أوضح خبراء في الشأن العقاري أن اتفاق مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» مع وزارتي المالية والإسكان على تخفيض الدفعة الأولى للتمويل العقاري من 30% إلى 15% يعتبر خطوة جديدة، لكنه لن يحل مشكلة الإسكان بالشكل المرجو، مؤكدين أن دور هذه الجهات كان من المفروض أن يكون بإلزام البنوك بتخفيض أرباحها البالغة أكثر من 50% من قيمة المنتج العقاري والتي عرضت المقترضين للإفلاس. قوة العقار وأكد المطور العقاري عبداللطيف الفرج أن قرار تخفيض الدفعة الأولى التي يدفعها المستفيد من 30% إلى 15% هي خاصة فقط بالمواطنين الحاصلين على قروض من صندوق التنمية العقاري، ولكن في نفس الوقت هناك تأخير في صرف مستحقات الصندوق دون إعادة ترتيب الأوراق، مما يؤثر على وضع السوق العقاري ويؤدي إلى استمرار الركود. وعن الانعكاسات جراء تخفيض الدفعة الأولى وشروط البنوك أوضح الفرج قائلا: إن المطورين العقاريين مستعدون لكافة الظروف، ولكنهم يواجهون حربا مع الإعلام والركود الذي يعيشه السوق حاليا، علما بأن المطورين كانوا يقومون بدور وزارة الإسكان قبل إنشائها، لذلك يجب وضع استراتيجية بين وزارة الإسكان والإعلام من أجل النهوض بالقطاع العقاري، كما أن قرار إلزام المشتري بدفع 30% من قيمة العقار صدر في وقت كان السوق في أمس الحاجة له حتى يهبط من قوة العقار، ولكن البنوك نفسها تتطلع إلى أن يتحسن السوق في ظل انخفاض أسعار النفط والركود الاقتصادي العالمي حتى تستطيع تقديم خدمات أفضل. تخفيض الأرباح وقال الخبير العقاري عادل الدوسري: إن اتفاق مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» مع وزارتي المالية والإسكان على تخفيض الدفعة الأولى للتمويل العقاري من 30% إلى 15% للمواطنين لتملك العقار السكني يعتبر خطوة جديدة، ولكنها لم تحل المشكلة بالشكل المرجو في ظل وجود ركود كبير في سوق العقار السعودي لعدم وجود مشترين للوحدات السكنية والأراضي المعروضة للبيع نتيجة ارتفاع اسعارها إلى أرقام تفوق قدرة المواطن الشرائية، وإذا كانت هذه الجهات تعمل على تحريك السوق فهو عين الصواب ولكن ليس بهذه الطريقة غير المجدية. وأضاف: هناك غياب تام للبنوك المحلية في المساهمة في تذليل الصعوبات أمام المواطنين من خلال تمويلهم للحصول على مساكن بفوائد معقولة وتتناسب مع دخلهم، ولكن ما نلاحظه من هذه البنوك هو استغلال المواطنين وذلك برفع معدل أرباحها إلى أكثر من 50% ورفع الأسعار وإبقاء المشكلة على ما هي عليه دون الالتفات إلى أهمية دورها في المساهمة بالنهضة العقارية وتخفيض الربح على المواطن. وزاد الدوسري: يجب أن تقف مؤسسة النقد بحزم مع البنوك وإلزامها بتطبيق آلية جديدة بالتعامل مع القروض العقارية والشخصية، لأن ما نشهده حاليا هو أن هناك تركيزا على نسبة الأرباح واستغلال المواطن بالنسبة للشروط والفوائد، ولذلك نرفض أن تكون مصلحة البنوك بشكل عالٍ ومعيق للمواطن الراغب بشراء سكن عن طريق التمويل العقاري، موضحا ان السوق العقاري يعاني ركودا منذ 3 سنوات لعدم وجود مشترٍ للمنتجات العقارية بسبب ارتفاع الأسعار وأرباح البنوك مع شروطها التعجيزية مثل دفع نسبة من قيمة العقار (30%)، إضافة إلى تأمل المواطنين بالحصول على مساكن من وزارة الإسكان، وهذه كلها عوامل جعلت كثيرا