دعا اعضاء لجنة القطاعات الاستراتيجية بغرفة الشرقية إلى تبني استراتيجية واضحة في التوطين، تؤدي الى تنويع مصادر الدخل، وتقليل الاعتماد على البترول فقط، مؤكدين أن «التوطين» عبارة عن سياسة اقتصادية، تستهدف خلق قطاعات إنتاجية وطنية (سلعية أو خدمية)، تعمل بها الأيدي العاملة الوطنية السعودية الماهرة. واشاروا خلال ندوة نظمتها «اليوم» إلى قيمة الانفاق الحالي والمتوقع للقطاعات الاستراتيجية في المملكة حسب التقديرات المتحفظة ما يقارب 300 مليار ريال سنويا، وتقدر نسبة المحتوى المحلي الحالية ما يقارب 20% أي حوالي 60 مليار ريال، وذكروا انه في حالة تطبيق سياسة ناجحة للتوطين وزيادة المحتوى المحلي تستطيع المملكة تحقيق نسبة 55% تقريبا من المحتوي المحلي أي ما يعادل 165 مليار ريال في السنة، بما يساهم في إضافة 97 مليار ريال للاقتصاد الوطني.وتشير التقديرات الى ان استحداث برنامج للتوطين في المملكة من شأنه أن يخلق فرص عمل جديدة بما يقارب مليون وظيفة ويسهم في ضخ 105 مليارات ريال في الناتج المحلي الاجمالي. واوصى المشاركون في الندوة بوضع خطط وسياسات واضحة للتوطين تعمل على استقادة الاقتصاد الوطني من المبالغ الكبيرة المنفقة سنوياً على استيراد مستلزمات الأجهزة الحكومية وشركات القطاعات الاستراتيجية من السلع والخدمات، والمساهمة في خفض معدلات البطالة المتزايدة. وطالبوا بإيجاد جهة حكومية تراقب التزام الجهات الحكومية بمنح الأولوية للمصنعين والموردين السعوديين، و توحيد سياسات وخطط وبرامج شركات القطاعات الاستراتيجية في المملكة في مجالات التوطين المختلفة، والتنسيق بينها، ومتابعة أداء عملية التوطين فيها ، والتوعية المجتمعية بأهمية التوطين من خلال تنظيم المؤتمرات والفعاليات المختلفة. كما اوصى المشاركون بإنشاء قواعد بيانات لتحديد الفجوات الإنتاجية المحلية في مجالات توريد السلع والخدمات والعمالة والتدريب وربطها بخطط التنمية الاقتصادية والصناعية في المملكة ، وتوحيد إجراءات تأهيل المصنعين والموردين المتعاقدين مع كافة الأجهزة الحكومية وشركات القطاعات الاستراتيجية. ويرى أعضاء لجنة القطاعات الاستراتيجية بغرفة الشرقية أن تعزيز المحتوى المحلي في الاقتصاد الوطني فكرة رائدة وهامة، موجودة لدينا، كما هي موجودة في العديد من البلدان، وهي ليست فكرة جديدة، بيد أن نسبة تطبيقها لدينا لاتزال متواضعة لوجود عقبات لعل أبرزها أن لدينا عدة جهات تقوم بذلك، فالمطلوب ان تتوحد الجهود، كوننا نعمل في منظومة واحدة، وهدفنا واحد، ولا فائدة من تشعب الجهود وتشتتها، فذلك لن يجلب الا المزيد من الهدر في الوقت والمال. وأضافوا ربما كان هذا الموضوع في وقت سابق ليس ملحا، لتوافر الأعمال والفرص، لكن الأمر اختلف في الوقت الحاضر، وصار حديثا عن التوطين في كافة القطاعات، وتنامى الوعي بضرورة التوطين، في الوظائف والمشاريع والتقنية وغير ذلك، وصار الحديث الآن بالمقارنة بين ما نجنيه من التوطين وما نخسره من عدم التوطين. تجارب التوطين واشار المشاركون الى دراسة متخصصة اصدرتها غرفة الشرقية بعنوان (التوطين.. الوظائف التقنية .. التكنولوجيا) ذكرت العديد من التجارب المحلية وغير المحلية في التوطين، وكان لها نتائج ملموسة على مختلف الصعد، خصوصا الجانب الاقتصادي. فذكرت الدراسة بأن ثمة جهودا عديدة