وصلت العلاقات المصرية السعودية في عهد الملك سلمان والرئيس السيسي إلى أعلى مستوياتها بعد التعاون عسكريا واقتصاديا واستراتيجيا بين البلدين، برز من خلال دعم المملكة اقتصاديا لمصر ومشاركة القاهرة ضمن قوات التحالف العربي في اليمن والتحالف العسكري الإسلامي بقيادة الرياض. وتكلل هذا التعاون بزيارة رسمية قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز هي الأولى له إلى مصر منذ وصوله إلى سدة الحكم، بعد سلسلة من الزيارات الناجحة للرئيس السيسي إلى السعودية. وأصدر القسم الإعلامي التابع للسفارة السعودية في القاهرة تقريرا كبيرا استعرض خلاله العلاقات بين القاهرةوالرياض في عهد الملك سلمان والرئيس السيسي وتطرق خلاله إلى الجوانب السياسية والاقتصادية والعسكرية بين البلدين الكبيرين في المنطقة. وقال التقرير : إن "منذ توليه مقاليد الحكم، حرص الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود على استمرار تكامل العلاقات السعودية - المصرية. وتأتي أول زيارة لخادم الحرمين الشريفين الى بلده الثاني مصر تتويجا لهذه العلاقة بين البلدين الشقيقين. وتهدف الزيارة إلى توافق التوجهات في مجمل القضايا العربية٬ وتكاملها تحقيقا للآمال العربية والإسلامية بسبب هذا المستوى من التنسيق الدائم. وتُعد هذه الزيارة امتدادا لسياسة التقارب والإخاء بين البلدين منذ عقود وامتدادا للمواقف التي تم الإعلان عنها في إعلان القاهرة التاريخي في الثلاثين من شهر يوليو عام 2015". ووصف وزير الخارجية السعودي عادل الجبير زيارة خادم الحرمين الشريفين مصر ب "التاريخية"، وقال: سيتم خلالها توقيع العديد من الاتفاقيات التي تخدم مصالح البلدين والأمن والاستقرار. ويقول السفير المصري لدى السعودية ناصر حمدي : إن الزيارة التي سيقوم بها خادم الحرمين الشريفين إلى مصر تؤكد عمق العلاقات ومتانتها، وتدحض كافة الأقاويل التى شهدتها الفترة الأخيرة، بأن العلاقات كانت يعتريها بعض الخلافات، فيما دشن سفير المملكة لدى القاهرة أحمد قطان هاشتاج: #الملكسلمانفيبلدهالثاني_مصر، على مواقع التواصل الاجتماعي ( فيسبوك وتويتر ). ومن المقرر أن تشهد الزيارة استعراضا لمجمل القضايا التي تهم البلدين، وأن تشمل المباحثات كافة الأمور المتعلقة بتحقيق الاستقرار وتعزيز التعاون السياسي والاقتصادي، بين البلدين، بالإضافة إلى إطلاق عدد من المشروعات التي تم الاتفاق عليها خلال "المجلس التنسيقي السعودي المصري"، ومنها تلبية احتياجات مصر من المشتقات البترولية، لمدة خمس سنوات. ويرى محللون سياسيون واستراتيجيون أن زيارة الملك سلمان القاهرة سوف تقطع الطريق على الشائعات التي يتم تداولها بوجود خلاف بين البلدين، وسوف تكتم الأفواه التي تروج بأن القاهرةوالرياض على خلاف سياسي، وأن هناك اتجاها داخل السعودية لوقف الدعم اللوجستي لمصر وإيقاف الإمدادات الاقتصادية لها. ونشرت سفارة المملكة لدى القاهرة عبر حسابها على تويتر وتحت هاشتاج #الملكسلمانفيبلدهالثاني_مصر، مجموعة من الصور التي ترصد العلاقات بين القاهرةوالرياض، منها صور البعثة الدراسية السعودية الأولى في مصر عام 1928، وصور للمشاركة السعودية في بروتوكول الإسكندرية وأعمال اللجنة التحضيرية لإنشاء جامعة الدول العربية 1944. تعاون عسكري غير مسبوق وصل التعاون العسكري والاستراتيجي بين المملكة ومصر في عهد سلمان والسيسي إلى مستوى غير مسبوق من التنسيق والتنفيذ بعدما تشاركا في التحالف العربي في اليمن. وانضمت مصر للتحالف العسكري الاسلامي الذي أسسته الرياض، وكذلك التشارك في مناورات عسكرية أخيرة دل على أهميتها القصوى حضور خادم الحرمين الشريفين بنفسه يومها الختامي. وأبرز هذا التعاون العسكري والاستراتيجي فعلا لا مجرد القول للقاهرة والرياض اللذين تحولا فعليا لدرع وسيف للعرب يحميان الامن القومي للإقليم المضطرب من انياب القوى الاقليمية التي تحاول التدخل في مفاصله. ودائما يشدد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي : إن أمن المملكة العربية السعودية ودول الخليج جزء لا يتجزأ من أمن مصر، فضلا عن عبارته