إن ما حدث يوم الجمعة الماضي في أحد مساجد محاسن بالأحساء ليس إلا سلسلة من جرائم رعناء يمارسها سفهاء الأحلام بأجندات خارجية غاية مرادها النيل من بلاد الحرمين الشريفين وإثارة الفتنة فيها ليتسنى لهم إرساء مخططاتهم وبث أفكارهم العفنة ورائحة الموت في كل مكان. فإننا وأمام هذه الأحداث نقف موقف الرفض والاستنكار، لأننا نرفض أصل أفكار هذه الفئة وسلوكهم المنحرف المخالف للكتاب والسنة الذي عليه علماء الأمة الثقات الذين تكرست لديهم حرمة الدماء ووعوا مقاصد الشريعة. وما حدث ويحدث من قبل هذه الفئة الضالة من ترويع للآمنين وسفك دماء الأبرياء وهتك حرمة بيوت الله يتناقض تماما مع مقاصد هذا الدين العظيم الذي جاء رحمة للعالمين, وتحقيقا لصلاح البشر في العاجل والآجل، حيث جاءت الشريعة بعمارة الأرض وبنائها لا هدمها ودمارها, وحفظ نظام التعايش فيها, واستمرار صلاحها لا يكون إلا بصلاح المستخلفين فيها. وفي ضوء هذه المقاصد العظيمة للشريعة الإسلامية, تتجلى عظمة هذا الدين وكماله, وأن التطرف والإرهاب - الذي يفسد في الأرض ويهلك الحرث والنسل - ليس من الإسلام في شيء، إنما هو أداة هدم أسس هذا الدين، وإن تستر برداء الإسلام. قال الله تعالى : وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَاد (205)، وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ ) البقرة : 204 - 206. وما دفع هذه الشرذمة المسعورة في أعمالها الأخيرة إلا وقوف المملكة العربية السعودية طودا أمام مخططات الأعداء وبقائها متماسكة قوية رغم كل المجريات والأحداث من حولها لتماسك صفها ووعي أبنائها وحكمة ولاتها. من هنا وجب على أهل العلم والثقافة والرأي والحكمة التصدي لهذا الفكر وتعريته، وإبطال حججه أمام من يغرر بهم ويستخدمهم أدوات رخيصة لمخططاته وأجنداته. قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71 الاحزاب ). كما أننا لن نسمح لأمثال هؤلاء بزعزعة الأمن في هذه البلاد التي كانت ولا تزال حامية وحارسة للعقيدة الإسلامية من الانحراف والتطرف، وإن المملكة العربية السعودية من ولاة أمر ومن علماء حريصون كل الحرص على الإسلام والمسلمين بعيدا عن التطرف والغلو والانحراف تمسكا بالكتاب والسنة فهماً وعلماً وعملاً.