مبذولة يقودها قطاع الأعمال السعودي، منها (تجربة شركة أرامكو السعودية) التي تفضل شراء مستلزماتها الصناعية والخدمية من المصانع السعودية والموردين السعوديين، طبقاً لاعتبارات السعر والجودة والتوفر والنقل، وتمنح أرامكو المصانع السعودية الموردة اليها ميزة تفضيلية في السعر بمعدل 10% وذلك بشرط تحقيق نسبة السعودة المطلوبة، بالنسبة للمصانع التي يملكها سعوديون أو التي يملكها أجانب، وبالنسبة للمصانع السعودية التي لا تستوفي نسبة السعودة المطلوبة تعطى أفضلية سعرية بمعدل 5% فقط. واكدت الدراسة أن شركة أرامكو السعودية قد خصصت ميزانية لنفقاتها الرأسمالية خلال الخمس سنوات القادمة بنحو 125 مليار دولار، وتشمل هذه الميزانية إنشاء مشاريع محلية ومشتركة، وتقدر قيمة مشتريات المعدات و المواد وقطع الغيار من هذه النفقات نحو 43 مليار دولار، وتستهدف الشركة شراء 22% من قيمة هذه المواد من السوق المحلية وبقيمة تبلغ 9.6 مليار دولار، ويعني ذلك وجود العديد من الفرص الاستثمارية المتوفرة أمام القطاع الصناعي السعودي. وقد قامت شركة أرامكو السعودية مؤخراً بإنشاء إدارة خاصة بالتوطين، الأمر الذي يؤكد زيادة اهتمامها بهذا الموضوع. التوطين في الشركات واما (تجربة الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك): فقد اشارت الدراسة إنه ووفقاً لدليل «الشروط العامة للعقود» في شركة سابك فإنه يجب على الموردين بذل قصارى جهدهم لشراء المنتجات السعودية، ويجب شراء كافة التسهيلات الصناعية والمواد والأدوات والسيارات والمعدات وقطع الغيار والسلع الاستهلاكية من المصنعين المحليين بشرط توافقها مع المواصفات والمتطلبات. وعن (تجربة الشركة السعودية للكهرباء) في التوطين فقد أنشأت الشركة على موقعها الالكتروني بوابة للعقود والمشتريات، تمكن المصنعين المحليين من التسجيل كموردين معتمدين والاطلاع على خطط ومشاريع الشركة المستقبلية.. ووفقاً للميزانية المعتمدة لعام 2013م، فتبلغ نسبة المواد والمعدات في المشاريع الرأسمالية نحو (70%) أي ما يقارب (56) مليار ريال، وتبلغ قيمة المواد المتوقع تأمينها من المصانع المحلية نحو (23.5) مليار ريال أي بنسبة توطين 42%، في حين تبلغ قيمة المواد المتوقع تأمينها من خارج المملكة نحو (32.5) مليار ريال. ورغم حداثة التجربة، فقد رصدت الدراسة بعض الجوانب في (تجربة شركة معادن) التي تنفذ شركة معادن برامج التوطين في إطار برامج المسؤولية الاجتماعية التي تقوم بها، حيث تؤكد حرصها على تأمين احتياجاتها من المشتريات محلياً. وقد بلغت نسبة الإنفاق المحلي لكامل ميزانية المشتريات عام 2013م نحو 67%وذلك بقيمة تزيد عن 5.4 مليار ريال، إلى جانب إلزام موردي الشركة ومقاوليها بتأمين نسبة 10% من المشتريات والتوريد من الأسواق المحلية في مناطق عمليات معادن. وفيما يتعلق بتوطين الوظائف فيوجد لدى الشركة ما يزيد عن 6300 موظف في مختلف مناطق المملكة بنسبة سعودة بلغت 66%. وعن التجارب الخارجية ، ذكرت الدراسة بأن العديد من دول العالم «النفطية» قامت بتطبيق سياسات جادة للتوطين نتج عنها تحقيق إنجازات كبيرة ونتائج إيجابية عديدة جعلت قطاع النفط يقود جهود تنويع الهيكل الإقتصادي، بوضع إطار تشريعي وبناء مؤسسي قوي يرعى ويشرف على تطبيق هذه السياسات، وتعتبر النرويج من أوائل الدول