استعادة قطاع بيع وصيانة الجوالات من العمالة الوافدة يتوافق مع متطلبات التحول الوطني وعملية التوطين، التي ينبغي ألا تحتاج الى أكثر من هذه الخطوة لفتح مزيد من المسارات العملية والوظيفية للشباب من الجنسين، والشاهد المؤكد على ذلك انضمام أكثر من ثلاثين ألفا لطلبات البرامج التدريبية التي أعلنتها المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، ولأن هناك أصواتا تطالب بتوطين التقنية، فإن المبادرة الأكثر من رائعة جاءت من خلال الاتفاق مع شركة سامسونج العالمية للمساهمة في التدريب وتأهيل الراغبين لأعمال الصيانة، وهو نشاط ذو مردود عال من واقع الكثافة الاتصالية وامتلاك الكثيرين لجوالات أصبحت من عصب الحياة المعاصرة. مثل هذه الخطوة كفيلة بتعزيز فكرة التوطين بصورة إيجابية وإثرائية، وننتظر القطاع التالي الذي يتم استعادته من الوافدين، دون أن نتعاطى معهم بغلظة بالتأكيد، فهم لهم دورهم ولا شك في المساهمة في التنمية، ولكن حتى هنا ونرفع التحية؛ لأن هناك حاجة بالفعل للأعمال التي استفادوا منها كثيرا، فيما يحتاج ذلك أبناء الوطن، ولا تنقصهم المهارات والقدرات، ولكن تلك مجالات تركوها بمحض إرادتهم، فلم يقتربوا من كثير من الأعمال التي ثبت أنها مصدر دخل كبير، حتى أن بعض الوافدين أثروا منها، فيما يتمرغ أبناء الوطن في وظائف هامشية أو دون طموحاتهم أو ينتظرون وظائف، وذلك كما ذكرت سابقا جزء من تعقيداتهم للفكرة العملية والأعمال التي يمكن شغلها، فثقافة العيب في العمل انتهت وليس شرفا أن يكون أحدهم عاطلا رغم وجود أعمال شريفة يراها تحط من قيمته أو قدره، لأنه لا يوجد كسب مشروع يحط من قيمة إنسان، فهؤلاء الوافدون الذين أثروا من العمل في الأعمال المنبوذة اجتماعيا أصبحت لهم قيمة في بلادهم، فيما يفضّل البعض البطالة على الكسب المشروع والشريف من مهن يحتقرها، ولا يعلم أن ذلك يجعله متواضعا في القيمة الاجتماعية طالما ظل بلا عمل أو مصدر رزق وكسب. الاتجاه نحو الأعمال ذات المردود الإيجابي، ماليا ومعنويا، يجب أن يستمر ويفتح للشباب، فاليوم ليس كأمس، والحياة تحتاج أكثر من السلبية التي يعيشها البعض، والزمن يمضي وكل دقيقة فيه تمر دون أن يحصد فيها الشاب أو الشابة مكسبا ماليا أو معنويا يضيف الى خبراته وقدراته ويطور مهاراته إنما هو في الواقع خسارة لنفسه وقيمته الحقيقية التي ترتكز على إنجاز عمل مفيد يضيف الى نفسه ومجتمعه ووطنه، حتى يتحقق التحول الكبير في بنيتنا العملية ونصبح أكثر انتاجية وفعالية في بناء الوطن.