بعض الدول العربية والشقيقة لديها على ما يبدو نزعات قاتلة لتدمير العلاقات الأخوية، وذلك لا يتطلب أكثر من إطلاق تصريحات عدائية مسيئة والقيام بتصرفات لا تتفق مع روح الود ومتطلبات العلاقات الدولية، فحين يحمل تكوين أي دولة كيانا غير منسجم مع السياسات العليا وتوجهات الدولة وخارجا عن السيطرة فإنه يمثل قنبلة موقوتة لنسف المصالح والعلاقات المشتركة، وذلك ما حدث في الجمهورية اللبنانية. لقد قطعت المملكة مساعدات معلنة بمبالغ ضخمة للبنان في وقت لم ينجح فيه بالسيطرة على تدخلات حزب الله الذي يعتبر جزءا من المكون الاجتماعي والسياسي وليس المتصرف في دفّة الدولة اللبنانية، وذلك وضع خاطئ لم يتم تصحيحه فكانت النتيجة أن لبنان لم يستطع أبدا في ظل هذا الوضع الشاذ والغريب أن يتخذ موقفا مشرفا يتسق مع دور المملكة في استقراره، وكان موقفه في الجامعة العربية لدى مناقشة الهجوم على السفارة والقنصلية السعودية في إيران غريبا وعدائيا للغاية ونتيجة لذلك برزت لبنان الدولة الوحيدة التي لم توافق على قرار إدانة الهجوم رغم مخالفته لكل الأعراف الدولية. حين يختطف حزب الله الدولة اللبنانية فليقم بأمرها، ولا يمكن مساعدة عدو يلتهم المساعدات ثم يوجه السلاح اليك، فذلك وضع غير منطقي ولا يتناسب مع العلاقات التاريخية ودور المملكة في سلامة واستقرار لبنان منذ اتفاق الطائف والاستمرار في دعم الدولة ومنعها من الانهيار حتى اللحظة التي استأسد فيها حزب الله لتنفيذ أجندة إيران وتحويل وجهة البلد بأكمله اليها، لذلك من الطبيعي أن تقطع المملكة مساعداتها عن لبنان وهو أمر نتفق معه جملة وتفصيلا، وعلى الساسة اللبنانيين وكل من يعترض أن يصحح الأوضاع المغلوطة ووضع حزب الله في موضعه المناسب فهو جزء وليس الكل، ولا يمكن تصوّر أن كل الدولة بيده فيما البقية كومبارس وقليلو حيلة لا قدرة لهم على إدارة شؤون الدولة بمعزل عن الاختطاف وتوجيه البلاد بإرادة طرف واحد على حساب الأكثرية. ممارسات حزب الله تدخل لبنان نفقا ضيقا، ولا يمكنه التعويل على دور إيراني يمكن أن يعوّض أدوار المملكة على كافة الصعد، فذلك تفكير خيالي وغير واقعي يؤسس لمزيد من النزاعات والصراع في الدولة والعودة الى مربع الحرب الأهلية لأن الحزب يضعف الدولة ويختصرها في مناطق نفوذه بصورة كارثية فيما يتصور أنه يمتلك كل لبنان، وذلك هو الخناق الذي يؤسس للاقتتال وانفراط عقد الدولة، خاصة وأن البلاد تعيش ضائقة اقتصادية بحاجة فيها الى دعم الأشقاء الذين لا يمكن أن يدعموا دولة مختطفة ويساعدوا في بنائها فيما يعمل أطراف فيها على الهدم والإساءة الى من يساعدهم، وإيقاف المساعدات لا شك سيحدث فراغا كبيرا لا يستطيع الحزب ومن ورائه إيران تعبئته ولننظر ماذا يفعلون؟ لأنه من الضروري أن تكف أيديهم عن الدولة أولا حتى تعود الأمور الى نصابها وتصبح لبنان مستحقة للدعم أما والأمور على هذا النحو فلا يمكن أن يستمر الدعم لأنه سيرتد علينا لا محالة هدما وسوءا وتصرفات جارحة لا تتفق مع روح الأخوة والعلاقات الدولية.