يمضي العام، ويأتي العام.. وكلنا أمل بجديد غير الذي نعيشه، فالنفس دوما توّاقة للجديد الذي يسرها ويزرع الفرح فيها، عام مضى بكل ما فيه من فرح أو ترح، ونستقبل عاما جديدا، نحلم فيه بكثير من الأحلام التي قد تتحقق أو لا تتحقق، حتى وصولنا للعام الجديد القادم إن كتب الله لنا العمر. لا ينبغي ونحن نودع عاما مضى أن نقنط أو نيأس مما لم يتحقق لنا، أو ارتحل معنا إلى العام الجديد، ورغم اني لا أوافق المعرّي في نظمه (تعب كلها الحياة فما أعجب/ إلا من راغب في ازدياد)، إلا أن التعب والرهق من سنة الحياة، وذلك يصيب النفوس بحسب همتها وإرادتها وصبرها، ولذلك يجب أن نتمسك بحقنا في التفاؤل بعام جديد يشرق بتحقيق الأماني، فالتغيير في الغالب مسألة نفسية إن واجهنا متاعبنا بأمل وصبر فقد نتغلب عليها، ونجيرها للعام الجديد، وإن فشلنا حبسناها في متاعب العام السابق. شخصيا أتفق مع الشاعر إيليا أبو ماضي في قوله (كن جميلا تر الوجود جميلا)، و(الذي نفسه بغير جمال لا يرى شيئا جميلا).. إنه الجمال الذي بداخلنا هو ما يجعلنا نتجاوز مصاعب الحياة وأثقالها على الكواهل، ويجعل الوجوه تشي بابتسامات حقيقية أمام أعتى الصعاب، فأيام الله جميعا على ما نكون عليه من فرح أو حزن، فإذا كان أحدنا بشوشا ومقبلا على الحياة ويملك القدرة على تحدي متاعبه، فالأعوام لديه سيان، وكذا الحال بالنسبة للقنوط واليائس البائس. جمال الحياة والنفوس يجعل الحياة جميلة وجديرة بأن نحياها، فليبحث كل منا عن الجمال المكنون في نفسه، وكيف يجده حتى يعيش حياته مطمئنا وسعيدا، يستوي في العام الماضي مع التالي، وتكون كل أعوامه فرحا وسعادة إلا بقدر ما يقدره الله من البلاء، فحينها تحزن القلوب وتتكدر النفوس، ولكن لحين لا يستغرق كل العام، أي لا يجب أن نعيش في أحزاننا أبدا لأن الحياة جميلة في كل فصولها وأيامها. إنني ورغم ما مر بي في الفترة الاخيرة من هذا العام من فقد لوالدي العزيز، إلا انني لا أملك غير التفاؤل برحمة الله له والدعاء الدائم بأن يتقبله قبولا حسنا وان يدخله فسيح جناته.. وهذا الفقد احزننا، إلا اننا لن نيأس من رحمة الله.