السؤال الذي يدور رحاه في الوسط الرياضي هذه الأيام عبر منابر إعلاميةٍ كثيرةٍ على كافة مستوياتها: مَن سيكون بطل الدوري؟ فبعد أن أوشك الدوري على أن ينتصف، النسبة الأكبر من الذين أدلوا بدلوهم في هذا الموضوع يتوقعون الدوري بين الهلال والأهلي لا ثالث لهما، عطفاً على معطياتٍ معينةٍ تجعلهم يفوزون بالترشيح الأكبر، ولو أمعنّا النظر قليلاً لوجدنا أن هذا الترشيح أقرب للصواب؛ لعوامل كثيرة من أهمها: الاستقرار الفني الذي يعيشه الفريقان، والاستعداد الجيد للموسم بعد توافر كل الاحتياجات والأدوات المساعدة التي تجعل الفريقين في أكمل صورة، رغم أن الأهلي وكعادته يخفق في موضوع اللاعب الأجنبي في ظلّ تفوق الهلال في هذه الجزئية. أما بقية الأندية فقد يلعبون دوراً كبيراً في تحديد هوية البطل، وأعني هنا النصر والاتحاد والشباب والتعاون، فالهلال يعّول على الاتحاد كثيراً في مسألة تعطيل الأهلي؛ لأن الديربي الخاص بينهما بمثابة بطولةٍ لا يحكمه أي تفاصيل، فهي مباراةٌ بعيدةٌ عن أي حسابات، وكذلك الأهلي يعّول على النصر كثيراً في تعطيل الهلال لذات الأسباب، ويبقى التنافس على المركز الثالث لضمان المشاركة في بطولة آسيا القادمة له دوره في التأثير على الترتيب النهائي لبطولة الدوري. لربما يكون الأهلي هو أكثر رغبةً وحماساً من الهلال في تحقيق بطولة الدوري، ففريقٌ بحجم الأهلي وجماهيريته لا يليق به أن يغيب كل هذه السنوات عن بطولة الدوري، وهو اليوم يعيش في أفضل حالاته الفنية، وهو مهيأ من الموسم الماضي لتحقيق اللقب، ومن المفترض أن يعمل الأهلاوية على أن يضعوا نصب أعينهم أن مهمة البحث عن اللقب يجب أن تكون وفق سياسةٍ معينةٍ بعيدةٍ عن الأعذار والبيانات، ولا أظن جمهور الأهلي في نهاية الموسم إذا لم يحقق الأهلي بطولة الدوري سيتذكر شيئاً من تلك الأعذار والبيانات الصادرة عن المركز الإعلامي في النادي الأهلي؛ لذا من المهم تهيئة اللاعبين بالشكل المناسب، فنصف الفوز روحٌ ورغبةٌ وحماسٌ داخل الملعب، وهذا ما يجب أن يدركه اللاعب الأهلاوي. وفي تصوري أن المنافس الآخر للهلال يملك كل الأدوات والحلول المطلوبة لبطولة الدوري مدعومةً برغبةٍ عامةٍ (تحفّ) الفريق من كل الجهات، وعلى كافة المستويات، بدليل أن الهلال لم يتأثر من خروجه في بطولة آسيا بعد أن لعب في نصف النهائي كما تأثّر في الموسم الماضي، حتى خسارته مع الاتحاد لم تكن مؤثرةً كما كان يعتقد البعض، بل عاد سريعاً للانتصارات وحافظ على مركزه في أول سلّم الدوري؛ لهذا فإن العمل الإداري الجيد يحتاج أناساً لديهم الخبرة الكافية في هذا المجال، والأمير نواف بن سعد رئيس الهلال لديه من الخبرة والدراية الشيء الكثير، ولم يكن ترشيحه من قبل أعضاء شرف الهلال من باب المجاملة أو من باب إيجاد رئيسٍ فقط، إذ يتوفر لديه المال ليتولى مهمة إدارة شؤون النادي، فهم اختاروا الرجل المناسب الذي يستند على خبرةٍ طويلةٍ من العمل الرياضي حتى وإن شحَّ المال لديه. إن تنوّع المتنافسين على بطولة الدوري في السنوات الخمس الأخيرة، وعدم ارتباط المنافسة بأنديةٍ معينةٍ يضيف لدورينا ليصبح منافساً قوياً على مستوى الدوريات في القارة على الأفضلية، ولعلّ حصول الدوري السعودي على المركز الثاني في سلّم الأفضلية على مستوى القارة بعد الدوري الكوري يعطي انطباعاً إيجابياً عن قوة المنافسة، لهذا فإن نجاح الدوري كقوةٍ وإثارةٍ مرتبطٌ بنوعية الأداء والقوة والإثارة وجميعها متوافرة في الدوري السعودي، وهذا الأمر يُحسب لاتحاد الكرة وللرابطة، رغم وجود بعض الإشكاليات والهفوات التي تُعكّر هذا التميز من فترةٍ لأخرى.