الثقة به مخاطرة.. «الذكاء الاصطناعي» حين يكون غبياً !    دراسة صينية: علاقة بين الارتجاع المريئي وضغط الدم    5 طرق للتخلص من النعاس    «مهاجمون حُراس»    984 ألف برميل تقليص السعودية إنتاجها النفطي يومياً    حسم «الصراعات» وعقد «الصفقات»    قبل مواجهتي أستراليا وإندونيسيا "رينارد" يستبعد "العمري" من قائمة الأخضر    محافظ محايل يبحث تطوير الخدمات المقدمة للمواطنين    المودة عضواً مراقباً في موتمر COP16 بالرياض    شرعيّة الأرض الفلسطينيّة    حديقة ثلجية    الهلال يهدي النصر نقطة    رودري يحصد ال«بالون دور» وصدمة بعد خسارة فينيسيوس    لصوص الثواني !    مهجورة سهواً.. أم حنين للماضي؟    «التعليم»: تسليم إشعارات إكمال الطلاب الراسبين بالمواد الدراسية قبل إجازة الخريف    لحظات ماتعة    محمد آل صبيح ل«عكاظ»: جمعية الثقافة ذاكرة كبرى للإبداع السعودي    فراشة القص.. وأغاني المواويل الشجية لنبتة مريم    جديّة طرح أم كسب نقاط؟    الموسيقى.. عقيدة الشعر    في شعرية المقدمات الروائية    الهايكو رحلة شعرية في ضيافة كرسي الأدب السعودي    ما سطر في صفحات الكتمان    متى تدخل الرقابة الذكية إلى مساجدنا؟    «الدبلوماسية الدولية» تقف عاجزة أمام التصعيد في لبنان    البنك المركزي السعودي يخفّض معدل اتفاقيات إعادة الشراء وإعادة الشراء المعاكس    وزير الصحة يتفقد ويدشّن عدداً من المشاريع الصحية بالقصيم    فصل الشتاء.. هل يؤثّر على الساعة البيولوجية وجودة النوم؟    منجم الفيتامينات    أنماط شراء وعادات تسوق تواكب الرقمنة    ترسيخ حضور شغف «الترفيه» عبر الابتكار والتجديد    كولر: فترة التوقف فرصة لشفاء المصابين    الأزرق في حضن نيمار    من توثيق الذكريات إلى القصص اليومية    الناس يتحدثون عن الماضي أكثر من المستقبل    قوائم مخصصة في WhatsApp لتنظيم المحادثات    الغرب والقرن الأفريقي    نعم السعودية لا تكون معكم.. ولا وإياكم !    الحرّات البركانية في المدينة.. معالم جيولوجية ولوحات طبيعية    أُمّي لا تُشبه إلا نفسها    جودة خدمات ورفاهية    الاتحاد يتغلب على العروبة بثنائية في دوري روشن للمحترفين    ضبط شخصين في جدة لترويجهما (2) كيلوجرام من مادة الحشيش المخدر    المربع الجديد يستعرض آفاق الابتكار الحضري المستدام في المؤتمر العالمي للمدن الذكية    نائب أمير الشرقية يطلع على جهود اللجنة اللوجستية بغرفة الشرقية    مبادرة لتشجير مراكز إسعاف هيئة الهلال الأحمر السعودي بمحافظة حفر الباطن    أمير الباحة يستقبل مساعد مدير الجوازات للموارد البشرية و عدد من القيادات    المريد ماذا يريد؟    أمير تبوك يبحث الموضوعات المشتركة مع السفير الإندونيسي    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني وفريق عملية زراعة القلب بالروبوت    ليل عروس الشمال    التعاطي مع الواقع    رينارد يعلن قائمة الأخضر لمواجهتي أستراليا وإندونيسيا في تصفيات مونديال 2026    الداخلية: انخفاض وفيات حوادث الطرق بنسبة 50%    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني    سلام مزيف    همسات في آذان بعض الأزواج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معلمي السوري.. أين أنت!
