الو الو مين معايا؟ أنا صالح من الدمام. أهلين صالح هاااه.. أنت على الهواء.. كلمني من السماعة رجاءً!! لا «ما في» بس حبيت اسمع صوتي بالاذاعة!! نص حرفي لبرنامج صباحي يستقبل مكالمات المستمعين من كل حدب وصوب تسعة أعشار أسمائهم مستعارة ويستهلك وقتا هاما وثمينا يبدأ من السابعة صباحاً ويستمر لساعتين تنقضيان فلا تجد الفائدة المرجوة ولا تعرف الهدف من استقبال مكالمة صالح وامثاله. قلت إنه وقت ثمين وذهبي ففي الصباح الباكر يكون وجودنا في السيارة وانتقالنا من إذاعة لأخرى أمر لا بد منه، حيث التنافس الواضح بين برامج البث المباشر التي تمس قضايا الناس وتعالج مشاكلهم، وبين البرامج الصباحية التى ليس لها لون ولا طعم ولا رائحة؛ وبعضها تبحر بالمستمع لجلب لآلئ الأخبار والأحداث المثيرة منها والمدهشة لتضعها مُغلفة بعيدة عن النمطية والجمود الذي لا يتماشى مع الصباح بنشاطه وتفاؤله. والمستمع عادة يرغب فعلا في الاستماع لطرح إعلامي ذي مضمون هادف يميل دائما للإبداع الذي يحترم عقله وإنسانيته، البعيد عن صالح وصوته بالاذاعة. غالبية البرامج الصباحية الإذاعية تتبابعها شريحة جماهيرية أكبر وأوسع من التلفزيونية؛ فالإذاعات في معظمها تتّكل على البرامج الصباحيّة لأنّها تتمتّع بنسبة عالية من المستمعين، لذلك من الطبيعي أن تكون أرقى مما نسمعه واختيار باقة الموضوعات والقضايا التي سيطرحها في البرنامج. وهذا لا يتحقق الا بحجم الشخصيات المستضافة وشخصية المذيع نفسه والسلاسة في الطرح، والقدرة على المنافسة من خلال إضافة الجديد دائما والتحدث باللغة البيضاء الدارجة، خاصة وان المستمع يكون صافي الذهن ومستعدا لاستقبال المعلومة وتحليلها بشكل افضل من البرامج المسائية. أعرف أن الوصول لقلوب المستمعين والاستحواذ على اهتمامهم وأسماعهم مهمة ليست بالسهلة أبدا فالاذن اكبر حساسية من العين والمجهود الإذاعي كبير في الإعداد والتقديم. ومعايير نجاح تلك البرامج لا يكون إلا من خلال الالتصاق بالناس والقرب منهم. واحترام ذوقهم ومشاعرهم وثقافتهم، المستمع يجذبه الحوار الهادف البناء الذي يمس معيشته ويومه، يريد المذيع العفوي الذي لا يتقمص شخصية ليست له والمعد الذكي الذي يعرف «من أين تؤكل الأذن».