التي طبقت هذه السياسات وحققت نجاحات كبيرة، كما تعتبر البرازيل من أهم الدول التي تطبق هذه السياسات في الوقت الحالي، كما أن نيجيريا تعتبر أيضاً من أكثر الدول التي وضحت سياسات واضحة للتوطين من خلال إصدارها لقانون المحتوي المحلي. وابرز هذه الدول هي (النرويج، والبرازيلونيجيريا) فعن النرويج قالت الدراسة:»دخلت سياسات التوطين في النرويج حيز التنفيذ في عام 1971م وذلك مع قيام البرلمان النرويجي بتعديل سياسات تشغيل قطاع النفط والتي نصت على ضرورة أن يتم تطوير ودعم الأنشطة الإقتصادية الجديدة بالاعتماد على قطاع النفط، وتم إصدار مرسوم ملكي في ديسمبر 1972م بتطبيق هذه التعديلات، وتلى ذلك تأسيس مكتب توطين السلع والخدمات النرويجي من أجل دعم الموردين المحليين من خلال المشروعات المشتركة، وتشجيع البحث العلمي، ونقل التكنولوجيا، ومراجعة إجراءات التعاقد للتأكيد على منح الموردين المحليين فرصة أكبر للمشاركة، ووضع شروط بنسب مكون محلي محددة ومراقبة الالتزام بها. رئيس القطاعات الإستراتيجية بغرفة الشرقية: «التوطين» تدعم صناعة الشاب المنتج دعا رئيس لجنة القطاعات الاستراتيجية بغرفة الشرقية، المهندس خالد بن عبدالله الزامل، إلى تبني استراتيجية واضحة في التوطين، تؤدي الى تنويع مصادر الدخل، وتقليل الاعتماد على البترول فقط، وهذا ما كان وما زال هدفا اساسيا في خطط التنمية. وقال: إن «التوطين» عبارة عن سياسة اقتصادية، تستهدف خلق قطاعات إنتاجية وطنية (سلعية أو خدمية)، تعمل بها الأيدي العاملة الوطنية السعودية الماهرة، وتتمكن في الوقت نفسه من الوفاء بمتطلبات الأجهزة الحكومية وشركات القطاعات الاستراتيجية ولتحل منتجاتها محل الواردات، وهذه السياسة متعارف عليها عالمياً بسياسة المحتوى المحلي (Local Content Policy). ويضيف: إن هذه السياسة تشمل توطين ثلاثة قطاعات أو عناصر أساسية، هي (المشتريات السلعية والخدمية، والعمالة، والتقنية)، وهذه الأخيرة هي التي تؤهل الشركات السعودية من الإنتاج بالجودة وبالمواصفات العالمية المطلوبة. وبمعنى أعم وأشمل - والكلام للمهندس الزامل - إن سياسة التوطين هي بمثابة بناء استراتيجية شاملة للدولة، تسهم من خلالها في تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على المنتج الواحد، وهو الهدف الثابت في كافة الخطط التنموية للدولة، فالتوطين بهذا المعنى يسهم في تحقيق كافة متطلبات التنمية الاقتصادية للمجتمع السعودي، إذ ينتج عن التوطين تحقيق الاستغلال الأمثل لموارد الدولة ولطاقاتها الوطنية من مواد خام، وخدمات، وعمالة، وينتج عنه أيضاً نمو أعمال المستثمرين المحليين، وتوسيع أنشطتهم، كما أنه يؤدي إلى زيادة الصادرات الوطنية ومن ثم توفير مزيد من العملات الأجنبية للاقتصاد الوطني. ويرى الزامل ان من ضمن العائدات الايجابية لسياسة المحتوى المحلي (أو التوطين) بالنسبة لبلادنا هو (تخفيض فاتورة الواردات الصناعية)، إذ تشكل قيمة واردات المملكة الصناعية البالغة عام 2011م نحو 452.4 مليار ريال ما يزيد على نسبة 92% من جملة الواردات، الأمر الذي ينعكس سلباً على أداء الميزان التجاري للقطاع الصناعي، ومن ثم فإن تشجيع الشراء المحلي يعني تقليلاً لقيمة هذه الفاتورة التي تتزايد باستمرار. ويؤكد الزامل أن من أهم فوائد برامج التوطين تحقيق هدف رئيسي تسعى الى