نشر في اليوم يوم 28 - 01 - 2016

في عام 1394ه/ 1974م كنت طالباً في الصف الثالث المتوسط في مدرسة العيون المتوسطة، وكان يدرسنا في مادة العلوم أ. عبدالرؤوف، وهو معلم سوري الجنسية حسن الخَلق والخُلُق، وله من اسمه نصيب، فلقد كان بنا رؤوفاً، وهادئاً وديعاً، يحفز المجد، وينبه الكسول، فاكتسب بذلك حب وتقدير الطلاب، اعتاد هو وزميله معلم اللغة العربية السوري أ. سليم عصر كل يوم التجول بين النخيل، وقد كنت أيام الاختبارات أذاكر دروسي خارج المنزل بين تلك النخيل رغبة في الأجواء الهادئة، وكان يراني عند مروره بالمكان الذي أذاكر فيه، وكثيراً ما يثني علي في الصف، ويؤنب زميلي الذي يأتي بدرجات أقل مني، رسخت ذكرى معلمي عبدالرؤوف في ذاكرتي، وعندما تخرجت من المتوسطة، ثم الثانوية، فالجامعة، لم تزل ذكراه عالقة في ذهني، ولما صرت معلماً كنت اسأل كل معلم سوري أقابله عن أ. عبدالرؤوف،، بل كنت اسأل عن ملفه في المدرسة، وفي إدارة التعليم، فلم أجد له أي عنوان.
سنحت لي الفرصة في صيف عام 1424ه/ 2004م أن أزور سوريا سياحة، بعد ثلاثين عاماً من انقطاعي عن معلمي السوري، وقررت أن أبحث عنه، كمن يبحث عن ابرة في قش، فلا عنوان أو هاتف، وليس لدي سوى اسمه واسم عائلته، وفي بداية وصولنا لسوريا التقيت بمعلم سوري كان زميلاً له في المدرسة، فسرني ذلك، وعندما سألته عنه غمز بعينه وهز رأسه، بما يعني لا تتعب نفسك!، أثارتني تلك الحركة كثيراً، وحفزتني للبحث أكثر، فعادة الحوافز السلبية تثير الاهتمام أكثر من الحوافز الايجابية، فكرت بالبحث عنه في دليل الهاتف، فوجدت اسماً واحداً يطابق اسم معلمي وعائلته، اتصلت فرد بأن والده غير متواجد الآن، واتصلت مرة أخرى ليرد الوالد، وسألته إن كان قد عمل معلماً في السعودية، فأجاب بالنفي، فأسقط في يدي، وبحكم انه يشترك مع معلمي في مسمى العائلة، سألته إن كان يعرف شخصاً بهذا الاسم، فأفاد بأن هناك شخصا بهذا الاسم لديه محل في سوق دمشق، وحدد لي السوق، ونوع العمل التجاري الذي يمارسه، سعدت كثيراً لهذه المعلومة، وذهبت إلى السوق، ودخلت محلاً في نفس السوق وسألته عن الاسم، وأجاب بوجود شخص يحمل هذا الاسم، وبحث في مذكرة الهاتف، فوجد رقم هاتفه، وشكرته لذلك فلقد قلص علي مسافة البحث عن معلمي، اتصلت بهاتف معلمي، وتم الرد، وكررت السؤال هل عمل أ. عبدالرؤوف معلماً في السعودية قبل ثلاثين عاماً، فكان الجواب بالإيجاب، وسيعود للمنزل مساء، فما وسعتني الفرحة، لقد تحقق هدفي بحمد الله.
كنت طوال الطريق أحدث السائق بقصتي، وكان يعجب من حديثي عن معلمي وسؤالي عنه بعد هذه السنين الطويلة.
وبعد ثلاثين عاماً حقق الله أمنيتي بلقاء معلمي، وقابلته في آخر ليلة أغادر فيها سوريا، وقبل أن اصل إليه لم اتعرف عليه بداية، فقد تغيرت ملامحه لكبر سنه، وعندما قربت منه تذكرته جيداً، وعرفته بنفسي، ولم يتعرف علي هو أيضاً بداية فلقد تغيرت ملامح ذلك الطفل ذي الثلاثة عشر ربيعاً، ودعاني لاستضافة في منزله، وحيث إنها كانت آخر ليلة لنا في سوريا، لم أتمكن من تلبية دعوته، وفي هذه القصة العديد من القيم لا تسمح المساحة بذكرها، لكنها تحمل وفاء من معلمي السوري للمملكة، حيث قال لي: كل هذا الخير الذي أنا فيه الآن هو من خير السعودية، (كله من خيركم) فكم أسعدني وفاؤه!
وفي ظل الأحداث التي عصفت بسوريا، وأحالته عما كان فيه من نعيم إلى جحيم، وتدمير، وتشريد، وتهجير للشعب السوري الشقيق.. اتساءل ترى كيف أنت يا معلمي، اسأل الله تعالى لك السلامة والعافية، وأن يحقق للشعب السوري الشقيق آماله في الاستقرار، وأن يمن عليه بالأمن والأمان، وأن يدحر كل من كان عوناً في الحرب عليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.