يشتكي من شخصياته الكثيرة التي كوَّنها بالقراءة وهو يضحك، ووددتُ لو أخبرته بالكم الهائل من الكُتّاب الفقراء الذين يفتقدون لشخصياتهم هم، وذواتهم غير الموجودة فيما يكتبونه، حتى وصلت كتبهم لآلاف القراء ولم يصلوا.. رغم الحملة الإعلامية الميسَّرة لهم.. فهناك من الكُتّاب من هو حقيقي أكثر مما ترى وتسمع من البشر، للدرجة التي يكون فيها قادرا على نحتِ نفسه بك حتى تشبهُه.. كانت هذه شكواه المتكررة لغزارة ما يقرأ، فهو موهوب "كتابة" حتى غدا قادرا على تقليد من يحب من كُتّابهِ ببراعة.. ولعلَّ ضحكته الهادئة وانسحابه لمكتبته أوثقُ من ألف خطوة اتَّبعها المزيفون فكتبوا ونشروا وتفاخروا بالفراغ وصفَّق له المصورون المتاجرون بالكِتاب في مواقع التواصل الاجتماعي. أعجبُ من صاحبنا الضاحك على نفسه، ومن تدفُّق المقتدين بهذا الطريق، ممن يُحمِّل الكتاب إثم شهرته، فيهين المكتبة العربية بكل بساطة بما يطبعه من أشياء لا علاقة لها بالأدب على وجه الخصوص، وكأنَّ دور النشر لا علاقة لها بتعميم تلك القرارات الشخصية السيئة للمشهورين، وإيصالها لكل مكان ولكل حساب إلكتروني، حيث لم تعد المكتبة مختصَّةً بالتفاهات في بلاغة ومفارقة عجيبة مع هذا العصر! صاحبنا الحقيقي يضحك على نفسه وهو المغمور بلا شهادات أو مفاخرات أو صور مثلهم، يقرأ بحب ويكتب بحب أكبر في فهم عظيم للكتابة التي لا علاقة لها بالقهوة السوداء ولا التدخين في عصر الصورة ولا أعلم علاقة للقهوة وبقية أركان الصورة بتأليف الكتب، أجهل هذا التقليد المأثور عن كُتّاب اليوم، فقد كان كافكا يحب شرب الحليب، وكان نجيب محفوظ يمضي أياما على مكتبه وهو عاجز عن كتابة حرف! أما هؤلاء الكُتَّاب كُتّاب الصورة؛ فقد يخطر على بال أحدهم وهو يقرأ لهم بأنهم يمتلكون أجوبة ما قبل الكتابة وما بعدها.. حتى صرت ذات شغفٍ بترقُّب انتهاء عصر الصورة سريعا حُبّا لمكتبتنا! ويُفترَض بعصر "ما بعد الصورة" الانكباب على الأفكار وهذا المؤمَّل، لكن لا مبشرات بالخير حقيقة نظرا لانجرار الإعلام في حاوية الصورة بكثافة.. حتى ضحكنا على أنفسنا بالنهاية كثيرا.. لقلة الأشخاص الحقيقيين في عصر الصورة.. باحثة سعودية