ستة وثلاثون مكتبا ومركزا يعمل بها 330 موظفا ونحو ألفي متطوع موسمي، يجمعون نحو 66 مليون ريال في عام واحد من 60 ألف متبرع، هي قصة نجاح جمعية البر الخيرية في الأحساء لهذا العام، التي أهلتها للحصول على جائزة الملك خالد الخيرية (فرع التميز للمنظمات غير الربحية للعام 2015م). فهذه الجمعية التي تأسست في العام 1400 للهجرة وتناوب على إدارتها أفضل القيادات الإدارية في محافظة الأحساء، تغطي مساحة جغرافية تعتبر الأكبر على مستوى المملكة، وتخدم آلاف الأسر المحتاجة في مناطق متناثرة في المحافظة. وقد وصلت خدمات الجمعية إلى أبعد من 1000 كيلومتر من مركز المحافظة في الهفوف، عندما قام مدير الجمعية (الذي لا يكل ولا يمل) الأستاذ معاذ الجعفري مع زميل له بالانتقال بسيارة مستأجرة إلى هجرة (ذاعبلوتن) في الربع الخالي، معرضين أنفسهم للخطر من أجل إيصال المساعدات إلى 30 أسرة محتاجة هناك. والمبهر في مسيرة الجمعية أمران: الأول أن أعداد المتبرعين في عام واحد لجمعية واحدة يعتبر رقما قياسيا يعطي مؤشرا على مدى التعاطف الشعبي مع الجمعية، ومدى القبول والثقة التي تحظى بها لدى جمهور المحسنين في المحافظة. فقد يبدو طبيعيا أن يقوم متبرع أو اثنان بدفع 66 مليون ريال في عام واحد، لكن أن يتم جمع هذا المبلغ من ستين ألف متبرع فهنا يكمن التحدي وهناك يكون النجاح، حيث الجهد المطلوب للحصول على كل تبرع. الثاني هو أن عمل الجمعية لم يقتصر على مساعدة المحتاجين، بل إن هناك سلسلة من البرامج والأنشطة والفعاليات المواكبة لذلك، والتي منها الحفاظ على البيئة وإقامة بعض الدورات التثقيفية والتعليمية ودروس التقوية، وتدريب أبناء المحتاجين على العمل ومساعدتهم على الانخراط في سوقه، بل ويتجاوز ذلك إلى التفاوض على الرواتب التي يحصلون عليها ومتابعة استمرارهم في العمل. كما انهم تجاوزوا ذلك أيضا إلى إقامة برامج مثل (احترام الممتلكات العامة)، والاشتراك في حملة جمعية تنشيط التبرع بالأعضاء (إيثار) لمدة شهر كامل في الأحساء، وتأسيس مركز التنمية الأسرية ذائع الصيت، والذي هو بحد ذاته قصة نجاح أخرى تستحق أن تروى. إن هذه الجهود المبذولة من الجمعية بمختلف مكاتبها ومراكزها تعكس حب الخير المتجذر في نفوس أبناء هذه المحافظة، كما تدل بشكل جلي على المستوى الإداري المتقدم لدى أبنائها، وهو ما استحقت عليه هذا التكريم من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.