سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
التكنولوجيا.. السلاح الأقوى لتحويل القوى الجيوسياسية وليس الأسلحة النووية أو الصواريخ بحلول عام 2030 ستكون الطاقة الشمسية قادرة على توفير 100 بالمائة من احتياجات الطاقة الحالية
يبدو أن القدرة على امتلاك التكنولوجيا الحديثة، بالذات التكنولوجيا الرقمية، هي المدخل الى امتلاك القوة السياسية في القرن الحادي والعشرين، فهذه سوف يترتب عليها واقع جديد في عالمنا اليوم، وهذا ما تناوله تقرير نشرته مؤخراً صحيفة واشنطن بوست. وأشارت الصحيفة الى أن الحكومات ومعها الشركات التجارية وخبراء الاقتصاد يشعرون بالمفاجأة بسبب التحولات الجيوسياسية التي حصلت عند انهيار أسعار النفط وتباطؤ اقتصاد الصين. فهؤلاء يعتقد معظمهم أن سعر النفط سوف يتعافى وأن الصين ستواصل صعودها. ويشير معد التقرير الى ان هؤلاء على خطأ، بدلا من القلق إزاء صعود الصين، نحتاج إلى التخوف من هبوطها، وفي الوقت الذي يمكن أن تتذبذب فيه أسعار النفط على مدى السنوات الأربع أو الخمس القادمة، يتجه الوقود الأحفوري نحو الانقراض، وسيتحول التوازن العالمي للقوى نتيجة لذلك. كانت كل من المصابيح الكهربائية LED وأنظمة التبريد والتدفئة المحسنة ونظم البرمجيات في السيارات تعمل تدريجيا على زيادة كفاءة استهلاك الوقود على مدى العقود الماضية، لكن الصدمة الكبرى لقطاع الطاقة جاءت من خلال (التكسير)، وهو عبارة عن مجموعة جديدة من الآليات والتكنولوجيات لاستخراج المزيد من المواد الهيدروكربونية من باطن الأرض. ورغم أن هنالك مخاوف بشأن الدمار والضرر البيئي، عملت تكنولوجيا التكسير على زيادة إنتاج النفط والغاز، وتسببت في إزاحة محطات توليد الكهرباء القديمة التي تعمل بالفحم، وخفض اعتماد أمريكا على النفط الأجنبي بشكل هائل. الصدمة القادمة ستأتي من الطاقة النظيفة، طاقة الرياح والطاقة الشمسية آخذتان في التقدم الآن بحسب المنحنيات الأساسية. في كل عامين، على سبيل المثال، تتضاعف معدلات تركيب الطاقة الشمسية، وتنخفض تكاليف الوحدة الكهربائية الضوئية بحوالي 20 بالمائة. حتى من دون الإعانات التي تقوم الحكومات بإلغائها تدريجيا، سوف تنخفض التكاليف الحالية لتركيبات الطاقة الشمسية، بحلول عام 2022، إلى النصف، الأمر الذي يقلل من عائدات الاستثمار في المنازل وعلى الصعيد الوطني، إلى أقل من أربع سنوات. وبحلول عام 2030، ستكون الطاقة الشمسية قادرة على توفير ما نسبته 100 بالمائة من احتياجات الطاقة الحالية، وبحلول عام 2035، ستبدو بأنها مجانية تقريبا - تماما كما هي مكالمات الهاتف الجوال اليوم. ويبدو من الصعب تصديق هذا، نظرا لأن إنتاج الطاقة الشمسية يوفر أقل من واحد بالمائة من احتياجات الطاقة لكوكب الأرض اليوم.. لكن هذه هي الطريقة التي تتقدم فيها التكنولوجيات الأسية. حيث إن أداءها يتضاعف كل عام أو كل عامين وتنخفض أسعارها. ونظرا لأن ولاية كاليفورنيا تولد منذ الآن أكثر من 5 بالمائة من الكهرباء التي تحتاجها من الطاقة الشمسية