تحقيقه الحكومة منذ زمن طويل ويتعلق بدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي تشكل وفقاً لبعض التقديرات ما يزيد على 95% من المنشآت بالمملكة، وبما يؤهلها لتكون قاطرة النمو، حيث تؤدي برامج التوطين الى تعزيز القدرات التنافسية لهذه المنشآت وزيادة مبيعاتها ومن ثم زيادة دخلها وقدرتها على توفير فرص العمل.. فالتوطين يشجع وينمّي المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، كوننا بموجب برامج التوطين نعتمد على تنمية الإنسان ووضع خطط طويلة الأجل للاعتماد على المقاول المحلي والمصنّع المحلي والمصدّر المحلي... الخ. ويلفت الزامل إلى أن وجود برامج خاصة بالتوطين سينعكس على أداء القطاع الخاص وخصوصاً الصناعي، وسيترتب على ذلك اهتمام أكبر من هذا القطاع ببرامج المسؤولية الاجتماعية بهدف تحسين السمعة التجارية وبناء علاقات قوية مع الأجهزة الحكومية، فالقطاع الخاص هو ابرز المستفيدين من برامج التوطين اذ تتحقق له فرصة تخفيض تكاليف الشراء والإنتاج والتوزيع، وتحسين الإنتاجية، وتحسين السمعة التجارية، وزيادة فرص الاندماج في أسواق دولية جديدة، وزيادة القدرة على الوصول للمستهلكين، وتخفيض الاحتياج للعملة الأجنبية من خلال إحلال المنتجات المحلية محل الواردات، وزيادة المرونة في إجراء تعديلات على مواصفات الإنتاج بسبب القرب الجغرافي من المنتجين، تخفيض الآثار البيئية الناتجة عن طول عملية الشحن في حالة الاستيراد، وزيادة فرص التوافق بين الربحية والمسؤولية الاجتماعية، والتوافق مع متطلبات الحكومة في دعم القطاعات الإنتاجية الوطنية. ويمضي الزامل محللا الظروف الاقتصادية في السنوات العشر المقبلة قائلا: إنها وبحكم التوجه الكبير للاستثمار في مجالات النفط والغاز والموارد المعدنية وتطوير مصادرها سوف تشهد زيادة في الطلب على الخدمات التي توفرها الشركات الاستراتيجية، في قطاعات المياه والكهرباء والمباني والمواصلات، وعلى السلع اللازمة، بالتالي فإن هذا الوضع سوف يسهم في تنمية الصناعات الوطنية، وخلق المزيد من فرص العمل امام الشباب السعودي، بالتالي فإن ثمة فرصة سانحة لصياغة مبتكرة لأنظمة المشتريات، والبرامج التعليمية والتدريبية، واستراتيجيات التعاقد والدعم الموجهة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وشروط تقييم الموردين، ومعايير تقييم المناقصات، وشروط العقود، كلها يمكن صياغتها بطريقة مبتكرة لبناء القدرة التنافسية المحلية من خلال تشجيع الاستثمارات ونقل التكنولوجيا، وتنمية المهارات. ويشير الزامل إلى قيمة الانفاق الحالي والمتوقع للقطاعات الاستراتيجية في المملكة حسب التقديرات المتحفظة ما يقارب 300 مليار ريال سنويا، وتقدر نسبة المحتوى المحلي الحالية ما يقارب 20% أي حوالي 60 مليار ريال، وبتطبيق سياسة ناجحة للتوطين وزيادة المحتوى المحلي بالتعريف السابق تستطيع المملكة تحقيق نسبة 55% تقريبا من المحتوي المحلي أي ما يعادل 165 مليار ريال في السنة، بما يساهم في إضافة 97 مليار ريال للاقتصاد الوطني، وبذلك تستطيع المملكة مواكبة الاقتصادات الأخرى التي استطاعت تحقيق نسب متفاوتة للمحتوى المحلي وصلت الى 80% مثل البرازيل وكندا، و70% في ماليزيا و50% في مصر والنرويج.. ومن المعروف والثابت ان كل مليار دولار يتم استثمارها في مشاريع النفط