ملك "الحزم" وصانع "النصر"، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيّد الله ملكه-، صاحب "الولاية" و"البيعة"؛ ومن قَبل، "موطن السر" و"رجل العمران"، "الإنسان" الذي خفق في فكره "الأمل"، و"أزهر الغد"، ليس في "وطن السعوديين" فحسب، بل في عوالم وعوالم. الإنسان أولاً، المولود في الرياض، واحة الصحراء آنذاك، ذات الواديين، رياض "النخوة" مذ إمرأة "طسم" و"جديس" (القبيلتين)، المدينة التي أحب الأمير، وتلقى فيها أصول "العلم" و"الأدب" و"الحِكمة" و"الحُكم"، ليصير أميرها في ربيعه ال20، وتبدأ سيرة "الخمسة العقود" من "الرعاية"، لينتهي بها إلى العاصمة الأسرع نمواً في العالم العربي، فيغادرها ولياً للعهد، وملكاً تزهو به الرجال. خمسة عقود من العمران، نعم وأيضاً من "السياسة"، فهو "موطن السر"، و"الحَكَمُ" و"المرجِع"، و"الركن الركين" في الأسرة، وصاحب الرأي والمشورة، ففي سيرته العطرة "انحياز" للقيمة، و"انتصار" للضعيف، و"عضد" للشقيق والصديق. "عروبي - إسلامي"، في الفكر والنهج، لا عجب، فهو "سليل الشرف"، ووريث "المُؤسس" (الملك عبد العزيز آل سعود -رحمه الله وأسكنه فسيح جناته-)، تلقى بين جنباته "فقه الحق"، و"طيب الكَلِم"، فانبرى منتصراً للإسلام ومدافعاً عن المسلمين، وصار عنواناً لإغاثة الملهوفين، في شرق الأرض ومغربها، وذراعا للمملكة أنّى تعثر مسلم، أو لحق ضيم بإنسان. سكنته فلسطين، بقبلتها الأولى ومسجدها الثالث، وهب لنصرتها ذات "آه" أطلقتها مآذنها، فانبرى "الأمير" داعماً لصمود أهلها، منشغلاً بتفاصيلها، معتبراً أنها عنوان ل"حق مغتصب"، وكذلك فعل في السودان وسورية والأردن ومصر والباكستان وأفغانستان والبوسنة وغيرها. أدرك أن "عِمارة الأرض" رهن ب"العقل" و"القوة"، فاشتغل على الاثنتين، وحين عيّنَ وزيراً للدفاع (نوفمبر 2011) ومن ثم ولياً للعهد (يونيو 2012)، درس واقع القوات المسلحة السعودية، بمختلف شعبها العسكرية، وشرع في برنامج طموح لتطوير القدرات الدفاعية والقتالية، وكذلك تمكين الجيش من عقيدته أولاً وتكنولوجيا السلاح الجديدة ثانياً، مؤسساً لمجد جديد يضاف إلى سيرته الأولى. لم يطل به المقام، فيرتفع صوت المنادي "بايعناك"، ليغادر إلى سدة الحكم ملكاً، موفياً ب"الوعد" و"العهد"، وتبدأ ملحمة سعودية جديدة، سيسجلها التاريخ بحروف من ذهب. في البيعة الأولى (3 ربيع الثاني 1436ه /23 يناير 2015م)، تمسك صاحب البيعة ب"النهج القويم"، الذي خطّه الملك المؤسس، وسار عليه أبناؤه -رحمهم الله وأسكنهم فردوسه الأعلى-، وقال: "لن نحيد عنه أبداً"، متشبثاً ب"العروة الوُثقى"؛ فكان النهج "حزماً"، والدافع "أملاً"، والغنيمة "شعباً وأُمّةً". الراصدون توقفوا طويلاً عند "صاحب البيعة"، درساً وبحثاً وتمحيصاً، تلمسوا فيه اختلافاً، وظنوه نهجاً مغايراً، دون أن يدركوا حقيقة مقصده ب"النهج القويم"، ليتجلى المعنى في يوميات عام مضى، أرسى فيه للأمة كلمة، وأنهض للعروبة هامَة، ولسان حاله يقول: "لن تنحني إلا لله". قَصَدَ الملك سلمان بن عبدالعزيز - تماماً - ما قاله عن "النهج القويم"، الذي رآه "وطناً مطمئناً" وقد توشّح ب"الأخضر" سمواً وسلاماً، و"أمةً آمنة" تُزهر غدها بالخير؛ و"عدواً مَعقوراً مُرتعداً" وقد ارتد إلى عُقرِه شُرورَه. "النهج القويم"، هو "نبراس" ينير "درب المجد"، و"المجد" يصنعه "القادة العِظام"، فاختار الملك "المحمدين" (ولي العهد الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان)، واختبر فيهما قول المولى -جل وعلا- "القوي الأمين"، فكانا ما أراد، لتبدأ صفحة جديدة في تاريخ المملكة، وفق ركائز للحكم ثلاث: أولها: "رؤية" تشخّص الواقع، وتكشف عن التحديات، من دون "مواربة" أو "تسكين"، وتستطلع "الغد" بتجلياته المأمولة المحبورة. ثانيها: "إستراتيجية" توظّف الإمكانات، وقادرة على قهر التحديات، وتستجيب لتطلعات الشعب والأمة على حد سواء، بما يحقق الرفعة المنشودة. ثالثها: "عمل" دؤوب، و"إرادة" لا