وقف المساعدات السعودية لتسليح جيش وقوى الأمن الداخلي اللبنانيين رسالة تتجاوز لبنان، فالمساعدات الخارجية في علاقات الدول ترتبط بالمصالح السياسية، وعلى من يتلقون مساعداتنا بسخاء أن يدعموا قضايانا بسخاء!. وفي الحالة اللبنانية لم تكتف لبنان بالنأي بنفسها عن دعم قضايانا العادلة، بل إنها انتقلت إلى دعم العدو، وهي حالة مثيرة للسخرية أن تنتظر دولة أن تمد يدها اليمنى لتقبض مساعداتك في الوقت نفسه الذي تمد فيه يدها اليسرى لتطعنك بخنجر عدوك!. المملكة كانت دوما تتفهم الحالة السياسية اللبنانية التي جعلت القرار السياسي رهينة صراعات وتجاذبات قواه السياسية، ولم تضغط يوما على لبنان لاتخاذ مواقف تمس حساسية هذه الحالة، وتقبلت سياسة النأي بالنفس طيلة سنوات من رياء المواقف، لكن أن يصل الأمر إلى التخاذل حتى عن دعم المواقف السياسية العادلة على الورق فهذا مؤشر أن القرار اللبناني لم يعد أسير حالة التجاذب بين قواه السياسية بل بات رهينة قوة سياسية وحيدة صادرت القرار اللبناني واستودعته إيران!. على اللبنانيين، الأصدقاء منهم قبل الأعداء، أن يدركوا أن السعودية بالنسبة للبنان ليست مجرد آلة ATM لصرافة النقد، وأن المساعدات التي تقدمها المملكة بدافع الحرص على مصالح لبنان واللبنانيين تترتب عليها مسؤوليات والتزامات من اللبنانيين تجاه أنفسهم أولا بأن يكون قرارهم قرارا مستقلا وألا تتخذ الدولة مواقف عدائية تجاه القضايا السعودية، وهي قضايا عادلة لا تتطلب رياء أو نفاقا من أحد!. الموقف السعودي اليوم ليس إلا مقدمة لما ينتظر لبنان من عزلة وعواقب لارتهان الدولة لسطوة حزب الله، كما أنه رسالة تتجاوز لبنان إلى من يظنون أن بإمكانهم أن يديروا ظهرهم للمصالح والقضايا السعودية في الوقت نفسه الذي يقبلون فيه بصدورهم على مساعداتها السخية!.