بلغ الحصار المفروض على محافظة تعز من قبل المليشيات الانقلابية ووحدات جيش المخلوع صالح ذروته وسط صمت دولي وأممي غير مبرر على جريمة تطال نصف مليون شخص في اكبر محافظات اليمن من حيث عدد السكان، ومقابل تشديد الحصار يزداد صمود المدينة وسكانها يوما بعد يوم لقناعتهم بأن من يحاصر نصف مليون إنسان بهذا الشكل لا يمكن ان يكون شريكا في الوطن. ومنذ قرابة 9 أشهر ومحافظة تعز ممنوع عنها الدواء والغذاء والماء والوقود الأمر الدي دفع ابناء المدينة الى تهريب احتياجاتهم الضرورية عبر سلسلة جبلية شاهقة وطرق وعرة لا تسمح سوى بمرور الحمير والبشر، حيث تحولت الحمير الى اهم وسيلة نقل وتهريب عبر جبل صبر والجبال القريبة منه والتي لا يوجد بها سوى طريق اسفلتي واحد يربطها بالمدينة تم شقه وسفلتته على نفقة الامير سلطان بن عبدالعزيز رحمة الله عليه. وأعاد الحصار الخانق أبناء مدينة تعز الى زمن ما قبل المدينة، حيث تحولوا لاستخدام الحطب بدلا من الغاز والحمير بدلا عن وسائل النقل الحديثة وحتى المخابز والمطاعم تحولت لاستخدام الحطب الذي هو ايضا تحول الى مادة ذات سعر مرتفع جدا لزيادة الطلب عليه. وكشفت احصائيات طبية عن وفاة اكثر من 280 شخصا من بداية الحصار وحتى منتصف يناير الماضي؛ بسبب وباء حمى الضنك الذي اجتاح المحافظة اثر انتشار البعوض وتكدس القمامة في الشوارع وكذلك عدم وجود مرافق صحية؛ كون غالبية المستشفيات اغلقت ابوابها بسبب قصفها من قبل مليشيات الحوثي او نزوح طواقمها الطبية جراء الحرب. وقتلت قناصة المليشيات الحوثية في معبر الدحي منذ بداية الحصار 13 شخصا حاولوا عبور المنفذ الوحيد لمدينة تعز بينما هناك نحو 32 معتقلا لدى المليشيات في احدى البنايات القريبة من المنفذ. ويقع منفذ الدحي في النقطة الفاصلة بين منطقة بيرباشا مدخل تعز الجنوبي الغربي وبين مربع المدينة الذي تسيطر عليه المقاومة ويقع في قلب مدينة تعز وأهم أحيائها.. وتمنع المليشيات الانقلابية المسنودة بوحدات عسكرية موالية للمخلوع صالح دخول الادوية والغذاء والوقود وكل مستلزمات الحياة اليومية للسكان الامر الذي جعل اسعار السلع التي تصل عبر التهريب ترتفع بنسبة تصل احيانا الى 200٪ عن سعرها في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات الحوثية. ويعد الجانب الصحي اكثر القطاعات المتضررة من الحصار المفروض على تعز حيث نفذت بعض الادوية من الصيدليات ومخازن شركات الدواء الامر الذي يهدد بكارثة صحية ستطال كل شرائح المجتمع الواقعة داخل مربع الحصار. وقال محمد طاهر الشرعبي الناشط الحقوقي ورئيس منظمة التوعية والاعلام الصحي في تصريح ل«اليوم»: إن المليشيات الحوثية دمرت المرافق الصحية عبر القصف الوحشي على مدينة تعز وحولت المنشآت الطبية الى ثكنات عسكرية كما حصل في المستشفى السويدي الخاص بالاطفال وغيره من المراكز المتخصصة. وأضاف طاهر إن المليشيات تتعمد إيصال القطاع الصحي بتعز إلى حالة الشلل التام بعملية الحصار الوحشي والهمجي على المدينة، مشيرا الى ان ما تبقى من مشافٍ عاملة في المدينة يكتظ بضحايا القصف والمواجهات سواء من المدنيين او من عناصر المقاومة بينما بقية السكان لا يحصلون على رعاية صحية الا عبر الصيدليات او عدد محدود جدا من العيادات الخاصة. وحذر طاهر من كارثة بدأت تظهر مؤشراتها في مدينة تعز وتتمثل في انعدام الرعاية الطبية للأطفال وسوء التغذية جراء الحصار، مؤكدا أن هناك حالات وفاة رصدتها منظمته لأطفال في مستشفى التعاون وكان سبب الوفاة هو سوء التغذية أي الجوع بوجه مختلف. وانتقد طاهر الاممالمتحدة والمنظمات الدولية التي قال إنها لم تتحرك وتنتظر تحول تعز الى نسخة من مضايا السورية، مشيرا الى ان