الشاب نواف يرحل بعد أن ساعد الاخرين، «وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ»، ببالغ الحزن والأسى والصبر سمع الجميع بوفاة الشاب نواف الطويان، والبالغ من العمر خمسة عشر ربيعاً.. ذلك الشاب المبتسم الذي عرفته منذ نعومة أظفاره، ولا أراه إلا متبسما.. لقد رحل بعد خروجه من منزله بِراً بوالدته التي أرسلته لإحضار أغراض من التموينات.. فخرج دون تردد.. وعلى جانب الطريق وجد زوجين كبيرين في السن فقام بمساعدتهما وحمل بعض أمتعتهما، وعبر الطريق معهما دون تردد، ورسم صورة جميلة للشاب السعودي العصامي في لندن.. وعند عودته مرة أخرى استقل الاسكوتر الآلي، ولكنه قبل أن ينطلق فقد توازنه، وسقط على الأرض، وعلى الفور اصطدم بباص فجأةً، وفارق الحياة على الفور. الشاب نواف أحد الطلاب السعوديين المتميزين دراسياً في أكاديمية الملك فهد بلندن، وله سمعةٌ حسنةٌ لدى إدارة المدرسة، ولدى جميع الطلاب، وقد كان ذلك واضحاً في تعاطفهم معه، وتأثرهم الكبير. لقد تحدث عنه الجميع الصغير والكبير.. دفعهم إلى ذلك ما لنواف من مميزاتٍ شخصيةٍ فريدةٍ، وأخلاقٍ ساميةٍ، فعندما ينادي من هو أكبر منه سناً يناديه بلطف وأدب، ويقول له: يا عم، سواء كان يعرفه أو لا يعرفه. كلماته وابتساماته عنوان أدب جم وتربية أسرية فريدة. رحل نواف.. وتم تغسيل جثمانه في لندن، وكانت جثته لم تتأثر بالحادث ولم يظهر عليها أي علامات أو كسور، وبدا وكأنه نائم، ولم يظهر سوى جرح أو جرحين صغيرين لا تكاد تراهما في موضعين من جسمه؛ أحدهما في بطنه مع شدة وقساوة الحادث حيث دهسه الباص وسار به أكثر من 20 ياردة قبل أن يتوقف ومع ذلك بقيت الجثة سليمة بفضل الله وبرحمته! لقد ودعت لندن هذا الشاب اللطيف الخفيف وأقلت الخطوط السعودية جثمانه، يوم الثلاثاء الموافق: 15/12/2015 بمرافقة أسرته وجمعٍ من الأحبة الذي تأثروا كثيراً في هذا المصاب، وصلي عليه يوم الأربعاء عصراً في جامع الراجحي في مدينة الرياض. حقا الشاب نواف يتحقق فيه قول الحبيب عليه الصلاة والسلام نحسبه كذلك والله حسيبه حيث قال: (أنتم شُهَداء الله في الأرض)، فما رأت عيني من كبيرٍ ولا صغيرٍ إلا وهو متأثرٌ بفقده ويثني عليه خيراً. وفي مجلس رسول الله عليه الصلاة والسلام، تَمُرُّ جنازة، فلما أثنوا عليها خيرا قال النبِيُّ- صلَّى الله عليه وسلَّم-: (وجبَتْ، وجبتْ، وجبت).. ثم علق عليه الصلاة والسلام قائلا: (مَن أثنيتم عليه خيرًا، وجبتْ له الجنَّة، ومن أثنيتم عليه شرًّا، وجبت له النار، أنتم شُهَداء الله في الأرض). فهنيئا لك بهذا الحب الجم من الناس يا نواف... ولكن لعل الله عز وجل أراد أن يصطفيه عنده لما فيه من الخلق والألفة والمحبة، فهو نعم الشاب اللطيف الخفيف ونعم التربية المميزة. وكم هي الحياة قصيرة، وفقد المحبين صعبٌ، لكن تغلب علينا في كثير من الأحيان الغفلة وطول الأمل!! أسأل الله أن يجده والداه على باب الجنة يمسك بيديهما إلى الفردوس الأعلى.