دشنت شركة ارامكو السعودية الأسبوع الماضي برنامج (اكتفاء) والذي يهدف الى رفع نسبة المكون المحلي من خلال اعمال توريدات الشركة التي تصل الى مستوى تريليون ريال خلال العشر السنوات القادمة، وأتى هذا الإعلان الذي رعاه سمو أمير المنطقة الشرقية سعود بن نايف من خلال رعايته الملتقى الذي استضافته شركة ارامكو للإعلان عن هذا البرنامج واستراتيجيتها القادمة، والذي حددت فيها كمرحلة أولى للاستراتيجية برفع مستوى المكون من 35٪ الى 70٪ بحلول العام 2020م من خلال ثلاثة محاور، وهي توطين السلع والخدمات وتوظيف نصف مليون من السعوديين من الوظائف المباشرة وغير المباشرة وزيادة صادرات المملكة من صناعات قطاع الطاقة الى ما نسبته30٪. يأتي هذا الإعلان في ظل ظروف اقتصادية صعبة تعيشها جميع الدول النفطية دون استثناء وتزيد حدتها في الدول التي تعتمد اعتمادا كبيرا على انتاج وبيع النفط، مما جعل هذا الإعلان له أهمية خاصة للقطاع الخاص السعودي في المرحلة القادمة في ظل انخفاض متوقع في مستوى الإنفاق الحكومي في المستقبل، والذي سيكون له تأثير كبير على استقرار ونمو الاقتصاد المحلي في ظل سيادة المملكة لقطاع النفط في العالم من خلال التوسع في عملياتها الإنتاجية وتنوع منتجاتها وإعادة رسم سياسات استخدام الطاقة من وقت لآخر، ويمثل هذا التوجه فرصة تكاملية عظيمة ومستدامة في نفس الوقت لتوطين الصناعة النفطية في المملكة. منذ اكثر من عقد من الزمان وشركة ارامكو السعودية تعمل وتبحث لتعزيز مستوى التوطين في قطاع النفط في المملكة، وكانت هناك مبادرات واستراتيجيات عدة، أثمرت عن نتائج إيجابية كبيرة ولعل ابرزها تأهيل مجموعة كبيرة من الشركات السعودية الخاصة للعمل في مشاريع الشركة وفرض نسبة سَعوَدَة عالية على هذه الشركات، مما ساهم بشكل كبير في توظيف عدد كبير من السعوديين، ولعل الآن ومن خلال برنامج (اكتفاء) وصلت القناعة الكاملة لتطبيق منهجية واضحة للتوطين تتمثل في توظيف السعوديين ونقل التقنية وتمكين السعوديين وتدريبهم من خلال برامج تدريبية وتطويرية عالية المستوى، وذلك بإشراف كامل من خلال شركة ارامكو لتمكين هذه الشركات للعمل مع ارامكو في المرحلة القادمة. قد تكون شركة ارامكو أطلقت شرارة بدء عمليات التوطين، ولكن علينا ان نعي ان هناك شركات ومؤسسات عدة في المملكة سواء حكومية او شبه حكومية او خاصة، عليها نفس المسئولية الوطنية تجاه التوطين، وان التأخر في التعامل مع هذا التوجه سيكون له آثار سلبية جداً ليس على الاقتصاد المحلي فقط، ولكن ايضا على القطاعات التي تمثلها هذه المؤسسات. حيث ان هذه القطاعات ستكون محفوفة بشكل كبير بمجموعة من المخاطر والتهديدات دون ان يكون لذلك نهاية، فالعمل على هذا المنهج اصبح يمثل هاجسا وطنيا وعلى الجميع ان يتحملوا المسئولية دون اي كلل او ملل. في نفس الوقت لا نريد ان نقف عند حدود الإعلان وذلك من جهتين الاولى، أتمنى الإفصاح عن المخاطر التي قد تواجه نجاح وتنفيذ هذا البرنامج وكيفية التعامل مع اي انحرافات متوقعة، وفي نفس الوقت آمل من رئيس الشركة ان يعلن عن موعد الملتقى القادم والذي سيعلن فيه النتائج المحققة من هذا البرنامج طوال عام كامل والخطط القادمة لإكمال هذا البرنامج، وهنا أطالب بتحديد مؤشرات قياس الأداء والشفافية للاطلاع على سير هذا البرنامج الوطني ومدى مستوى كفاءة التنفيذ خلال المرحلة القادمة. كل التوفيق لشركة ارامكو السعودية والعاملين فيها ومن يعمل معهم وكافة شركائهم في إنجاح هذا البرنامج الوطني الهام.