على نطاق واسع، ليس من الصعب فهم الأثر الذي يمكن أن تحدثه عمليات مضاعفة قليلة أخرى: الانقراض الوشيك لصناعة الوقود الأحفوري. وتعتبر التكنولوجيات الأسية مضللة لأنها تتحرك ببطء شديد في البداية، لكن واحد بالمائة تصبح 2 بالمائة، والتي بدورها تصبح 4 بالمائة، ومن ثم 8، ومن ثم 16: هذه هي الفكرة. على حد تعبير رأي كيرزويل، خبير المستقبل، عندما تكون التكنولوجيا الأسية بنسبة 1 بالمائة، تكون قد قطعت منتصف الطريق نحو تحقيق نسبة 100 بالمائة، وذلك هو المستوى الذي وصلت إليه طاقة الرياح والطاقة الشمسية الآن. وأي شخص يتعقب النمو المتسارع لاستخراج النفط عبر التكسير والتقدم التدريجي الذي تم إحرازه في مجال الحفاظ على كفاءة الوقود كان ينبغي أن يكون قادرا على التنبؤ، قبل سنوات مضت، بأنه بحلول عام 2015، قد ينخفض سعر النفط بشكل كبير. ولم يكن مفاجئا أن التغييرات الضئيلة نسبيا في العرض والطلب تسببت باضطرابات واسعة في أسعار النفط العالمية، فهذه هي الكيفية التي تعمل بها الأسواق. إذ إنها تتسبب في خفض أسعار الأسهم والعقود الآجلة للسلع بشكل كبير عندما يحدث التباطؤ. وهذا هو ما يحدث لأسواق الصين أيضا. توقف نمو أكبر الصناعات في الصين، الصناعة التحويلية، ما تسبب بحدوث مضاعَفات متتالية في جميع أنحاء الاقتصاد الصيني. وعلى مدى عقود، كانت الصناعات التحويلية تتدفق إلى الصين من الولاياتالمتحدة وأوروبا وتغذي نموها. ومن ثم بدأ مزيج من ارتفاع العمالة وتكاليف الشحن والتشغيل الآلي على تغيير اقتصاديات الصناعة التحويلية في الصين. الآن، الروبوتات على وشك ترجيح كفة الميزان بشكل أكبر. كانت فوكسكون قد أعلنت في شهر أغسطس من عام 2011 أنها سوف تستبدل مليون عامل بالروبوتات. هذا لم يحدث، لأن الروبوتات حينها لم تكن تستطيع العمل جنبا إلى جنب مع العمال البشر في تجميع لوحات الدوائر، التي تحتاج إلى قدرات متطورة. لكن الجيل الأحدث من الروبوتات مثل "يومي" من شركة إيه بي بي و"سوير" من شركة Rethink Robotics يمكنه القيام بذلك. حيث إنها روبوتات ماهرة بما يكفي لأداء المهمات وتبلغ تكلفتها مقدار كلفة السيارة. الصين على علم بالتقدم الحاصل في مجال الروبوتات وتخطط لتحمل زمام المبادرة في استبدال البشر بالروبوتات. وتقوم مقاطعة جوانجدونج بتشييد أول مصنع خال من العمال في العالم بوجود ألف روبوت يقومون بعمل ألفي شخص من البشر. وهي تعتبر أن هذا هو حل لمشكلة تكاليف العمل المتزايدة. المشكلة بالنسبة للصين هي أن الروبوتات لديها لم تعد أكثر إنتاجية من نظيراتها في الغرب. حيث تعمل جميعها 24 ساعة على مدى سبعة أيام دون الشكوى أو الانضمام للنقابات العمالية. وتكلفتها مساوية وتستهلك نفس الكمية من الطاقة. ونظرا لأوقات الشحن الطويلة وارتفاع تكاليف النقل، لم يعد من المنطقي إرسال مواد خام عبر المحيطات إلى الصين ليجري تجميعها كسلع تامة الصنع ومن ثم شحنها إلى الغرب. يمكن أن تصبح الصناعة التحويلية مرة أخرى صناعة محلية. وسوف يستغرق الأمر عدة سنوات حتى تتمكن