عمت أجواء من الغضب الشعبي والانتقاد السياسي الفلسطيني لإسرائيل، عقب إقدام مستوطنين إرهابيين فجر الأحد، على إحراق منزل الفلسطيني إبراهيم دوابشة الشاهد الوحيد على جريمة حرق عائلة دوابشة في 31 من يوليو من العام الماضي، في قرية دوما جنوب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، والتي راح ضحيتها الرضيع علي (عام ونصف)، ووالديه سعد وريهام، فيما نجا الطفل احمد (5 أعوام). وقال مراسل "اليوم" نقلا عن شهود عيان بالقرية: "إن عددا من المستوطنين المتطرفين أضرموا النار في منزل دوابشة بعدما ألقوا عددا من الزجاجات الحارقة تجاهه بذات الطريقة التي أحرق فيها منزل عائلة دوابشة العام الماضي". وأضاف الشهود: إن "تدخل سكان المنطقة بالوقت المناسب حال دون موت عائلة الفلسطيني إبراهيم، والتي أصيبت باختناق". واندلعت مواجهات عنيفة بين الجيش الإسرائيلي ومواطني القرية، أصيب خلالها ثلاثين فلسطينيا بالاختناق جراء إطلاق قوات الاحتلال وابلا من قنابل الغاز المسيل للدموع. ووفقاً لمصادر أمنية فلسطينية، فإن جنديا إسرائيليا أصيب خلال المواجهات بعد رشقه بالحجارة من قبل الشبان. وأوضحت المصادر الأمنية ل"اليوم" أن قوة كبيرة حاصرت القرية بزعم محاولتها البحث عن المستوطنين الذي نفذوا الجريمة. وأمر جهاز الأمن العام "الشاباك" بفرض حظر على نشر أي تفاصيل حول التحقيق في إحراق بيت الشاهد الوحيد على جريمة حرق منزل عائلة دوابشة في قرية دوما. واعتبر أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح الدكتور أمين مقبول أن حرق منزل الشاهد الوحيد على جريمة عائلة دوابشة هو دليل إضافي على مدى عدوانية المستوطنين الإرهابيين الذي يتلقون دعماً مباشراً من حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة، مؤكداً أن المستوطنين يحاولون طمس حقيقة قتلهم لعائلة الدوابشة حرقاً وهم أحياء، عبر تنفيذ ذات الجريمة مع الشاهد الوحيد. وتوقع مقبول خلال حديثه مع "اليوم" أن يكرر المستوطنون جرائم حرق منازل أخرى لمواطنين فلسطينيين في مدن الضفة الغربية، قائلاً: "نحن نتوقع جرائم أكبر من جريمة الحرق خاصة في ظل التشجيع المنظم للمستوطنين من قبل الحكومة الإسرائيلية المتطرفين"، مؤكداً أن الجيش يمارس كل يوم جرائم الإعدامات اليومية بحق الفلسطينيين". وطالب المجتمع الدولي بأن ينظر إلى جرائم المستوطنين بنظرة جادة ويفهم تماما أن الاحتلال لن يترك أي وسيلة عدوانية إلا وسيستخدمها ضد الشعب الفلسطيني. وأوضح أن جريمة المستوطنين تؤكد أن الاحتلال يضرب بعرض الحائط كل القوانين الدولية والإنسانية. ولفت إلى أن حركته تعمل على تعزيز تواجد لجان الحراسة الفلسطينية التي جرى تشكيلها لحماية المدن الفلسطينية من هجمات قطعان المستوطنين. وذكر أن الجريمة تزامنت مع عقد بين النائب العام لمحكمة الجنايات الدولية والجانب الفلسطيني في عمان، في أعقاب منع السلطات الإسرائيلية منحها تصريحا لدخول الأراضي الفلسطينية، مؤكداً أن جرائم المستوطنين سترفع للجنايات. وبدوره، أكد الدكتور سامي أبو زهري المتحدث الرسمي باسم حركة حماس أن حرق منزل الشاهد الوحيد على جريمة عائلة دوابشة عمل عنصري، ويبرهن عن وجود رغبة لدى الاحتلال الإسرائيلي في إخفاء أي أدلة متعلقة بالكشف عن المتورطين بالجريمة من قطعان المستوطنين الإرهابيين، قائلاً خلال حديثه مع "اليوم": نحن "أمام عنصرية إسرائيلية بكل ما تحمله الكلمة من معنى". وأوضح أن الفلسطينيين ليس أمامهم أي خيارات غير الدفاع عن أنفسهم في مواجهة الإرهاب الإسرائيلي، مشيراً إلى أن جرائم المستوطنين تعطي مؤشراً مهماً في اتجاه تطوير انتفاضة القدس، ومنحها كافة وسائل القوة ليتمكن الفلسطينيون من مواجهة الجرائم الإسرائيلية المنظمة بحقهم. وبين أبو زهري أن صمت المجتمع الدولي تجاه جرائم المستوطنين اليومية يمنحهم تصريحاً، ويوفر لهم غطاء حقيقيا لارتكاب مزيد من الجرائم، مؤكداً أن كافة جرائم المستوطنين تصنف جرائم حرب حقيقية ضد الإنسانية، ومخالفة للقوانين الدولية، قائلاً: "للأسف المجتمع الدولي يتعامل بازدواجية المعايير، مطالباً المجتمع الدولي بأن يتحرك ويتحمل مسؤوليته تجاه جرائم المستوطنين. وانتقد أبو زهري مواقف السلطة الفلسطينية تجاه جرائم المستوطنين، واعتبرها دون المستوى المطلوب، مبيناً أن السلطة مطلوبة لتتحرك في اتجاه جلب قادة الاحتلال إلى المحاكم الدولية لمعاقبتهم. وقال: "جلب قادة الاحتلال للمحاكم حق فلسطيني لم يفعل بالطريقة المناسبة". واعتبرت الحكومة الفلسطينية، في أول تعليق رسمي لها، أن الجريمة تمثل تصعيدا يندرج تحت سياسة الإعدام الميدانية اليومية ضد الأطفال والشبان، والاستيلاء على الأراضي والممتلكات، وفرض سياسة العقاب الجماعي، وتدنيس المقدسات، وإفلات قطعان المستوطنين ضد الأهالي الآمنين في بيوتهم. وأوضحت الحكومة في بيان وصل ل"اليوم" نسخة منه أن الاحتلال يعيد إنتاج كافة أساليبه وخياراته الانتقامية من الفلسطينيين، بهدف ترهيبه وتركيعه، من أجل الضغط على مواقف القيادة. وأكدت الحكومة أن تلك الأساليب لن تجد لها أي جدوى لا في الحاضر ولا في المستقبل. وقالت: "شعبنا مؤمن بنيل كافة حقوقه بالحرية والاستقلال، وإقامة دولته كاملة السيادة". ومن ناحيتها، أدانت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حنان عشراوي جريمة حرق منزل دوابشة، ووصفتها بأنها امتداد لنظام الابرتهايد الذي تمثله حكومة التطرف الإسرائيلية ومستوطنوها. وطالبت المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته السياسية والقانونية والأخلاقية واتخاذ إجراءات عاجلة لردع قوة الاحتلال ومساءلتها ومحاسبتها على جرائمها، وتوفير الحماية الدولية العاجلة للفلسطينيين إلى حين إنهاء الاحتلال. حسب بيانها الذي خصت "اليوم" بنسخة عنه.