والغاز توفر اكثر من 37 الف وظيفة جديدة من خلال التأثير المباشر وغير المباشر على التوظيف والتأثير على الدخل، بالتالي فإن تنفيذ سياسة جادة للتوطين يسهم في التخفيف من حدة معدل البطالة بين السعوديين والبالغ عام 2014م نحو 11.8%. ويرى أن بيئة الاستثمار في المملكة والمعتمدة على قطاعات صناعية كبيرة، والارتفاع المتوقع في الانفاق الاستثماري، والمعرفة الحالية بأهمية التوطين، والتركيبة السكانية المعتمدة على الشباب، والتوجه الحالي نحو برامج الخصخصة، جميعها عوامل تدعم نجاح برنامج التوطين. ولضمان النجاح لهذا البرنامج حسب رئيس لجنة القطاعات الاستراتيجية بغرفة الشرقية ينبغي الجمع بين المبادرات المرتبطة بموضوع التوطين، والتي تم إطلاقها في القطاعات الصناعية والجهات الحكومية، ودمجها في مبادرة واحدة، لتخفيض التكاليف، وتوحيد النظم والإجراءات وتحقيق المزيد من الكفاءة الإدارية. واستنادا على خبرات العديد من الدول في برامج التوطين، ولضمان النجاح يرى ضرورة البدء الفوري في الاستفادة من الفرص المتاحة مثل المشاريع الاستثمارية الكبيرة، والتفكير على المدى الطويل والحرص على التنسيق بين المبادرات الاقتصادية المتعددة في المملكة وتجنب التداخل فيما بينها مثل الاستراتيجية الصناعية، المشتريات الحكومية، السعودة، وتفعيل سياسات ضبط الجودة في الشركات الاستراتيجية، ويمكن تشكيل هيئة ملكية خاصة بالتوطين. ويلاحظ الزامل ان استراتيجية التوطين، أو زيادة المحتوى المحلي تنطوي على امور متشعبة تتطلب تعاون كافة مؤسسات الدولة، ومن المؤسف حقا انه لا يتم الحديث حولها الا في وقت انخفاض اسعار البترول، بينما يفترض ان تكون سياسة عامة مستمرة، لذلك من المهم العمل على عدة محاور، يتمثل المحور الأول في تقييم الأنظمة والتشريعات الحالية بما يشمل نظام المشتريات الحكومية، وكذلك مبادرات التوطين القائمة، والمحور الثاني هو تحديد الفجوة من خلال تحليل طلب الشركات الاستراتيجية الكبرى مقابل العرض الحالي للصناعة المحلية، وتقييم مستوى البنية التحتية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وكذلك الخدمات التدريبية والتعليمية، ويمكن ان يتم بالتوازي مع تقييم الأنظمة والتشريعات، والمحور الثالث هو اعداد خارطة طريق للتوطين وزيادة المحتوى المحلي على الاجل المتوسط. مؤكدا ان هذه الاستراتيجية تقودها جهة واحدة تنظم جهود الوزارات الحكومية والشركات، وأرى ان مجلس التنمية الاقتصادية مؤهل للقيام بهذا الدور. وقال الزامل: إن هذه الاستراتيجية تتعلق بمستقبل الأجيال القادمة، إننا نريد شعبا منتجا، ولا يمكن ان نصل إلى ذلك الا اذا تخلصنا من الاقتصاد الريعي المعتمد على سلعة واحدة، والقائم على ما تصرفه الحكومة، وإنما نريد اقتصادا يكون القطاع الخاص الوطني المحرك الرئيسي له، وحينما نقول «قطاع خاص» لا نعني الشركات الكبيرة والعملاقة فقط، وإنما نعني المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، التي تعتمد على القدرات الوطنية، فهذه المؤسسات كما سبق القول هي عماد الاقتصاد والتنمية الاقتصادية، فهي تشكل 95% من القطاع الخاص، الذي من مصلحته ان تكون كافة الاعمال موطّنة. وذكر أن المسألة في الوقت الحاضر تدور في نطاق الوعي، فالوعي بأهمية الانتاج، واهمية توليد الوظائف، واهمية الانتاجية، يمكن