مع أن الموسم الرياضي المقبل أكثر قربا من أي موسم مضى، ومع تسارع خطوات الأندية نحو إنهاء تعاقداتها وانتداباتها وتهيئة معسكراتها، لايزال المشهد النصراوي مثقلا بالضبابية والتعقيد، إلى حد الإحباط الذي بدأ يتسرب إلى دواخل النصراويين، في قدرة إدارة فريقهم الحالية، على صعيد إعادة الهيبة لصفوف الفريق الكروي، وحل معضلاته المادية الأزلية، قبل أن يتصدر "مع قرب نهاية كل فترة تسجيل" قائمة الأندية المهددة بالمنع. فحتى هذه اللحظة لم تتم مخالصة الثلاثي الأجنبي الراحل عن الفريق، أو حسم تجديد عقد المهاجم الكويتي بدر المطوع، فضلا عن تحقيق طموحات النصراويين في جلب أفضل العناصر الأجنبية لدعم خطوط الفريق، وإحضار جهاز فني يليق بسمعة وطموحات العالمي، وهو ما يبدو انه لن يتحقق على الأقل في هذا الموسم، في ظل التخبطات التي تتواصل على صعيد العمل الإداري النصراوي، الذي وقف كذلك متفرجا أمام التسريبات التي طالت النصر في موضوع المدافع القدساوي الأيمن خالد الغامدي، وطريقة نقله للنصر، وهي وإن كانت صفقة مفرحة لبعض جماهير النصر قبل أن تتم، إلا أنها تظل ناقصة النجاح، أمام حضارية التعامل والتعاطي مع بقية الأندية المحلية، التي يجب أن تسود العمل الإداري النصراوي لبناء مساحات من الثقة مع الآخرين، وفق العرض والطلب، وتبادل المصالح وليس وفق مكاسب زمنية قصيرة يحددها طرف واحد. وفي المشهد النصراوي المعتم لم يعد سرا في أذهان جماهير النصر، أن الإدارة الحالية برئاسة الأمير فيصل بن تركي أضحت تتعامل مع الجميع بمبدأ "إن لم تكن معي فأنت ضدي"، فبات مشهد التسرب الشرفي النصراوي في الموسمين الماضيين أشبه بمسلسل لا تنتهي حلقاته، بل وتتنوع أحداثه، فاحدهم يريد الشهرة، والآخر يرفض مدير الكرة، وثالث يرغب في ذكر اسمه في توقيع الصفقات التي يدعمها، ورابع يخطط لخطف رئاسة النادي، وخامس يسعى لمعرفة تشكيلة اللاعبين قبل المباريات المهمة، و........الخ. وهكذا تعددت الأسباب، والإدارة بتعاطيها الغامض مع شرفيي النادي وتنفير الداعمين منهم، تضع نفسها في موقف لا تحسد عليه، مع تكرار الديون في كل موسم، وحتى الإعلان عن اجتماع الشرفيين المقبل جاء متأخرا جدا، في وقت إعلانه وتوقيت انعقاده، وأضحى وكأنه تحصيل حاصل فقط، وتأدية واجب لا أكثر. جماهير النصر التي ظلت خلف فريقها الكروي أينما حل وارتحل، سئمت من الأوضاع الإدارية ومشاكل الشرفيين، وتباعد محبي وداعمي النادي، ولم يعد لديها مزيد من الصبر على نتائج النادي، في ظل التقاذف والتراشق المحموم بين النصراويين أنفسهم. لقد جاء ظهور نجم الكرة السعودية السابق ماجد عبدالله الأخير مذكرا وليس مطالبا رئيس النادي بحقوقه المالية من حفل اعتزاله، ومستشهدا بأطراف متعددة، كانت يوما هي الأقرب لرئيس النصر، كمن يسكب الزيت على النار لتزداد اشتعالا، بعد إنكار الرئيس لحقوقه، ليصبح ماجد عبدالله أيضا في نظر الرئيس أداة من أداوت الإطاحة به، وهو الأمر الذي لم تستوعب جماهير النصر تفاصيله حتى الآن، فماجد عبدالله ظل خطاً أحمر لا يمكن الاقتراب منه، فضلا عن تجاوزه، فتاريخ ماجد وعطاءاته محليا ودوليا وسيرته النقية مع كل الإدارات النصراوية السابقة وحتى على صعيد المنتخبات السعودية، يضعه في منأى عن أي صراعات إدارية أو شرفية. وحتى التعاطي الذي مارسه رئيس النصر مع اعتزال نجم الفريق الآخر فهد الهريفي، واتهامه بالمساومة، لم يكن مقبولا في أوساط النصراويين، المدركين لتضحيات نجوم العصر الذهبي، قبل أن يزج بهم في ساحة مثقلة بالتعقيدات. ولم يكن مهاجم النصر سعد الحارثي في منأى من اللوم الإداري النصراوي، لا لهبوط مستواه، ولكن لأنه طالب بحضور وكيل أعماله، لإدارة مفاوضات تجديد عقده من عدمها، وهو ما يمثل ابسط حقوقه كلاعب. ومع كل هذه الأحداث المتلاحقة تقف جماهير النصر في قمة ذهولها وحيرتها وتخوفها من المستقبل القريب، بتداعياته الحاضرة، والتي حولت النصر إلى مغامرة حقيقية، تقودها إدارة النصر الحالية وحدها في منأى عن الآخرين. ويبقى القرار الأهم بيد الرئيس النصراوي الأمير فيصل بن تركي، الذي عرف بحبه للكيان الأصفر، وعشقه الكبير للنجاح، وهو ما لم يتحقق له في العمل الرياضي في النادي حتى الآن، لأسباب متعددة أهمها انه لا يمكن له السير بالنصر وحيدا في منأى عن شرفييه الداعمين ونجومه المؤثرين، وقبل ذلك جماهيره التي قد يكون صوتها أعلى وأقوى مع أي أخفاق مقبل، وهو ما سيضع الإدارة الحالية في موقف صعب، لا يمكن لها أن تتجاوزه، إلا بفتح صفحة جديدة بيضاء مع الجميع، وإغلاق كل الملفات النصراوية الشائكة، والتفرغ لخدمة النادي بلا ضجيج وبلا ضغوط، تصنعها أحيانا بيدها. أو يأتي بعد ذلك الخيار الإداري الشجاع، بتقديم قرار الاستقالة المبكر، وقبل بداية الموسم المقبل، وهو القرار الذي أمسى السواد الأكبر من جماهير النصر ينتظره من رئيس النادي، الذي يظهر كما أراد وحيدا في ساحة نصراوية واسعة لاحدود لسخونتها شرفيا وجماهيريا. فالجماهير في كل أنحاء العالم تحفظ ذاكرتها فقط الانجازات والأعمال المثمرة، وبالتأكيد البطولات الموسمية، التي يبدو أن غيابها عن النصر سيطول، في ظل معاناة إدارية وشرفية ظلت مرضا مزمنا يسيطر على الجسد النصراوي طويلا، وأضحت لغة الاختلافات والخلافات هي ديدن النصراويين، بعد أن كانت لغة الانجازات والبطولات هي لغتهم الوحيدة في عهود مضت.