من المواطنين يبقون في مساكن مؤجرة وصرف النظر عن تملك الوحدات المعروضة للبيع. وأكد الدوسري أن إلزام المواطن بدفع 30% من قيمة العقار لم تؤثر عليه فقط وإنما أثرت حتى على الشركات العقارية والتمويلية وجعلتها تتوقف عن البيع بدليل أن هناك مشاريع إسكانية في المنطقة توقف تنفيذها ولم يبع من وحداتها إلا حوالي 30% تقريبا لأن أصحابها وجدوا أن الإقبال على الشراء ضعيف جدا. وطالب الدوسري مؤسسة النقد العربي السعودي ووزارة الإسكان بالتدخل السريع لوضع ضوابط جديدة خاصة بالبنوك أولها إلغاء أي نسبة من قيمة العقارات، وتوحيد كافة شروطها وأنظمتها من أجل مصلحة الوطن والمواطنين. آليات التمويل من جهته، أكد الخبير الاقتصادي وعضو هيئة التدريس بقسم الهندسة الصناعية في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة الدكتور باسل عمر الساسي أن تنشيط عملية الإسكان بشكل صحي ومتوازن نحو تحقيق هدف إسكان المواطنين يتطلب تفعيل ثلاث جهات سويا كحلقة وصل متكاملة مكونة من مؤسسة النقد العربي السعودي كجهة مؤسساتية تشريعية مالية ومنظمة لتدفق السيولة المالية ومسؤولة أيضا عن ايجاد أنجح الطرق لإعادة تدوير الإيداعات المالية الضخمة بشكل يحقق الاستدامة في التنمية الوطنية وخلق بيئة عمل جذابة في مختلف القطاعات الصناعية والتجارية والمواصلات والبنى التحتية والإنشاءات المعمارية لكي تدر الأرباح على التجار وكافة الكوادر الوطنية المؤهلة باشراكهم من قبل التجار وانخراطهم في العملية التنموية كعنصر أساسي ضمن الحلقة المتكاملة، حيث إن الجهتين الثانية والثالثة على التوالي هما المطوران العقاريان المتمثلان في التجار والبنوك التجارية العاملة في الدولة والتي تمول العقاريين والمستفيدين من الأفراد في كل من عمليات قطاع الإنشاءات ابتداء من إعطاء التسهيلات المالية للتجار في استيراد مواد البناء وشحنها من مصادر تصنيعها إلى الداخل وتنفيذ التشييد ومن ثم آخر المطاف تمويل المستفيد النهائي من الأفراد بالقرض العقاري. وقال إن مؤسسة النقد العربي السعودي قامت مؤخرا بمراجعة بند الدفعة المقدمة للمنتج العقاري القائمة على المستفيد النهائي من الوحدة العقارية لصالح الجهة الممولة كخطوة نحو تسهيل وتمكين المستفيد النهائي من الاستحواذ على مسكن خاص وتملكه دون النظر في دراسة ومراجعة تفاصيل آلية التمويل وتذليلها داخل قالب وإطار أكثر إنصافا للمقترض الذي تستنزف مدخراته- إن وجدت- بسبب عوامل متعددة منها غلاء الوحدات السكنية المطروحة معللا ذلك في هوامش الربح المرتفعة جدا والتي تم وضعها من قبل المطورين العقاريين والممولين سويا دون تدخل من وزارة الإسكان للحد من الظاهرة. وأضاف: ان هناك مجالا لتطوير آلية التمويل الحالية واستبدالها بأخرى مبنية على طرح قيمة المبنى من قيمة الأرض القائم عليها طيلة مدة التمويل، علما بأن قيمة المبنى تتناقص مع تقدم الزمان والأرض وحدها تزداد قيمتها مع مرور الزمن، وبالتالي انعكاس فارق الطرح من المعادلة في الأقساط الشهرية سيظهر في إطار وهيكل جديد لنسخة معدلة للآلية يضمن عائدا مجديا للممولين وأقل حدة في استنزاف المقترضين مقارنة بالآلية المطبقة حاليا والتي تضعف القوة الشرائية للمقترضين وتجعلهم عرضة للإفلاس وعاجزين عن إيفاء احتياجات عوائلهم اليومية.