منذ سنوات اختطت المملكة سياسة تنويع علاقاتها الدولية، وبدأت رسم علاقات استراتيجية مع الصين، سميت حينها بسياسة التوجه شرقا، وبدأت ملامح هذه العلاقات تبرز بشكلها الاقتصادي والسياسي، وبدأت الشركات الصينية تحضر في السوق السعودي بقوة، فالصين تستورد 60% من احتياجاتها النفطية من دول الشرق الاوسط، وتحديدا من دول الخليج، والمملكة على الخصوص. وبلغ حجم التبادل التجاري في نهاية عام 2014 قرابة 74 بليون دولار، وأصبحت الصين الشريك التجاري الأول للمملكة. والمملكة هي الشريك التجاري الأول للصين في غرب آسيا ومنطقة الشرق الأوسط. وبلغ حجم التجارة الصينية مع دول الشرق الاوسط ما يعادل 300 مليار دولار، وعليه فان العلاقة بين الصين والمنطقة على قدر كبير من الأهمية. والعلاقة مع الصين ليست اقتصادية فقط، بل هي علاقة تفاهم وحوار استراتيجي، حيث تتشارك المملكة وتتقاسم مع الصين الكثير من الافكار السياسية والرؤى فيما يتعلق بالعلاقات الدولية، وبالحرب على الارهاب، والتنمية والتطوير، والاستقرار السياسي والاقتصادي. ونظرا لأن البلدين يتمتعان بمعادلات الاستقرار السياسي والاقتصادي، ولان الصين تستشعر أهمية المملكة ومسؤوليتها الدولية والاقليمية، كانت زيارة الرئيس الصيني للرياض أولا، تأكيدا على هذه المكانة وعلى حجم العلاقات المتبادلة والمرشحة للتطور خلال السنوات القادمة. الصين تنظر الى الشرق الاوسط، وهي ترى دولا تتفتت ومجتمعات تتمزق واختراقات مختلفة وارهابا يهدد الامن والاستقرار، لهذا عكست هذه الزيارة لكل من المملكة ودول رئيسة في المنطقة، أهمية الاستقرار في فكر القيادة الصينية، فهم ضد التدخلات الخارجية والدولية، ومساندة الاستقرار الاجتماعي والسياسي، ولهذا تتطلع الصين لتعزيز الاستقرار عبر شراكات مسؤولة ودول مهمة في المنطقة. اطلقت الصين في بداية العام الجاري 2016 وثيقة سياسية تجاه الدول العربية، ونصت على تعميق علاقات التعاون الاستراتيجي الصينية العربية القائمة على التعاون الشامل والتنمية المشتركة وسياسة الصين تجاه الدول العربية وتعزيز التعاون الصيني العربي على نحو شامل، وتعزيز دور منتدى التعاون الصيني العربي وأعمال المتابعة. مجموع الشركات الصينية العاملة في المملكة كثير ومرشح للزيادة، بعدما وصل إلى قرابة 150 شركة استثمرت مبالغ في حدود 700 مليون دولار جلبت لها 5.6 بليون دولار من الأعمال التي استفادت منها السوق الصينية، فيما مجموع الاستثمارات السعودية في الصين يزيد على 10 بلايين دولار. والتطلعات الجديدة تؤكد احتمالية زيادة الاستثمارات الخارجية، وستكون السوق الصينية واحدة من أهم هذه الاسواق. ضمن هذه الرؤية كانت زيارة الرئيس الصيني. وبكين التي ترتبط بعلاقات شراكة مع المملكة ودول الخليج، أدانت الاعتداء على مقرات البعثة الدبلوماسية السعودية في ايران، ولكنها ايضا مع حل المشكلات بالوسائل الدبلوماسية، وهو موضع تقدير بلادنا لحكمة الصين ولصداقتها الاستراتيجية مع دول الخليج والمملكة على الخصوص. آفاق التعاون بين البلدين رحبة وكثيرة، ولعل توقيع مذكرات التفاهم والتعاون في مختلف المجالات كانت واحدة من دعائم هذه العلاقة التي تتوطد كل يوم، ومن أهم هذه الاتفاقيات توقيع السعودية مذكرة تفاهم مع الصين لتشييد مفاعل نووي في المملكة ذي حرارة عالية يبرد بالغاز، والمشاورات المشتركة حول محاربة الارهاب.