الدولار.. الأسهم، وكل أنشطة المال العالمية تنطلق وتعود الى هذا المكان، حيث أصبح مرجعية تمسك بحركة الاقتصاد العالمي، وفيه كل الخبايا والأسرار الكبيرة والصغيرة، ويكاد لا يحدث أمرا في العالم دون أن تسمعه الأذان الكبيرة فيه، في وقت تمنع فيه حركة الأفواه الكبيرة أيضا. وول ستريت (Wall Street)، ليس أحد شوارع مانهاتن السفلى، في مدينة نيويوركالأمريكية، وإنما الواجهة الرئيسية للسوق الأمريكي، وفيه توجد بورصة نيويورك والكثير من الشركات المالية الأمريكية الضخمة كجي بي مورجان ومقر (أميركان ستوك ايكستشاينج) أو بورصة أمريكا ويقع الشارع في منطقة منهاتن السفلى ويتقاطع مع شارع بردواي ويتجه نحو (ايست ريفر) أو النهر الشرقي وهو ضمن الحي المالي. تعود تسمية ذلك الشارع بهذا الاسم الى القرن السابع عشر عندما كانت نيويورك مستوطنة هولندية، وعندما تعرضت لاحتلال البريطانيين تم بناء جدار ارتفاعه 12 قدم (4 أمتار) بواسطة الأفارقة العبيد لصد هجوم البريطانيين وبعد نجاحهم في الاستيلاء على نيو يورك دمروا الجدار في 1699م وعرف المكان باسم وول ستريت أي شارع الجدار، ثم في أواخر القرن الثامن عشر كانت هناك شجرة بوتنوود في شارع وول ستريت، وفي عام 1972م ربط التجار وثائقهم رسميا بشجرة بوتنوود وهذا هو الأصل في وجود بورصة نيويورك للأوراق المالية في وول ستريت. وقد شهد وول ستريت عددا من الأحداث المهمة في تاريخه، أهمها في 16 سبتمبر 1920م عندما وقع انفجار خلف 38 قتيلا و300 جريح أمام مقر جي بي مورجان أو مورجان هاوس، وفي يوم الخميس الأسود 24 أكتوبر 1929م، كان انهيار بورصة وول ستريت، ويعود ذلك إلى تفوق العرض على الطلب بشكل خيالي، وهنالك أيضاً من يسمون الانهيار يوم الثلاثاء الأسود وذلك لأنه بعد مرور خمسة أيام، أي في 29 أكتوبر عام 1929م، حدث انهيار آخر في سوق الأوراق المالية أدى إلى تفشي الخوف في قلوب العامة من أن البلاد مقبلة على حالة من الركود أو حتى انهيار المبنى الاقتصادي. وكان مستوى الحفاض مؤشر «Dow Jones» تقريبا 50% واغلق في يوم 13 نوفمبر على مستوى 198.69 نقطة، وعاد المؤشر إلى المستوى الذي كان عليه قبل الانهيار في عام 1954م. وسبب الانهيار يعود لاستثمار مبالغ ضخمة مما رفع أسعار الأسهم إلى قيم وأسعار خيالية وغير واقعية وارتفاع الأسعار جذب واستقطب مستثمرين من شتى الطبقات والمستويات على استثمار أموالهم في البورصة، حتى البنوك اشتركت في الاستثمار حيث قامت بتمويل قروض مع شروط مريحة للمستثمرين الأمر الذي ضاعف الاستثمارات ورفع الأسعار أكثر. وفي 24 أكتوبر من عام 1929م، عرض على لائحة البيع أكثر من 13 مليون سهم مما جعل العرض أعلى من الطلب واتجهت الأسهم نحو القاع، عمت الفوضى في المكان حيث بدأت أموال المستثمرين تتبخر وازداد الأمر سوءًا حين ازداد عدد الأسهم المعروض إلى 30 مليون سهم في الأيام التي تلت ذلك، الأمر الذي جعل أسعار الأسهم بلا قيمة وجعل الكثير من المستثمرين في ديون عميقة وعبء ثقيل للبنوك التي اعلنت إفلاسها بسبب الديون العميقة التي تراكمت من كثرة القروض غير القابلة للسداد بسبب انهيار البورصة وإفلاس المستثمرين. تلى ذلك الانهيار الاقتصادي عام 1987م الذي تسبب في انهيار مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 23% في يوم واحد وهو أكبر هبوط في تاريخ المؤشر سجل الانخفاض 508 نقطة مع نهاية جلسة اليوم، سمي هذا اليوم بيوم الاثنين الأسود، وأبرزها حديثا أزمة الرهن العقاري التي حدثت في صيف 2007م وتسببت في إفلاس أهم المؤسسات المالية العالمية مثل ليمان براذرز وبير ستيرنز وواشنطن ميتيوال ومازالت مستمرة حتى الآن.