ان نبني قطاعا خاصا على مدى طويل تخرج منه مؤسسات صغيرة وكبيرة تتنامى، ففي ذلك قوة للاقتصاد الوطني، وقوة للدولة وللمجتمع، ولفت إلى ان توليد الوظائف يأتي حينما تتنوع مصادر الدخل، ولا يحدث ذلك الا إذا كان الاقتصاد منتجا ينمو باستمرار، حينها كل المشروعات حتى الكبيرة منها تتحول الى مشاريع خاصة للمواطنين، فشركة بكتل حينما جاءت الجبيل حوّلت مشاريعها الى 900 الف مقاول سعودي، فكل مشروع كبير يتحول الى مشروعات صغيرة كما فعلت وتفعل شركة ارامكو السعودية. فمشروع التوطين هو للمجتمع. وشدد على أهمية إعداد سياسة موحدة للتوطين تشارك في وضعها جميع الأطراف ذات الصلة بما يشمل القطاعات الاستراتيجية الكبرى، وأجهزة الدولة المعنية، بحيث تجمع بين الجهود المتفرقة وتحتوي السياسات التي تتعارض مع أهداف التوطين وتواجه تحديات المستقبل خاصةً في ظل قرب انضمام المملكة لاتفاقية المشتريات الحكومية في منظمة التجارة العالمية. ودعا الى إصدار نظام خاص بالتوطين يحدد المسؤوليات والالتزامات على كافة الجهات المعنية، وإنشاء جهاز أو هيئة خاصة بالتوطين تتولى تطبيق هذا النظام والتنسيق مع الجهات الأخرى، وترعى شؤون التوطين في المملكة، ومن المؤكد أن هذه الهيئة سيكون لها أهمية كبيرة بالنظر لدورها المتوقع. الدندني: نسعى لرفع مستوى الوعي بأهمية التوطين أكد عضو لجنة القطاعات الإستراتيجية محمد الدندني ان افكار التوطين ليست وليدة اللحظة، وليست وليدة اللجنة، وإنما اللجنة تسعى لبلورتها بغرض رفع مستوى الوعي بأهمية التوطين، والذي لا تخفى آثاره على الاقتصاد والمجتمع بشكل عام. وأضاف الدندني أن العديد من الجهات الحكومية والخاصة تملك تجارب رائدة في مجالات التوطين المختلفة، ولكن الأمر بحاجة إلى اشراف جهة حكومية سيادية تتابع النتائج وترصدها، وتسعى لتذليل العقبات التي هي طبيعية مع أي مشروع ذي جدوى. وأكد على أنه لا توطين دون بناء الإنسان، إذ ان التوطين حينها سيكون جسدا بلا روح، وبالتالي فلا نريد توطينا يخلق لنا بطالة مقنعة، وإنما نريد شبابا منتجا، وشعبا قادرا على النمو، فنحن دولة قوية وأمامنا تحديات، لذا نحن نحتاج إلى الإنسان المتعلم السليم في الفكر والجسد. ويرى ضرورة التركيز على التعليم الفني ووضع سياسات تعليمية عامة مرتبطة بالاقتصاد، تخرج منها كليات فنية تنتج كفاءات فنية قادرة على الفعل والابداع، هؤلاء الفئة هم عصب الاقتصاد في الدول الأوروبية. ولفت الى ان ثمة حديثا متكررا حول الراتب، فالراتب له علاقة مباشرة وطردية بالإنتاج، فحين نكون منتجين سوف يزيد مستوى دخلنا، والمفروض علينا أن نخلق ظروفا للإنسان الاعتيادي كي يتعلم ويتوظف، ويتربى على ثقافة المنافسة والانتاجية، كي يرفع من دخله ومن راتبه، حينها سوف ننشئ أعمالا كثيرة، مشيرا إلى أهمية رفع مستوى الوعي من خلال العائلة والمدرسة وتفعيل دور المراكز الصيفية لتربية الشباب على قيم العمل ومنحهم الثقة في إدارة المشروعات وتنفيذها، فالشباب هم عماد الوطن، وهم الأولى بمشروعاتها، فلا تجد شركة فرنسية تعطي مقاولا ألمانيا ما دام الفرنسي موجودا. ورفض فكرة التطرف ضد الأجنبي، فالمشروعات لدينا كثيرة، ولا نستغني عن الطرف الأجنبي؛ لذا ينبغي التوجه صوب نوعية الأجنبي، أي علينا ان نستقطب الكفاءات المتميزة والكفاءة التي تشكل قيمة مضافة