الخليج العربي، الإنسان والأرض .. وحدة الأمكنة والتاريخ والأصل والمنشأ، وحدة الدين واللغة واللهجة، ووحدة الموروث. اندماج التاريخ والجغرافيا في صورة الإنسان الخليجي حددت الهوية المشتركة، والمصير الواحد، وما تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية، إلا نتاج رؤية عميقة، واستشراف لمستقبل مشرق للإنسان الخليجي، رسمه القادة المؤسسون للمجلس، وهم : الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود ، والشيخ زايد بن سلطان آل النهيان ، والشيخ جابر الأحمد آل صباح ، والشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة - رحمهم الله جميعاً - والسلطان قابوس بن سعيد ، والشيخ خليفة بن حمد آل ثاني ، لما تتمتع به دولهم وشعوبهم من علاقة خاصة، وسمات مشتركة، وأنظمة متشابهة، وإيماناً بالمصير المشترك، ووحدة الهدف ، فأسسوا مجلس التعاون في 21 جمادى الأولى من عام 1401ه ، الموافق 25 مايو 1981م في مدينة أبوظبي ، ومقره الدائم الرياض. وتعتبر دول المجلس قوة اقتصادية عالمية، إذ تمتلك أكبر احتياطي للبترول في العالم، وهي من أكبر المصدرين له ، والمملكة العربية السعودية وهي إحدى دول المجلس عضو في مجموعة دول العشرين ، ولدول المجلس وحدة القرار السياسي في القرارات الدولية والإقليمية. ولقد استثمرت دول المجلس العنصر البشري الخليجي بحسن تعليمه وتدريبه حتى أصبح لدى المجلس كفاءات يشهد لها في مختلف المجالات، كما شيدت بنية تحتية عظيمة، وحققت لمواطنيها الرفاهية والعيش الكريم. ولقد واجهت دول المجلس تحديات كبيرة استطاعت تجاوزها، من ذلك الحرب العراقيةالإيرانية 1980م ، وغزو العراقالكويت عام 1990م ، وهي قادرة على مواجهة التحديات التي تواجهها في سبيل الحفاظ على مكتسبات المجلس، واستقرار دول وشعوب المنطقة والعيش بأمن وسلام. ولرؤية قادة المجلس أهمية الدفاع المشترك تأسست قوات درع الجزيرة عام 1982م، بعد عام من تأسيس المجلس ، وكان لها الدور الكبير في تحرير دولة الكويت من الغزو العراقي، والحفاظ على سيادة مملكة البحرين من محاولات العبث الإيراني لزعزعة استقراره. واستطاعت المملكة وشقيقاتها دول المجلس، والتحالف العربي بقيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز لعاصفة الحزم، إبطال مخططات إيران التوسعية في المنطقة من خلال وهم السيطرة على اليمن. لقد حفظ الله دول المجلس مما سمي بالربيع العربي، لعمق العلاقة بين القيادة والشعب، فقيادات دول المجلس جاءت من شعوبها، وتتمتع معها بعلاقات حميمة، وعلاقة نسب ومصاهرة. كما أن مقولة "الشيوخ أبخص" في عرف أهل الخليج ينم عن الثقة في القيادة، وقراراتها، وشعب الخليج بطبعه هادئ وغير ثوري، ويلتف حول قيادته في الرخاء وفي الأزمات. كما أن نظام الحكم في الخليج أكثر استقراراً من الأنظمة الأخرى ، لهذا حفظ الله الخليج من الثورات التي لم تجلب لشعوبها سوى القمع والفقر، وحتى بحر الخليج العربي يعرف بالمياه الدافئة كدفء أهله. لقد استشعر الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - برؤية ثاقبة ضرورة الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، التي تحقق الحفاظ على أمن الخليج واستقراره، ومكتسباته، واستمرار نموه الاقتصادي، ونسأل الله - تعالى - أن يتحقق حلمه في قيام الاتحاد الخليجي في القريب العاجل إن شاء الله. لقد انهار عدد من الكيانات لعدم وجود الأرضية المشتركة لاستمراريتها، ولعدم وضوح أهدافها، أو لقيامها بغرض تحقيق هدف مصلحي مؤقت، بينما بقي مجلس التعاون راسخاً رغم ما مر به من أزمات وتحديات، ومواطنو دول المجلس لديهم الثقة في أن انعقاد قمة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ( 36 ) في الرياض، سيحقق آمالهم في استقرار المنطقة، وتحقيق التنمية المستدامة. ولنردد دائماً: أنا الخليجي بعزتي .. أنا الخليجي بدمي وديني ولهجتي .. أنا الخليجي.