لغة الضاد ما مثلها في الأضداد، أيما لغة في الكون يممت قصداً لتعلمها، حتماً ستشعر بالبون، فتعود إليها مغرماً لتبحر في سبر أغوارها، ومن ثمّ تكتشف الأسرار وتبهرك مفرداتها أيما إبهار! وأنا أعد لصياغة مقالتي عن اللغة العربية وأرتب الأفكار حولها، رأيت أن لزاماً علي تنميق العبارة وتزيين الألفاظ حباً فيها وإسهاماً في خدمة لغة القرآن؛ ما فرض علي أن تكون المقدمة على هذا النحو من الديباجة. من القيم ما لها اعتداد في حياة الفرد والمجتمع، لا سيما عندما ترتبط القيمة بالهوية وباللسان الذي يفصح بياناً عما يجول في الخاطر ويعبر عما يختلج في الصدر بلغة اكتسبت شرف خاصيتها بالقرآن الكريم الذي سيبقى أعز شرف حظيت به لغة على مر الدهر! في يوم الاحتفاء باللغة العربية، لا يزال كثير من أبنائها في غربة عنها ورغم ذلك، إلا أنها تأتي بمثابة الأم الحانية على أبنائها أن الزموني، أدينوا بفضلي، تحدثوا عني، وحدثوني أغنِكم، فأنا المنزلة بالكتاب، شرفني رب العباد، فخصني لغةً للقرآن، قال تعالى: (.. كتاب فصلت آياته قرآناً عربياً لقوم يعلمون)، فيا له من عظيم شرف وجميل فضل أن يتعبد الخلق ويتلوا كتاب الله بأحرفي. نحتفي باللغة العربية في كل عام ونظهر اهتماماً بخصائصها وسماتها متناقلين ذلك بكل زهو، وما أن يمر اليوم إلا ونعود خائضين في عاميتنا الدارجة والأمر يزداد سوءاً حين يكون الخطاب مع جاليات نظن أنه يجب علينا أن ننزل في الحديث إلى مستواهم فنتنازل عن كثير من مبادئها لتبدو لغتنا الجميلة مكسرة بفعل ألسنتنا، في وقت نحن أحوج إلى إجادة العربية تحدثاً وكتابة، وأدعى أن يكون الاحتفاء بالعربية واقعاً في حيز التطبيق بعد أن أشبع تنظيراً وليس مجرد رفع شعارات فقط! الأخّاذة لا تزال تأسرنا بحسنها البديع، ولا غرو إن فاقت جميع اللغات فهي الكاملة مبنى الجميلة معنىً. أخلص إلى أنه على عاتق المؤسسات التعليمية ووزارة الثقافة والإعلام والغيورين على اللغة من الهيئات والمراكز والأفراد، تقع المسؤولية في غرس مبادئ العربية وتعزيزها في نفوس الجيل الحالي.