للقوة العاملة لدينا. وذكر أن تنفيذ برنامج للتوطين سوف نصل عبره إلى أن نجد المقاول السعودي متواجدا في المكسيك واذربيجان كما هو متواجد في مشروعات سابك وارامكو، وعلينا أن نؤمن ان القطاع الخاص يمثلنا جميعا، ولا يمثل عددا محدودا من التجار، والتوطين يساهم في تنفيذه القطاع الخاص، ونتائجه على الوطن والمجتمع. ولفت إلى ان التوطين منظومة متكاملة، وأن إرساء العطاء للأرخص قد لا يدعم التوطين. وخلص الى القول إن الاساس في توطين هو تنويع مصادر الدخل، وهناك تحديات كثيرة، يمكن تجاوزها. المدرع: التوطين قيمة مضافة للأنشطة الاقتصادية قال عضو لجنة القطاعات الاستراتيجية بغرفة الشرقية ناصر المدرع إن التوطين هو القيمة المضافة لأي نشاط اقتصادي في المملكة، وحينما ندعو للتوطين لا نعني الاحلال، بل نقصد بذلك اعداد الكوادر الوطنية، الموظف الذي نأمل ان يستمر في العمل، أو ينشئ له عمله الخاص. وأضاف: نأمل أن يكون التوطين عاما، في كافة المؤسسات، وما نراه ان مؤسسات النقل، والمصانع، والقطاعات الاستراتيجية (النفط، الكهرباء، التحلية، التعدين) كلها تعمل لوحدها، كل بطريقته الخاصة، بينما نأمل أن تتضافر الجهود، والجميع يسير بموجب خطة واحدة، تحت اشراف جهة واحدة؛ لذلك نجد أن نسبة التوطين لدينا متواضعة، او لا تحقق طموحاتنا كوطن واقتصاد وطني، ولذلك ايضا وجدنا ان بعض الشركات الصغيرة تخرج من السوق، وهذا بحد ذاته خلل في مسألة التوطين. وأشار إلى أن لكل جهة استراتيجية خاصة، ولكن لا بد أن يكون لدينا هدف ورؤية واضحة للوطن بشكل عام، وأجد ان المسؤول عن التوطين هو القطاعات الاستراتيجية، والقطاعات الحكومية.. مشيدا بتجربة وزارة الدفاع في توطين مشترياتها. كما أشار إلى أن القطاع الخاص هو «الزبون» الأول للتوطين، فهو الذي يستقطب العمالة، وهو الذي يبيع وهو الذي يشتري بالتالي فالمسؤولية كبيرة على القطاع الخاص في مسألة التوطين، ولذلك فالتوطين يخدم القطاع الخاص، يتيح له فرصة إنتاج وتصدير الخدمات والسلع. وخلص إلى القول إن الدول تتطور وتنمو وتحقق الإنجازات إذا اعتمدت على مواطنيها. العبدالكريم: توحيد الجهود لتعزيز المحتوى المحلي في الاقتصاد قال عضو لجنة القطاعات الاستراتيجية بغرفة الشرقية خالد العبدالكريم إن تعزيز المحتوى المحلي في الاقتصاد الوطني فكرة رائدة وهامة، موجودة عندنا، كما هي موجودة في العديد من البلاد، وهي ليست فكرة جديدة، بيد أن نسبة تطبيقها لدينا لا تزال متواضعة لوجود عقبات لعل أبرزها أن لدينا عدة جهات تقوم بذلك، فالمطلوب ان تتوحد الجهود، كوننا نعمل في منظومة واحدة، وهدفنا واحد، ولا فائدة من تشعب الجهود وتشتتها، فذلك لن يجلب الا المزيد من الهدر في الوقت والمال. وأضاف العبدالكريم ربما كان هذا الموضوع في وقت سابق ليس ملحا، لتوافر الأعمال والفرص، لكن الأمر اختلف في الوقت الحاضر، وصار حديثا عن التوطين في كافة القطاعات، وتنامى الوعي بضرورة التوطين، في الوظائف والمشاريع والتقنية وغير ذلك، وصار الحديث الآن بالمقارنة بين ما نجنيه من التوطين وما نخسره من عدم التوطين. وذكر العبد الكريم وبالنسبة لنا في المملكة فلسنا بحاجة الى المزيد من التشريعات في هذا الجانب، وإنما نحتاج لتوحيد الجهود، فهذا مطلب وطني، هام لتطوير اقتصادنا الوطني، وليس لرجال الأعمال فقط، فإننا