الصين سوف تحقق هدف النمو الاقتصادي لديها بحوالي 7 بالمائة لعام 2015، كما أكد شينج لايون من المكتب الوطني للإحصاءات للعالم قبل أيام قليلة. قال شينج: "لا يزال اقتصاد الصين لديه متانة جوهرية قوية وإمكانية ضخمة وفسحة كافية". ربما هو على حق حول الإصرار والإمكانات. أنا لست متأكدا تماما ما يعنيه ب "الفسحة الكافية". هل من الممكن أنه يقول إن وكالة الإحصاءات لديها الفسحة للتأثير في الأرقام للتأكد من فعاليتها؟ إن الشك في أن الإحصاءات الاقتصادية في الصين تعتبر انعكاسا للطموحات بقدر ما هي انعكاس للواقع ظهر كثيرا في هذا العام الحافل بالأحداث.. إليكم ثلاث حكايات إحصائية ممتعة مأخوذة من الشهرين الماضيين: ردا على مقابلة أجرتها صحيفة تشاينا تايمز مع الخبير الاقتصادي ليو واي، رئيس جامعة رينمين في بكين ومستشار الرئيس الصيني تشي جين بينج، حول الادعاءات المقدمة من محللين خارجيين، مفادها بأن النمو الصيني كان أقرب إلى 4.5 بالمائة، أجاب قائلا، وفقا لترجمة أجرتها تشاينا سكوب: "قد يكون هذا هو الرقم الحقيقي. لكن حتى أكون صادقا معكم، حتى لو كان 4.5 بالمائة أو 5 بالمائة، لا داعي للخوف. المهم هو ما إذا كان الاقتصاد يستطيع فعلا تحمل ذلك". قال عدد من المسؤولين المحليين من شمال شرق الصين لوكالة الأنباء تشينهوا: إن التقارير حول الانخفاضات الحادة الأخيرة في النمو الاقتصادي في مقاطعاتهم جاءت لأنهم كانوا يزورون الأرقام في السابق. وقال أحد المسؤولين، وفقا لصحيفة تشاينا ديلي: "لو لم يتم تضخيم البيانات الماضية، فإن أرقام النمو الحالية لن تظهر مثل هذا الانخفاض الحاد". وهناك مقياسان مستقلان للإنتاج الصناعي الصيني، وهما مؤشر مديري المشتريات الخاطف الذي تقوم بتجميعه مؤسسة ماركيت إكونومكس، ومؤشر مينكسين بي إم آي في الصين الذي تقوم بتجميعه شركة مينشينج المصرفية في الصين وأكاديمية الصين لاقتصاديات جانب الطلب الجديدة. وقد أوقف استخدامهما فجأة بعد إظهار انخفاضات أكثر وضوحا من قراءات مؤشر مديري المشتريات الرسمي. القلق ليس حول أن القوة الاقتصادية في الصين هي خيالية إلى حد كبير، كما كان الحال مع الاتحاد السوفييتي قبل انهياره. يضع "مؤشر نوعية البيانات" الجديد من World Economics الصين في المرتبة الأربعين في منتصف الطريق من حيث موثوقية بيانات الناتج المحلي الإجمالي لديها، خلف المكسيك وقبل كرواتيا. لكن بسبب رغبة الحزب الشيوعي في الإبقاء على التصور بأن كل شيء لديه تحت السيطرة، يبدو الحزب بالفعل بأنه كان على الاقل يتدخل حتى تظهر الأرقام متجانسة. والنموذج المشابه الأكثر وضوحا بالنسبة للقارئ الغربي هو "الذي يتعلق بشركة كانت تنمو إيراداتها بشكل متناسق منذ مدى طويل، لكن أخذت تظهر عليها الآن علامات التعثر". وفي الشركات، غالبا ما تكون مثل هذه المواقف إرهاصات بالاحتيال المالي، والاندماجات التي لا جدوى منها، ومحاولات التفكيك من جانب المستثمرين النشطين وأشكالا أخرى من الاضطرابات. بالنسبة لبلد يخضع لحكم حزب واحد، من الصعب تخمين ما سيحدث. وكانت هنالك مرات عديدة في هذ العام عندنا بدا حكام الصين كما لو أنهم فقدوا زمام الأمور - خصوصا خلال الارتفاع ومن ثم الانخفاض الحاد في بورصتي شنغهاي وشنزن في فصلي الربيع والصيف -، لكن في الآونة الأخيرة يبدو أنهم استعادوا السيطرة على الوضع. حيث ارتفع مؤشر شنغهاي المركب بنسبة 12 بالمائة خلال هذا العام. لذلك، ماذا سنفعل بهذه السنة الغريبة جدا للصين؟ يقول شينج ليون من المكتب الوطني للإحصاءات: إن كل هذا سوف يكون على ما يرام، وأنا لست متأكدا من أن لدي إجابة أفضل. مع ذلك، سأحاول. في العام الماضي، سأل أحدهم على موقع Quora للأسئلة والأجوبة: "لماذا يدعي بعض غير الصينيين فهمهم للصين، في حين أنه حتى معظم الصينيين لا يفهمون بلدهم؟" كان هنالك الكثير من الردود المثيرة للاهتمام، وأفضلها بالنسبة لي كان من كلاي شيركي، منظر الانترنت المعروف، والذي كان يقوم بالتدريس في فرع شنغهاي من جامعة نيويورك. خلص شيركي إلى ما يلي: "النموذج الخطي الذي يعتبر أن "الفهم" هو شيء موجود عند الناس بنسب متفاوتة ليس منطقيا، خاصة بالنسبة لشيء معقد كالدولة. هنالك أشخاص يبالغون في فهمهم في هذا المجال، لكن هنالك ايضا بعض المجالات التي يستطيع فيها الشخص الأجنبي أن يفهم الأمور التي لا يمكن للسكان المحليين فهمها، وذلك بأن يتخذ موقع المتفرج ويتمتع بإمكانية الوصول إلى معلومات إضافية والتحرر من الحساسيات المحلية". من موقفي البعيد كمتفرج، الأمر الرئيسي الذي أعتقد أنني أفهمه وربما الناس في الصين لا يفهمونه هو أن البلدان التي تمر في مراحل تطور اقتصادي سريعة حتما ستواجه متاعب.. وقد تكون هذه المتاعب على شكل ذعر مالي، أو أزمة سياسية، أو فترة من الركود، أو كل ذلك. هذه المتاعب لا ينبغي أن تعني نهاية التقدم، لكنها تحدث انقطاعا بالتأكيد، وغالبا ما تتسبب في تغيير المسار. كان صناع السياسة الاقتصادية في الصين دارسين أذكياء لما كان ناجحا أو فاشلا في البلدان الأخرى، وقد وجدوا بالفعل طريقة للالتفاف على دورة الأزمة المالية التي تحدث كل عقد أو ما إلى ذلك، وهي أحداث ميزت التنمية الاقتصادية في المملكة المتحدة والولايات المتحدة خلال القرن التاسع عشر. إن نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي كان أعلى من 7 بالمائة سنويا منذ عام 1991 ويبدو أنه، رسميا على الأقل، سيصل إلى ذلك الهدف مرة أخرى في عام 2015. لكن أن تستمر الصين على هذه الوتيرة أو قريبا منها، بلا انقطاع، ولسنوات وسنوات قادمة؟ لا أظن ذلك.