"يقول جبران خليل جبران: أهذه هي الحياة التي كنت أركل بطن أمي لأجلها؟! شنسوي يا بو خليل كلنا مستغربين" هذه الطرفة جميلة المظهر خطيرة المخبر، فظاهرها الطرافة والإسعاد، ولكن باطنها ينوء بالتشاؤم واليأس وقتل الطموح وليست هذه الطرفة هي من تحمل هذه السموم فقط، بل إن هناك طرحاً موجوداً في الساحة اليوم من أصحاب رأي وتأثير، لا يحمل إلا التشاؤم وتدمير الشباب الطموح! فلا حديث لديهم إلا عن المجتمع الذي لا يقدّر المبدعين، وأن "مزمار الحي لا يطرب"، وأنك "تعمل أو لا تعمل لن يشكرك أحد"، وفوق ذلك عندما يتحدثون عن مسيرتهم يقدمونها بصورة درامية، وكأنهم يقولون لغيرهم: مستحيل! أن تستطيعوا ما استطعنا! أيضاً الآباء مشاركون -وللأسف- في حمى قتل الأشياء الجميلة في الحياة، من خلال غرس سوء الظن في قلوب أبنائهم تجاه أقاربهم ومجتمعهم، فالأقارب عقارب! كما أن هؤلاء الأقارب يحسدونهم ويكيدون لهم ولا يحبون لهم الخير أبداً، وبذلك يعيش الابن في قلق ونظرة سوداء للمجتمع من حوله، وفي هذا خطر كبير! يجب أن نكون واقعيين، فليست الحياة جميلة على الإطلاق، وكما قال أبو الحسن التهامي: طبعت على كدر وأنت تريدها صفواً من الأقذاء والأكدار ومكلّف الأيام ضد طباعها متطلبٌ في الماء جذوة نار وإذا رجوت المستحيل فإنما تبني الرجاء على شفير هار ولكنها أيضاً ليست سوداء قاتمة كما قال جبران خليل جبران، بحيث يندم من قدم إليها على هذا القدوم غير الاختياري، وفوق ذلك فمعظم الاتهامات الموجهة لهذه الحياة وأهلها بما يحمله من نسب مئوية (90 بالمائة من الشعب) مجرد أحكام عاطفية غير مبنية على أي بيانات صادقة! بدلاً من تضييع الوقت فيما لا ينفع، لنستغل أيام هذه الحياة من أجل الحياة الحقيقية. وكما قال أمير الشعراء أحمد شوقي: المجدُ والشَّرفُ الرفيعُ صحيفة ٌ جعلتْ لها الأخلاقُ كالعنوان وأحبُّ من طولِ الحياة ِ بذلة ٍ قصرٌ يريكَ تقاصرَ الأقران دَقَّاتُ قلبِ المرءِ قائلة ٌ له إنَّ الحياة َ دقائقٌ وثواني فارفع لنفسك بعدَ موتكَ ذكرها فالذكرُ للإنسان عُمرٌ ثاني متخصص بالشأن الاجتماعي