فريقا من الاممالمتحدة زار تعز الشهر الماضي ولم يتمكن من ادخال سوى 6 ناقلات من الدقيق الى داخل المدينة لا تكفي لحي سكني واحد. بدوره قال مدير إحدى الشركات الدوائية والذي رفض الافصاح عن اسمه خشية تعرض فروع شركته للمضايقات من قبل مليشيات الانقلاب: إن نحو 300 شركة دواء عاملة في تعز كوكلاء لشركات عالمية او مراكز بيع لشركات تصنيع محلية جميعها على وشك اغلاق ابوابها بسبب الحصار المفروض على تعز وعدم تمكن هذه الشركات من ادخال الشحنات الى داخل المدينة. وأضاف إن عملية تهريب بعض الاحتياجات لا تنفع غالبا لتهريب الادوية؛ كون الدواء يحتاج ظروف نقل جيدة، بينما تتم عمليات التهريب في ظروف تتسبب في افساد او اتلاف الدواء لأن كرتون الدواء لا يمكن تهريبه مثل الدقيق. وأشار إلى أن عددا كبيرا من شركات الدواء نقلت عملها الى محافظة اب وبعضه الى صنعاء والبقية انتهى مخزونها واخرى تعمل بما تبقى من المخزون والذي لا يكفي لشهرين قادمين. وأغلق مستشفى الثورة العام اكبر مستشفيات المحافظة بعض اقسامه بسبب ايقاف ميزانيته التشغيلية من قبل وزارة المالية التي تديرها المليشيات الانقلابية من العاصمة صنعاء. بدوره ناشد مدير مركز الامل لعلاج مرضى السرطان الدكتور مختار احمد المخلافي مركز الملك سلمان للاغاثة انقاذ مرضى السرطان في تعز وتوفير متطلبات المركز من الادوية والمستلزمات العلاجية؛ كون المركز هو المرفق الوحيد في تعز الذي يقوم بعلاج مرضى السرطان. وقال المخلافي إن الحصار تسبب في توقف دخول الدواء الى المركز اضافة الى ان الدعم المالي الذي كان يحصل عليه المركز من قبل البيوت التجارية ورجال الاعمال قد توقف بسبب تعطل الاعمال التجارية جراء الحرب ومغادرة رجال الاعمال الداعمين للمركز إلى الخارج. وأضاف المخلافي إن المركز لم يحصل على أي دعم خارجي أو محلي وتركزت بعض جهود الاغاثة على توفير احتياجات الاسر من الغذاء فقط، مؤكدا تضرر اعمال المركز بنسبة 60٪ بسبب الحصار المفروض على مدينة تعز. ويزور المركز ما بين 50 الى 60 حالة يوميا اي اكثر من 1500 حالة شهريا بعد ان كان المركز يستقبل 150 حالة يوميا قبل الحرب والحصار. وتعرض مقر المركز للدمار بسبب القصف الوحشي للمليشيات الحوثية على مدينة تعز الامر الذي دفع بإدارة المركز الى الانتقال لمكان بديل في إحدى بنايات مجموعة «هائل سعيد انعم» التجارية في قلب المدينة. وقال المخلافي إن المخزون من العلاج الكيميائي الخاص بمرضى السرطان قد نفد من مخازن المركز وأن هناك حالات شفاء انتكست لعدم قدرتها على الوصول لتلقي بقية العلاج جراء الحصار وهناك حالات وفاة ايضا لذات السبب. وقدر المخلافي ما يحتاجه المركز من ميزانية لمزاولة عمله بشكل جيد وتوفير العلاج للمرضى ب2 مليار ريال سنويا اي ما يعادل 10 ملايين دولار. ويقدم المركز للمرضى كل الخدمات العلاجية مع مساعدات مالية للتنقل وايضا تكلفة العلاج الاشعاعي في المركز الوطني للاورام في صنعاء. وأشار مدير مركز علاج مرضى السرطان بتعز الى ان عملية الإنزال الجوي لشحنات الدواء التي وصلت للمستشفيات بتعز عبر طائرات التحالف خيار مناسب لتوفير احتياجات مركز علاج السرطان في محافظة تعز. ومؤخرا نشطت حملة مجتمعية لتهريب اسطوانات الاكسجين للمستشفيات عبر الجبال تحت شعار «ساهم في تهريب الاكسجين للمرضى» الامر الذي دفع بعدد كبير من الشباب إلى تنفيذ حملات تهريب لاسطوانات الاكسجين عبر جبل صبر على ظهور الشباب. شح في أدوية مرضى السرطان بتعز مركز علاج السرطان في تعز مدمر بعد القصف الحوثي مطعم يستخدم الحطب لاعداد الطعام مستشفى بعد تعرضه للقصف الحوثي طفل يجلس أمام صهريج ماء انتظارا لتوفره طفلة تتلقى العلاج من السرطان