حين ندرب سعوديا، أو نوظف سعوديا، وحين نرسي المشروعات على الشركات الوطنية فإننا سوف نسهم في رفع مستوى الدخل لكل مواطن، المهم لدينا أن يكون لدينا توجه وخطط وتنسيق الجهود، وأجد أن مجلس التنمية الاقتصادية هو أجدر من يقوم بهذه المهمة، فإذا اتضحت الصورة وصارت هناك خطة للجميع فما يعنينا شيء أي تغيير يحدث في المناصب في الوزارات والهيئات الحكومية. وشدد على اهمية ربط التوطين بجميع عناصره (المنتج المحلي، والشراء المحلي، والعامل المحلي) ضمن خطة طويلة الأمد، وكل مشروع ينبغي ان يولد مشاريع ويخلق مقاولين وتجارا وأن يكون لدينا سعوديون في كل مكان.. لافتا إلى أن هناك مجالات عديدة يمكن أن تفتح للمنشآت الصغيرة والمتوسطة التي يملكها السعوديون مثل النقل والتخليص والخدمات العامة، وما شابه ذلك، فكلها أنشطة تكمل جهود وأنشطة الشركات الكبرى، وتسهم في توفير فرص العمل، وبالتالي خدمة جليلة للوطن والمجتمع. وذكر أن التجارب العالمية مختلفة، فالبرازيل مثلا تجلب الشركات الأجنبية وتفرض عليها مسألة التوطين، والنرويج تجلب الشركات الأجنبية وتفرض عليهم المشتريات، وان من أفضل التجارب العالمية في مسألة تعزيز المحتوى المحلي هي سنغافورة، وربما سبب نجاحها هو اعتمادها على جهة واحدة في مراقبة وتنفيذ السياسة نفسها، مما منع من حالة الهدر والتشتت وحققت النسبة المطلوبة. توصيات الندوة وضع خطط وسياسات واضحة للتوطين، تعمل على استفادة الاقتصاد الوطني من المبالغ الكبيرة المنفقة سنوياً على استيراد مستلزمات الأجهزة الحكومية وشركات القطاعات الاستراتيجية من السلع والخدمات، والمساهمة في خفض معدلات البطالة المتزايدة. إيجاد جهة حكومية تراقب التزام الجهات الحكومية بمنح الأولوية للمصنعين والموردين السعوديين. توحيد سياسات وخطط وبرامج شركات القطاعات الاستراتيجية في المملكة، في مجالات التوطين المختلفة، والتنسيق بينها، ومتابعة أداء عملية التوطين فيها. التوعية المجتمعية بأهمية التوطين من خلال تنظيم المؤتمرات والفعاليات المختلفة. إنشاء قواعد بيانات؛ لتحديد الفجوات الإنتاجية المحلية في مجالات توريد السلع والخدمات والعمالة والتدريب، وربطها بخطط التنمية الاقتصادية والصناعية في المملكة. توحيد إجراءات تأهيل المصنعين والموردين المتعاقدين مع كافة الأجهزة الحكومية وشركات القطاعات الاستراتيجية. إيجاد نوع من الشفافية في إجراءات الشراء في الأجهزة الحكومية وشركات القطاعات الاستراتيجية، بما يضمن الإعلان المسبق عن المشاريع والفرص المستقبلية؛ لإعطاء مهلة كافية للقطاع الخاص للاستعداد والاستفادة. التنسيق مع مؤسسات التمويل المختلفة في المملكة والجهات الداعمة، بشأن تقديم كافة أوجه الدعم والتحفيز للقطاع الخاص الراغب في تأسيس مشاريع إنتاجية وخدمية في مجالات الفجوة الإنتاجية. التنسيق مع المؤسسات والجهات المعنية بالتعليم والتدريب التقني والمهني، بشأن المواءمة بين مخرجات التعليم والتدريب ومتطلبات سوق العمل. إدارة الندوة قدم الندوة:سليمان أبا حسين أدارها: محمد السهلي الضيوف: * رئيس لجنة القطاعات الإستراتيجية بغرفة الشرقية خالد الزامل. -عضو اللجنة خالد العبدالكريم. -العضو محمد الدندني. -العضو ناصر المدرع. المشاركون:سلمان العيد - على بن ظاهر المشاركون بالندوة يوصون بالتوعية بأهمية التوطين