تصريحات معالي وزير الخارجية عادل الجبير تعيد إلى الأذهان الخطب التاريخية النارية، التي ما زلنا نتداولها عن الخطباء العرب، وتأثيرها القوي في النفوس، وما تفعله من زلزال يرعب الأعداء، ويبعث الطمأنينة في نفوس الأصدقاء. وللحق، فإن تصريحات الجبير مادة دسمة يتناولها الإعلام في جميع دول العالم، ويتناقلها كأكثر مادة مقروءة؛ بسبب الصياغة الاحترافية لطريقة عرض التصريح، وانتقاء الكلمات المؤثرة الموجزة وسرعة البديهة التي أكسبته توهجا إعلاميا. ولا أستغرب هذا التأثير؛ لأنه من مدرسة مؤسس الدبلوماسية السعودية الأمير سعود الفيصل، الذي كان رحمه الله ملء السمع والبصر وحديث جميع وسائل الإعلام في وقته بحنكته ودهائه وإلمامه بالأمور. وزير الخارجية في وقتنا الحالي، يذكرني بالشاعر قديما عندما يتصدى لمن يحاول التقليل من مكانة قومه؛ فيتحدث عن قدراتهم ومكمن قوتهم، وإبراز الوجه المشرق لهم وإيضاح الحقائق لمن يطلبها. ندرك أهمية تصريحات الجبير في ردود أفعال من يهمهم الأمر، فتجدهم يرعدون ويتوعدون ويرتبكون بطريقة انفعالية وفجة وغبية، تجعلهم مجرد طلبة (صغار) في مدرسة هذا الوزير، الذي استطاع أن يعريهم أمام المجتمع الدولي، ويكشف حقائقهم أمام من يبحثون عن الصواب. وكم خانهم التعبير ولم تسعفهم الكلمات وهم من محترفي صياغة العبارات الرنانة؛ بسبب القذائف النارية التي أطلقها هذا الوزير فأفقدتهم صوابهم، وأصبحوا لا يدركون هذا ينفي وهذا يؤكد وذاك لا يعلم شيئا. في الجانب الآخر، تنطلق حمم بركانية من العراق يطلقها السفير السعودي هناك الأستاذ ثامر السبهان، الذي تقع تصريحاته وأحاديثه كطلقات نارية تحرق من أرادوا السوء بهذه الأمة. وتسعد أهل الاعتدال الذين يرون فيها بداية لطوق النجاة والخلاص من الهيمنة الخارجية لهذا البلد العربي. وهذا الحضور للسفير السبهان؛ يؤكد مقدرة الجبير على انتقاء أذكى الرجال الذين يجيدون التحدث في أصعب المواقف. أيضا هناك صوت قوي خلف المحيط لمندوبنا الدائم لدى الأممالمتحدة المهندس عبدالله المعلمي، الذي أسكت الناعقين، وبيّن سياسة المملكة المعتدلة، التي تؤكد على مبدأ العدل والمساواة وحفظ الحقوق وعدم التدخل في شؤون الغير. هذا الحضور القوي لوزرائنا وسفرائنا ودبلوماسيينا هو امتداد لسياسة الحزم، التي انتهجها ملك الحزم والعزم سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله لتصبح المملكة قوة إقليمية يحسب لها ألف حساب.