، وفي حرب 1973م، وفي كل الأحداث. وعلاقة مصر والمملكة تشكل الجانب الأكثر رسوخاً بين الدول الإسلامية والعربية، فمصر العروبة تشكل العمق الإستراتيجي الجغرافي والاقتصادي، والسياسي، وتتمتع بقوة عسكرية لا يستهان بها، فلقد أسقطت مصر وهم إسرائيل بأنها القوة العسكرية العظمى في المنطقة، وذلك بتحطيم الجندي المصري لخط بارليف في سيناء مصر أثناء حرب رمضان 1973م. لقد اختار الملك سلمان زيارته التاريخية لمصر في وقت أحوج ما يكون إليه العرب لجمع شمل التعاون العربي، وردع الصدع فيما ينشأ من نزاعات بين العرب، ويدرك خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بثاقب رؤيته، ما تمثله هذه الزيارة من أهمية لمصلحة البلدين الشقيقين وللأمة العربية والإسلامية، ونتيجة لمواقف المملكة التاريخية مع مصر، فقد وقفت مصر مع المملكة في حرب تحرير الكويت عام 1990ه، وفي التحالف العربي في عاصفة الحزم؛ لتحرير اليمن من براثن الحوثيين والإيرانيين، وها هي تقف مع التحالف الإسلامي وتشارك في تمرينات رعد الشمال. اللهم وفق القائدين العظيمين لما يحقق أمل الأمة، ويرد كيد أعدائها. وتبقى مصر عمقاً للمملكة، والمملكة عمقاً لمصر.