الشهيرة التي قالها أثناء ترشحه للانتخابات المصرية عندما سُئل عن أمن الخليج فرد : "مسافة السكة". ويرى اللواء أركان حرب حسن الزيات قائد الجيش الثالث الميداني الأسبق والخبير العسكري أن "ازدياد التعاون المصري السعودي العسكري أمر طبيعي، فأمن السعودية والخليج من أمن مصر وهو خط أحمر كما أعلن الرئيس السيسي من قبل". وفي 26 مارس 2015، أعلنت المملكة السعودية عن تدشين تحالف عربي عسكري بمشاركة مصر وضم دولا خليجية وعربية وإسلامية لدعم شرعية الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ضد سيطرة ميليشيا الحوثيين وأنصار الرئيس السابق علي عبدالله صالح. وقالت مصر في بيان إعلان مشاركتها فيها: إن "التنسيق جار مع السعودية ودول خليجية بشأن ترتيبات المشاركة بقوة جوية وبحرية مصرية، وقوة برية إذا لزم الأمر، في إطار عمل الائتلاف، دفاعا عن أمن واستقرار اليمن وحفاظا على وحدة أراضيه وصيانة لأمن الدول العربية الشقيقة". وفي يناير الفائت وافق مجلس الدفاع الوطني المصري على تمديد مشاركة العناصر اللازمة من القوات المسلحة المصرية في مهمة قتالية خارج الحدود للدفاع عن الأمن القومي المصري والعربي في منطقة الخليج العربي والبحر الأحمر وباب المندب، لمدة عام إضافي أو لحين انتهاء مهمتها القتالية أيهما أقرب". وأشار الزيات في تصريحاته ل "اليوم" الى أن "سبب التحالفات العسكرية التي دخلتها مصر والسعودية مؤخرا لمواجهة خطر النفوذ الإيراني الذي يهدد أمن المملكة السعودية والخليج". وأعلنت المملكة فجر 15 ديسمبر الفائت عن تحالف عسكري إسلامي يضم: مصر و33 دولة أخرى لمحاربة على الإرهاب. كما استمرت التدريبات المشتركة المصرية السعودية البرية والجوية والبحرية، وكان آخرها مشاركة مصر المتميزة بقوة كبيرة عددا وعتادا في المناورة العسكرية التي وصفت بأنها الأكبر في المنطقة التي نظمتها المملكة السعودية وأطلقت عليها اسم "رعد الشمال" في منطقة "حفر الباطن"، وهو ما يؤكد أن مصر والسعودية دوما كانا درعا وسيفا للامة العربية. المملكة تدعم الاقتصاد المصري دعمت المملكة العربية السعودية الاقتصاد المصري عقب الثالث من يوليو 2013، وقدمت مليارات الدولارات في شكل ودائع واستثمارات مباشرة في السوق المصري الذي كان يعاني حصارا اقتصاديا من بعض دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدةالأمريكية رفضا لنظام 30 يونيو. ومع وصول الملك سلمان إلى كرسي الحكم خلفا لأخيه الراحل الملك عبدالله واصل دعمه للنظام المصري بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي. وحسب التقرير الصادر عن سفارة المملكة لدى القاهرة قام الرئيس المصري في مطلع شهر مارس 2015م في أول زيارة للمملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين الذي كان في مقدمة مستقبليه بمطار الرياض٬ حيث أكد الزعيمان خلال اجتماعهما على تعزيز العمل الاستراتيجي وتطوير العلاقات. وعقب هذه الزيارة، وتحديدا في 13 مارس 2015م، قدمت المملكة دعما لمصر بأربعة مليارات دولار في المؤتمر الاقتصادي الذي عُقِد بمدينة شرم الشيخ. وتقول الدكتورة نهى بكر أستاذ العلوم السياسية : إن "العلاقات المصرية السعودية بعد 3 يوليو أصبحت أكثر تميزا عن ذي قبل". وأوضحت بكر أن التعاون والتكامل بين البلدين يزيد قوتهما وحضورهما الإقليمي. السفير المصري لدى السعودية ناصر حمدي قال : إن الزيارة ستحمل في طياتها توقيع عدد من الاتفاقيات؛ حيث سيوقع العاهلان السعودي والمصري عددا من الاتفاقيات التي جرى التفاوض عليها خلال جلسات مجلس التنسيق السعودي المصري خلال الأشهر الماضية، بحضور الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع وعدد من المسؤولين من الجانبين. وقدمت السعودية والإمارات والكويت دعما سخيا لنظام السيسي عقب الثالث من يوليو 2013. فقد قدمت بشكل علني نحو 23 مليار دولار، في صورة شحنات نفطية ومنح نقدية، وودائع تمت إضافتها للاحتياطي الأجنبي بالبنك المركزي خلال العامين ونصف العام الماضيين، في حين يقدر آخرون حجم المساعدات الخليجية المقدمة بأكثر من 50 مليار دولار.