الشركات الغربية من تعلم تعقيدات الصناعة التحويلية الروبوتية، وبناء المصانع المؤتمتة، وتدريب العمال، والتعامل مع التحديات اللوجستية لسلاسل التوريد الموجودة في الصين. لكن هذه مشاكل يمكن التغلب عليها. ما يعد الآن عددا ضئيلا من الصناعات التحويلية العائدة إلى الغرب سوف يصبح في غضون خمس أو سبع سنوات نوعا من الطوفان.. بعد هذا، ستبدأ ثورة تكنولوجيا أخرى: الصناعة التحويلية الرقمية. ثورة الصناعة التحويلية الرقمية في الصناعة التحويلية التقليدية، يجري إنتاج الأجزاء من قبل البشر باستخدام أدوات الآلات التي تعمل بالكهرباء، كالمناشير والمخارط وآلات الطحن ومكابس الحفر، لإزالة المواد فعليا من أجل الحصول على الشكل المرغوب. في الصناعة التحويلية الرقمية، يتم إنتاج الأجزاء عن طريق إذابة الطبقات المتعاقبة للمواد استنادا إلى نماذج ثلاثية الأبعاد - بإضافة المواد بدلا من طرحها. "الطابعات ثلاثية الأبعاد" التي تنتج تلك الأجزاء تستخدم معادن مسحوقة، وقطرات من البلاستيك، وغيرها من المواد الأخرى - وهو ما يشبه إلى حد كبير خراطيش الحبر التي تستخدم في الطابعات الليزرية. تستطيع الطابعات ثلاثية الأبعاد الآن إنشاء أجهزة ميكانيكية مادية، وزراعة أعضاء طبية، ومجوهرات، وحتى الملابس. لكن هذه تعتبر بطيئة وفوضوية ومرهقة - تشبه إلى حد كبير الجيل الأول من الطابعات النافثة للحبر. وهذا سيتغير. في أوائل العشرينيات من هذا القرن، ستكون لدينا طابعات أنيقة بأسعار منخفضة لبيوتنا يمكنها طباعة الألعاب والسلع المنزلية. وسوف تستخدم الشركات التجارية طابعات ثلاثية الأبعاد للقيام بإنتاج على نطاق صغير لمهن وسلع كانت كثيفة العمالة في السابق. في أواخر العقد القادم، سنعمل على طباعة المباني والإلكترونيات باستخدام طابعات ثلاثية الأبعاد. وهذه ستكون في نهاية المطاف بمثل سرعة الطابعات الليزرية الموجودة الآن. ولا تتفاجأ إذا نفذت الروبوتات الصناعية إضرابا بحلول عام 2030، وتحمل لافتات مكتوب عليها "أوقفوا الطابعات ثلاثية الأبعاد: إنها تسرق أعمالنا منا". الآثار الجيوسياسية المترتبة على تلك التغييرات مثيرة وتبعث على القلق. ستعيد أمريكا تشكيل نفسها تماما كما تفعل كل 30 إلى 40 عاما، وتعمل في النهاية على ريادة طفرة التكنولوجيا. وكما نشهد حاليا الآن، ستقوم كل من الصين وروسيا بإثارة الاضطرابات الإقليمية لتشتيت شعوبها المضطربة، والدول المنتجة للنفط مثل فنزويلا سوف تفلس، والشرق الأوسط سيصبح مرجلا لعدم الاستقرار. البلدان التي استثمرت في تعليم شعوبها، وشيدت اقتصادات استهلاكية قوية، ولديها مؤسسات ديموقراطية يمكنها التعامل مع التغيير الاجتماعي، سوف تستفيد - لأنه سيكون قد تم تلبية احتياجات شعوبها الأساسية ويمكنها حينها تحديد كيفية الاستفادة من أوجه التقدم في التكنولوجيا. (فيفيك وادوا - واشنطن بوست) مصانع السيارات اتجهت لتوظيف الروبوتات في التصنيع للحصول على العديد من المزايا الطاقة الشمسية ستصبح الخيار الأبرز للحصول على الطاقة في المستقبل