هل هناك شخص مسؤول وعاقل في الدول الإسلامية لم يدن جرائم داعش، وقبلها القاعدة، والآن الإدانة تتسع لما تفعله المنظمات الإيرانية والعراقية واللبنانية الإرهابية في العراق وسوريا واليمن، بل العالم الإسلامي. العالم الإسلامي هو المتضرر الأكبر من الإرهاب، والدول الغربية هي التي احتضنت المنظمات الإرهابية، وسهلت تمويلها وحمتها واستغلتها في مشروعاتها السياسية، والآن تحترق ثيابها بنيرانها! الآن الإدانة تتجاوز الكلمات إلى الأفعال. بمبادرة وبقيادة المملكة، العالم الإسلامي يتقدم خطوات نحو الحل العسكري الكبير، عبر التنسيق لعمليات برية ضد هذا التنظيم الإرهابي، الذي يسعى للخراب ويسيء لجميع المسلمين، وهذا ما تتوخّاه الدول الإسلامية، والآن نشاهد مناورات حية ضخمة (رعد الشمال) في شمال المملكة، وهذا التحول الكبير في الموقف الإسلامي ضروري؛ حتى نقول للعالم إننا أول من يتصدى للإرهاب الذي يشوه الإسلام ويحرجنا أمام العالم. في المقابل لموقفنا هذا، هل تتذكرون قبل عشرين عاما ماذا فعل الصرب في البوسنة. تحت راية الكنيسة وتحت شعارات دينية وعنصرية، شاهد العالم حربا وحشية ضد الإنسانية أعادت لنا ما كنّا نقرأ عنه ونشمئز منه، أي حروب القرون الوسطى في قلب أوروبا، ولم يتحرك الضمير الأوروبي إلا متأخرا! وأيضا.. وبموقف تاريخي من الملك فهد -يرحمه الله-، كان للمملكة العربية السعودية الدور الكبير في دفع أمريكا لقيادة العمليات العسكرية ضد صربيا، وهي العمليات التي أوقفت شلال الدم، وأنقذت ما تبقى من المسلمين قبل استكمال الصرب مشروع التطهير العرقي. مع الأسف إن بعض الأوروبيين والأمريكان ما زالوا يتجاهلون هذه الحقائق حين يربطون بين ما تقوم به داعش وبين الإسلام كدين، ودليلهم إلى هذا الربط هو شعارات داعش وإعلامها وأدبياتها، التي يعرف ويدرك كل دارس للإسلام أن داعش تعتسف النصوص؛ لتخدم أهدافها السياسية، وهذه الأدبيات تسوق على الجهلة من المراهقين. الإرهابيون الصرب أيضا استخدموا ظل الكنيسة ورعايتها، وقالوا للعالم إنهم يقودون حربا مقدسة، وفي حربهم الدينية هدموا أكثر من 800 مسجد، وأحرقوا المكتبات التاريخية، وذبحوا على الهوية مئات الآلاف من البشر. ولا أتذكر أننا حينئذ ربطنا بين حرب الإبادة هذه وبين الديانة المسيحية، فقد أخذناها بإطارها ومحتواها وأطماعها السياسية التي كان خلفها الشوفينيون الوطنيون المتعصبون الصرب. مع الأسف إننا في حقبة تختلط فيها المواقف والمصالح والأطماع، وفي هذا الزمن، الأصوات الصاخبة هي التي يسمعها العالم، وطبيعي أن يتوارى صوت الحكمة، ولكن يبقى أن الحق يَعلو ولا يُعلى عليه، كما يقول الإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-. بحول الله سوف تنتهي داعش، وسوف تتكشف الحقائق، والذين يحاربون بلادنا ويحاولون تشويه سمعتنا عبر ربطنا بما تقوم به داعش واخواتها، سوف يفشل مشروعهم. المهم أن نثق بأنفسنا وندرك بوعي ما يدور حولنا.