كثيرا ما يتردد في هذه الفترة تحديدا عن خصخصة خدمات وزارة التعليم ووزارة الصحة كإحدى أهم الوزارات التي تقدم خدمات للمواطن، مدعوما هذا التوجه بما يطلق من تصاريح عبر مسؤولي هذه الوزارات من فترة وأخرى عن نوايا هاتين الوزارتين تنفيذ برنامج الخصخصة، إضافة الى ما أعلن عبر المبادرة التي أطلقها سمو ولي ولي العهد بتنفيذ برنامج التحول الاقتصادي في المستقبل القريب وما جاء في خطوطه العريضة من توجهات واضحة بخصخصة الخدمات الحكومية، ويأتي على رأس هذه الخدمات، خدمات وزارتي التعليم والصحة. وفي رأيي المتواضع وفي هذا الجانب، ورددناها قبل ذلك، أن الخطوة الأولى ينبغي أن تقوم الدولة بتحويل الوكالات المختصة بالوزارات والتي تقوم حاليا بمنح تراخيص المزاولة للقطاع الخاص الى هيئات متخصصة بجهاز تنفيذي مستقل بهدف إنجاح الخصخصة وأن تقوم هذه الهيئات بدور المشرع والمانح للرخص والمراقب لهذه الشركات، ولتبسيط ذلك علينا الاستفادة من تجربة الاتصالات السعودية، وذلك عندما تم انشاء هيئة الاتصالات لتقوم بالإشراف الكامل وتنظيم أعمال سوق الاتصالات في المملكة، وما حققه من نجاحات كبيرة خلال السنوات الماضية من خلال مستوى الخدمة والمنافسة، مما أوجد القيمة المُضافة التي يتطلع اليها المستفيد في سوق الاتصالات. من المتوقع أن خصخصة خدمات وزارتي التعليم والصحة لن تكون شاملة بمعنى التحول الكامل نحو الخصخصة، ولكن سيكون هناك دور أكبر للقطاع الخاص في تقديم هذه الخدمات مع احتفاظ هذه الوزارات بنسبة معينة من الخدمات التي تقع تحت إشرافها بشكل مباشر، وتزداد نسبة الخصخصة بشكل سنوي الى أن تضمن الدولة أنها باستطاعتها تأمين خدمات التعليم والصحة لجميع المواطنين وبكفاءة عالية عبر القطاع الخاص دون ان يكون هناك تكاليف وأعباء إضافية على المواطن وهذا هو المستهدف في نهاية المطاف. من الصعوبة بمكان أن تتحول خدمات وزارتي التعليم والصحة بالسرعة المطلوبة في ظل المنهجية المتبعة حاليا، حيث أهمية هذه الوزارات ومسؤولياتها اليومية تجاه المواطن وكذلك عدم توافر القاعدة الرئيسية لتنفيذ برنامج الخصخصة في تلك الوزارات، مما يعني مزيدا من التباطؤ محفوفة بمزيد من المخاطر والضعف في تحقيق الأهداف، وبالتالي فعلى هذه الوزارات ان تعمل بشكل منفصل بين رؤيتها لإدارة مرافق الدولة الحالية ومسئولياتها وما تخطط له نحو تفعيل دور القطاع الخاص في تقديم هذه الخدمات. علينا أن نعلم أن التحول نحو الخصخصة أصبح أمرا واقعا، وتكمن القضية فقط في الأسلوب والمنهجية التي سيتم اعتمادها، اضافة الى الوقت المستغرق نحو التنفيذ مع الأخذ بالاعتبار اعلى مستويات الحيطة والحذر نحو تقليل إمكانية المخاطر المُحتملة اثناء فترة التنفيذ، من جهة أخرى عندما نلتفت الى غالبية دول العالم التي سبقتنا نشاهد ان الخصخصة هي احد اهم البرامج التي اعتمدت عليها تلك الدول في بناء نموذج اقتصادي منتج، وبالتالي فإننا نسير نحو الطريق الصحيح، ولكن لا يزال التباطؤ في التنفيذ هو المسيطر على المشهد، فمن يتغلب على الآخر، سننتظر ونشاهد. وأخيرا، فإننا كمواطنين لا نرغب ان نرى الخصخصة حبرا على ورق، وألا يكون هناك قيمة مضافة للمواطن، ولكن طموحاتنا تتجه نحو أسباب الخدمة الأفضل والمستقبل المشرق للأجيال القادمة والشفافية في الادارة والمسئولية وتحقيق المساواة في تقديم الخدمات لجميع المواطنين سواسية أينما كانوا، وانعكاسات اقتصادية اخرى على الوطن، كإنشاء كيانات اقتصادية تعمل بفكر مؤسساتي من خلال تقنيات عالية وتشغل بأيد سعودية مدربة.