قبل أشهر حاولت العديد من وسائل الاعلام الاقليمية، الاحتفاء بانتصارات وهمية مزيفة، فيما يتعلق بقضايا الامن والاستقرار الاقليمي، وكانت الدبلوماسية السعودية اكثرها واقعية، واكثرها اقترابا من الحقيقة التي حاول البعض القفز عنها، فقد اختلفت المملكة مع واشنطن حيال قضايا وحول اسلوب الحل الامثل والناجع لها. الدول الاقليمية كانت مهمتها اظهار اخفاق الدبلوماسية السعودية، وانها وحيدة، وانها تخالف الواقع، خاصة بعدما استبقت المملكة الجميع في رؤيتها لتداعيات الارهاب في المنطقة، وزادت على ذلك انها اصدرت تعليمات وقرارات واجراءات لمحاربة الارهاب، ووضعت قوائم بالارهاب والارهابيين، ودعت المجتمع الدولي لعدم ترك الارهاب يتطور ويترسخ، غير ان البعض غادر الحقيقة وتجاوز عن الواقع ليكتشف اليوم ان بصيرة المملكة ورؤيتها الاستراتيجية، تؤكد أنها دولة مسؤولة وانها تدرك مخاطر الارهاب وتداعياته، وتعرف مصادر تمويله ايضا. اليوم تعود الادارة الامريكية والدول الاقليمية، وبخاصة العراق الجديد، يعودون الى الفكرة السعودية بضرورة محاربة الارهاب واجتثاثه، بكافة تنظيماته من القاعدة الى داعش ومن الاخوان الى الحوثيين وجبهة النصرة، فالارهاب واحد وان تعددت اشكاله وعناوينه. اليوم يجتمع العالم بجهد دولي تدعمه الاممالمتحدة لمساعدة العراقوسوريا للتخلص من ارهاب داعش، ارهاب اختلط فيه الدين مع البزنس مع المصالح والاجندات الاستخباراتية، مع المصالح الاقليمية، فداعش كانت وما زالت اداة النظام السوري، وكانت اداة حكومة المالكي، ومن تحت الستار كانت داعش تبيع النفط والغاز الى تركيا الاسلامية التي ارتبطت مع داعش في مصالح متبادلة كما تفيد الصحافة التركية. ايرانوتركيا تغيبان عن المشهد، انقرة حاولت الا تدخل في اطار الجهد الدولي بحجة محافظتها على ارواح دبلوماسييها المختطفين من قبل داعش، وطهران التي ارسلت الرسائل للادارة الامريكية بانها على استعداد للتنسيق مع واشنطن لمواجهة داعش تغيب عن التفصيلات الفنية والتي قد تشمل داعش سوريا حليفتها الاستراتيجية، في توقيت يتضح فيه تراجع حدة التأثير الروسي في الجهد الدولي لمحاربة الارهاب. الجهد الدبلوماسي السعودي، كان واضحا بضرورة دعم المعارضة السورية وتمكينها من فرض نفسها، بدلا من الدماء التي تسيل والارواح التي تزهق، والثروات التي تبدد، وكانت من البداية واضحة في موقفها، الا ان ما نشاهده اليوم هو اعتراف دولي بالتقييم السياسي السعودي والعودة له لتحقيق الامن والاستقرار الاقليمي. لقد دعت المملكة الى تصفير مشكلات الشرق الاوسط بحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، واقترحت في حينه المبادرة العربية للسلام التي كانت تقدما في الحلول السياسية لمشكلات المنطقة، وكانت على الدوام بالضد من التحريض الطائفي البغيض، ومع استقرار ووحدة العراقوسوريا واليمن، غير ان الادارة الامريكية ادركت متأخرة أن تسليم العراق لإيران كان له ضرره على الامن الاقليمي والدولي، وعليه كانت بادرة اقصاء حكومة نوري المالكي هي اعترافا بالبيان السياسي السعودي، بان امن واستقرار العراق يحتاج جهدا وطنيا للخروج من دوامة الحكومات الطائفية والمرجعية الايرانية، وعندما غادر المالكي، بادرت المملكة بدعم خيارات الشعب العراقي في حكومة وطنية تمثل كامل اطيافه ومكوناته، كونها ترى ان حكومة نوري المالكي كانت جزءا من الازمة ولم تكن جزءا من الحل. عودة العالم والمجتمع الدولي للطروحات والافكار والنداءات السعودية، هو اعتراف حقيقي بان للمملكة رؤية وبصيرة استراتيجية لا يمكن تجاوزها، لانها تعتمد رؤى واقعية، وتهدف الى تعزيز الامن والاستقرار الاقليمي، وهو ما كانت دول اقليمية ترفضه، لا بل ساهمت في تعزيز حالة الفوضى وأشعلت فتيل التطرف وسعرت نار الطائفية التي لن تأكل الا أصحابها. الجهد الدولي لمحاربة الارهاب كل الارهاب سيكون خطا فاصلا في الشرق الاوسط، وسيساهم في استعادة الامن والاستقرار المفقود في المنطقة، وسيدفع دول العالم للاعتراف بحكمة وعقلانية السياسة السعودية كدولة تمثل محور التوازن الاقليمي، وذات دور وحضور فاعل على المستوى الدولي.