العنف ضد المرأة جريمة يجب أن يُعاقب مرتكبها أشد العقاب والسكوت عنه مشاركة في الإثم. قد تكون المرأة نفسها العامل الرئيس لانتشار الظاهرة حين تستعذب لعق الأسى في سبيل المحافظة على أسرتها، مخيرةٌ هي بين أمرين أحلاهما مرُ. تتقبل العنف فتترك الحبل على الغارب للمعنِّف سواء كان زوجاً أو أخاً أو أباً فيتمادى والسبب هي. بعض الأسر إن لم يكن أكثرها حبيسة العادات والتقاليد البالية لها الدور الأكبر في المشكلة حيث لقنوها فنون الخنوع منذ نعومة أظافرها وجعلوها سلبية، خاضعة، راضية، ترعى شؤون الآخرين، وتتقبل أخطاءهم، وعليها واجب الطاعة والمحافظة على علاقتها الزوجية مهما كان الثمن، نفس محطمة أو جسد منهك. عادات وتقاليد خاطئة، تحول دون تنامي دور المرأة وإبداعها حيث هناك أفكار وتقاليد متجذرة في ثقافات الكثيرين التي تحمل في طياتها الرؤية الجاهلية لتمييز الذكر على الأنثى، مما يؤدي ذلك إلى تصغير الأنثى ودورها، وفي المقابل تكبير دور الذكر، حيث يُعطى الحق دائماً للمجتمع الذكوري في الهيمنة وممارسة العنف على الأنثى منذ الصغر، وتعويد الأنثى على تقبل ذلك وتحمله والرضوخ إليه إذ إنها لا تحمل ذنباً سوى أنها ولدت أنثى. وأسباب أخرى ثقافية كعدم معرفة الزوجة أو الزوج كيفية التعامل مع الآخر، وجهل الزوجة بما لها من حقوق وفي حالة معرفتها تتغاضى عن حقوقها لتعيش وتستمر الحياة. الاختلاف الثقافي بين الزوجين سبب مهم خاصة إذا كانت الزوجة هي الأعلى مستوى ثقافياً يدفع الزوج لاستصغارها وتهميشها، وأحياناً وفي بعض الحالات حرمانها من العمل أو نصب عراقيل وحجج تربكها وتكون سبباً في غيابها المتكرر "غيرة". عنف يمارس بحقها بأنواعه. والجسدي أسوأ، الصفع في الوجه والضرب المبرح بهدف التعبير عن قوة المعنف الجسدية. أما العنف النفسي فهو الأكثر سوءاً، امتهان الكرامة والتحقير وعدم تقدير الذات وعضل الأب أو ولي الأمر للبنت للاستفادة من راتبها والمتاجره في الزواج!! لمن يدفع أكثر والنتيجة يفوتها قطار الزواج ويتجاوزها الخطاب لمن هن أصغر. ولا ننسى النواحي الاقتصادية لبعض الأسر فتدني المستوى المعيشي يتسبب في العنف الأسري، حيث لا يستطيع رب الأسرة التحكم في أعصابه والسيطرة على ذاته. التربية والتنشئة العقيمة التي تعتمد القسوة والتسلط في تربيتها لأبنائها تخلق شخصيات تشعر بالنقص وتغطي نقصها بالعنف، ولا يولد العنف غير العنف الذي من نتائجه الوخيمة تدمير آدمية المرأة وإنسانيتها وفقدان ثقتها بنفسها وشعورها بعدم الأمان، وتدهور دورها ووظائفها الاجتماعية، وعدم قدرتها على تربية أبنائها وتنشئتهم تنشئة تربوية سوية واعتلال صحتها وارد، قد يصل لدرجة الإعاقة الدائمة مما يُولّد تأزماً في بناء الحياة، وفشل المؤسسة الزوجية بالتبعية من خلال تفشي حالات الطلاق والتفكك الأسري مما ينعكس سلبياً على الأطفال. عدم الثقة بالنفس، قلق، وإحباط، واكتئاب، وعزلة، وتقبل الإساءة من أي شخص وفي كل مكان شخصيات مهزوزة، تنتهي بالجنوح والانحراف. لمن تلجئين عزيزتي المعنفة بعد الله؟!! تلجئين لذوي الاختصاص بإبراز كل المشاكل دون خوف، وعرضها على أصحاب الشأن لرفع الظلم عنك وضمان حقوقك بالقانون وتوفير الحماية لك. وعلى المستوى الفردي يؤمل العلاج النفسي والدعم المعنوي والتأهيل لكل المعنفات، وعلى المستوى الاجتماعي يُرجى تثقيف المجتمع من خلال الدورات التوعوية بأخطار العنف ونتائجه. حتى مناهج التعليم يؤمل أن تتضمن برامج توعوية ودروسا وعبرا تربوية، ومسئولية المعلمين والمشرفين التربويين كبيرة فهم صمام الأمان بالنسبة للأجيال القادمة. وأيضاً يؤمل من الأشخاص المعنيين في المجال الطبي، ومجال الخدمات الاجتماعية، والصحة النفسية، وخصوصاً القضاء وهو الأهم. حالة شاهدتها في طوارئ أحد المستشفيات، زوجة أحضرها زوجها للعلاج رأسها مليء بالكدمات وتحت عينها لون أزرق. يسألها الطبيب عن السبب فتجيب بأنها سقطت من السلالم، والمعنِّف ينظر وهو عبارة عن كتلة شرر. تفشي هذه الظاهرة أجزم بأن سببها المعنِّف الذي لا يلقى العقاب الرادع وضعف المعنفة ولا أرى داعياً للتعايش مع العنف مهما كانت الأسباب.