صدر يوم الاربعاء الماضي تقريرٌ عن أكثر الشعوب سعادة، أشرف عليه المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة البروفيسور الأمريكي "جيفري ساكس"، تقدمت فيه دولٌ هي (الأسعد)، وتأخرت أخرى وُصِفت ب (الأتعس)!! وأنا أقرأ التقرير تساءلت كثيراً: ما مقياس السعادة؟ وهل يمكن أن يتفق العالم على أسبابها؟ وهل هناك سعادة كاملة؟ من الغريب - حسب التقرير - أن تجد دولةً مثل الولاياتالمتحدة تخرج من قائمة العشر الأكثر سعادة، وفي المقابل ما تزال تحافظ على تقدم ترتيبها دولة لا تكاد تذكر وهي كوستاريكا، التي ليست ذات قوةٍ اقتصاديةٍ او حتى عسكريةٍ؛ فهي لا تملك جيشاً منذ أكثر من نصف قرن! وقد اختلفت نظرات الناس للسعادة باختلاف طباعهم ورغباتهم وتطلعاتهم وحتى مجتمعاتهم.. بعضهم يراها في المال والسفر والجاه والصحة، وآخرون يرونها في الزوجة والأولاد والعمل والدراسة، وربما يراها آخرون في القرب من الحبيب أو التخلص من الخوف والشعور بالامان، او في التبتل الروحي او مساعدة مسكين.. ومع ذلك لن تستطيع ان تجزم بأن كل هؤلاء حقاً يشعرون بالسعادة!. .. ولعلك تجد هذه الإشكالية حول ماهية السعادة وكيفية تحصيلها عند كثيرٍ ممن عرّفوها، كأفلاطون الذي اعتبر ان السعادة هي فضائل النفس (الحكمة والشجاعة والعفة والعدالة)، وأرسطو الذي يقول إنها هبةٌ من الله، أما النفسيون المعاصرون فيعرفونها بأنها انعكاسٌ لمعدلات تكرار حدوث الانفعالات السارة. يقول أحدهم: اللذة سعادة. وقال آخر: بل الراحة هي السعادة. وفي رأيي أنها مزيجٌ متزنٌ بين كثيرٍ من الحقوق والصفات والممارسات التي نعيشها وتفرضها علينا الحياة أو نفرضها نحن، فهي إيمان روح وأمان مطلق وصحة بدن، كما أنها حب وتعاون ومبادرة وانتماء وعمل ونجاح وإيثار وقناعة.. وأخيراً، حاولوا أن تعرفوا لغز السعادة في كوستاريكا!.