تظاهر حوالي ألفين من قوات الشرطة التونسية بالزي المدني الخميس أمام مقر رئيس الوزراء بالقصبة في العاصمة مطالبين برفع الأجور وتحسين أوضاعهم الاجتماعية، في ثاني تحرك احتجاجي خلال شهر من شأنه زيادة الضغوط على حكومة الحبيب الصيد. وتجاوز آلاف المحتجين بالقوة الحواجز الموضوعة واقتحموا مقر السيادة الاول في تونس القصبة. ورفع الأمنيون المعتصمون أمام قصر الحكومة بالقصبة شعار "ديغاج" (تعني ارحل بالفرنسية) ضد رئيس الحكومة والمدير العام للأمن الوطني. وأكد المحتجون أنهم لن يغادروا ساحة الحكومة بالقصبة، حتى الاستجابة لكل مطالبهم التي دعت إليها النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي. واعتبر المعتصمون أنهم "ضاقوا ذرعا بالوعود الكاذبة وعدم تلبية جملة من المطالب التي رفعوها منها تسوية منحة الخطر". ويخوض الآلاف من الأمنيين اعتصامات مفتوحة أمام المقار الأمنية منذ أسابيع دون التوقف عن العمل للمطالبة بزيادات في المنح المالية وتحسين أوضاعهم الاجتماعية ضمن موجة من المطالب الاجتماعية تجتاح عدة قطاعات أخرى أيضا. يذكر أنه قبل شهر نظم أمنيون وقفة احتجاجية أمام القصر الرئاسي بقرطاج كما يعتصم عدد منهم حتى اليوم أمام مقر رئاسة الحكومة في القصبة. وتوصل عدد من النقابات الى مشروع اتفاق مع رئاسة الحكومة لكن نقابة قوات الأمن الداخلي التي تضم في صفوفها أكثر من 42 ألف عنصر أمني من بين نحو 80 ألفا يعملون في قطاع الأمن، لم توقع على الاتفاق وقالت إنه "مشروع طبقي". ويطالب الأمنيون برفع منح الخطر وساعات العمل الليلية وبخلاص ساعات العمل الإضافية بما يتناسب مع التحديات الأمنية والمخاطر الإرهابية في تونس، ومساواتهم بالامتيازات الممنوحة لأفراد الجيش أثناء التقاعد. وقال شكري حمادة المتحدث الرسمي والمكلف بالشؤون القانونية في نقابة قوات الأمن الداخلي ل"اليوم": "عون الأمن في تونس يعاني من مشاكل اجتماعية ومالية مثل باقي شرائح المجتمع، وزيادة على ذلك يواجهون خطر الارهاب على الميدان بمنحة خطر تقدر ب100 دينار ما يقارب الخمسين دولارا مقابل 400 لأفراد الجيش". وأضاف: "نريد عدلا في التعامل مع افراد الامن والجيش لأننا نشترك في مواجهة نفس المخاطر". وقالت النقابة في بيان لها: إنها ستتخذ إجراءات وتحركات تصعيدية احتجاجية بجميع ولايات الجمهورية ومقاطعة عدة مهام أمنية في صورة عدم التزام الحكومة بتعهداتها بتحسين أوضاعهم ومواصلة التفاوض معها. وهددت بعدم تأمين الجلسات بالمحاكم لمدة ساعتين ومقاطعة تحرير المحاضر ضد المخالفين وتيسير حركة المرور في المعابر البرية ونقل المواد الحساسة، ومقاطعة تأمين الأنشطة الرياضية والثقافية والعمل الإداري في مرحلة لاحقة. غير أن اعتصام الامنين في تونس يعتبر خرقا واضحا للقوانين المنظمة للحياة والعمل النقابي في تونس، كذلك قانون الطوارئ الذي تم تمديده لمدة شهر اعتبارا ممن اول امس وتتمثل هذه الخروقات في خرق للدستور في فصله 36 ''الحق النقابي بما في ذلك حق الإضراب مضمون ولا ينطبق هذا الحق على الجيش الوطني ولا يشمل حق الإضراب قوات الأمن الداخلي والديوانة''. وصولا إلى خرق قانون حالة الطوارئ في فصله 5 "يخول الإعلان عن حالة الطوارئ للوالي في المناطق المشار إليها بالفصل الثاني وبحسب ما تقتضيه ضرورة الأمن أو النظام العام فيما يلي: هذا وقد اعتبر الكثير من الذين تحدثتهم معهم "اليوم" ان ما يحصل امام مقر السيادة الاول في تونس تمردا لقوات الأمن. وصرح الصحفي غفران حسيني ل"اليوم"بقوله: "قد أكون مساندا لمطالب النقابات الأمنية في الزيادة في الأجور، أعلم ما يعانيه رجال الأمن من مشقات وتعب وخصاصة وتضحيات، أقف إجلالا أمام أرواح شهداء الأمن ودمائهم الزكية من أجل تونس، ومن أجلنا نحن.. لكن، أن تقوم النقابات الأمنية بشبه استعراض عسكري أمام مقر رئاسة الحكومة بالقصبة، أن ترفع شعارات فيها الكثير من التمرّد والاستهانة بالدولة، أن تطوف بمقر الحكومة في عمل أشبه بالتطويق الامني والهرسلة لمن بداخل المقر، أن تدخل إلى ساحة القصر الرئاسي السيادي ترفع شعارات ضد رئيس الحكومة وضد الحكومة وتحوّله إلى أشبه بالسوق الأسبوعي وهو المكان الذي يستقبل فيه الرؤساء والوزراء والسفراء والمبعوثين الدوليين القادمين إلى تونس.... فهذا الأمر أقل ما يقال عنه إنه شكل من أشكال التمرّد على الدولة وعلى المؤسسات". وأضاف: إن "ما رأيته وسمعته من شعارات باسم الوطن والشهيد لن تجعلني أصدّق كما لم أصدّق من قبل، أن من رفع قميص عثمان كان يريد قداسة دمه فقط". تبقى الساحة الامنية في تونس معرضة للكثير من الاخطار المحدقة بها خاصة في الوضع الراهن واعتصام الامنين يزيد الوضع تأزما وحدة، فهل ستتحرك الدولة لإيجاد الحلول المناسبة وتهدئة الوضع أم أن الأمر سيتطور؟.