تلين، و"سواعد" صلبة، لا ترتجف، ديدنها الجد والاجتهاد، وغايتها الوطن والأمة. يؤمن الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- ب"الدولة الفاعلة"، صاحبة "المؤسسات" و"القانون"، المستندة إلى الدين الحنيف، وذات الشرعية، بشقيها "السعودي" و"العروبي - الإسلامي"، ف"الحكم" -في فقهه- "قانون" و"عدالة" و"مساواة"، و"الإنسان" -في عُرفه- "قيمة" و"غاية"، وهو ما تجلى في عام البيعة الأول. "الشعب"، في خلده، أصل الدولة وغايتها، لهذا كان "تمكين المواطنين"، أول قراراته محلياً، على مستويين، الأول: "التمكين المعيشي"، باعتباره الخطوة الأولى في طريق "التكليف" المفضي إلى "الإنجاز"؛ والثاني: "التمكين المؤسسي"، عبر تدعيم مؤسسات المجتمع المدني، الشبابية والخدمية، وتعزيز دورها في صقل الطاقات السعودية وتطويرها، وحثها على "العلم" و"العمل" و"الإنتاج"، بما ينعكس نمواً وازدهاراً في بلاد الحرمين الشريفين. على صعيد حكومي، يستدل على نهج خادم الحرمين الشريفين عبر ركائز أربع: "الأداء" و"الرقابة" و"المساءلة" و"القياس"، وهو ما تحقق بتوجهه لتفكيك مفاصل "التكلس" البيروقراطي، و"ترشيق" مؤسسات الدولة، وما يتضمنه ذلك من إعادة نظر في "البنية القانونية" الناظمة للصناعة والاستثمار والتنمية والسياحة في المملكة، لتعظيم العوائد المتأتية منها. وإستراتيجياً، دفع الملك نحو تأسيس مجلسين ل"المستقبل السعودي"، سيكون لهما أثر على المديين المتوسط والبعيد، الأول: مجلس الشؤون الأمنية والسياسية، والثاني: مجلس الاقتصاد والتنمية، اللذين يشكلان رافداً فكرياً وعملياتياً مهماً للدولة، ويوفران لصانع القرار الأرضية المعلوماتية والدعم اللوجستي اللازم لاتخاذ أنجع القرارات. "حاكم عادل"، هذا ما تعكسه يوميات الحكم، ف"الصفعة" أسقطت "صاحبها"، والملك انتصر لذلك "المصور"، الرسالة واضحة: لمن أحسن عملاً أجره، ومن أساء فعليه بما أساء، وللحق صولة ورجال. إصلاحي؟ نعم، فهو من خاطب المثقفين والإعلاميين بالقول: "رحم الله من أهدى إليّ عيوبي"، فأطلق بعبارته مِداد الصحفيين، ليكونوا سنداً ل"النهج القويم"، في زمن كُسّرت فيه أقلامهم، وقُتّلوا بآرائهم، مكرّساً -برحابة صدره المعهودة- "إعلاماً وطنياً"، يكون ظهيراً للدولة. خارجياً، "السلام" عقيدة الملك، وديدن الحكم ونهجه، و"العون" قيمة راسخة، متجذرة في الأساس القيمي للمملكة العربية السعودية الحديثة، ولكن "ردع العدو" أصل ل"إدامة العمران"، لا يمكن تركه، أو التهاون فيه، ف"الدولة الحقيقية" هي تلك القادرة على "صون منجزها" و"الذود عن مستقبلها". لهذا، "العدو" في وجدان خادم الحرمين الشريفين، هو "كل من أراد بهذه الأمة شراً"؛ و"الواقع" هو "حال قائم"، بما فيه، لكنه -بالإرادة- "لن يدوم" بما سكن عليه، وشكل هذا قاعدة للسياسة الخارجية للمملكة في عام البيعة الأول. أربعة ملفات هي محور سياسة الملك الخارجية: أولها: "الحزم" في قطع دابر الشر: رؤوس ك"طلع الشياطين"، أطلت من أوكارها في اليمن بهتاناً وطغياناً، قرارها في طهران، وحان دكها، وقد فعل. ثانيها: إرهاب أسود قد "جُنَّ" و"تَجنّى"، وعَصَف بإسلام حنيف، جاء للعالمين نوراً وهداية، فحرفوه -بمقاصدهم- زوراً وبهتاناً، فكان ميلاد التحالف الإسلامي، الأول في التاريخ الحديث. ثالثها: إنسان قضى بين قتيل وجريح، ووطن نازف دمره طغيان "طاغية سوريا"، وحلفائه من فرس ومليشيات سوداء، فانتفض لأجله المليك، وانبرى مدافعاً عن حق الشعب السوري في الخلاص من الطاغية. رابعها: الحق المغتصب، والاحتلال الأطول في تاريخ البشرية، فلسطين التي سكنت وجدان الأمير قبل أن يصبح ملكاً. "لم يهادن"، و"لن يساوم"، فالملك سلمان -حفظه الله- يدرك جيداً أن "الشيطان" كامن في طهران، لا ينفك عن جرائمه، ويدفع بمرتزقته هنا وهناك، محاولاً تطويق الأمة، فكانت موجات "عاصفة الحزم"، فهُنا السعودية، وعلى رأسها "عِزّ العرب"، سيسجل التاريخ أن ملك الحزم والنصر "صَنَعَ أُمّة".