تتفاوت الأحلام والأمنيات، حسب اختلاف المراحل العمرية وتباين الشخصيات، كما لنوع الجنس أيضا دور في ذلك؛ فقد نجد أن أحد الشبان حلم عمره هو اقتناء سيارة فارهة ليباهي بها زملاءه أو زيارة مدن إيطاليا ليلتقط الصور الاحترافية هناك، ويتخم بها حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي؛ على النقيض من ذلك قد نجد إحدى الإناث غارقة في بحر أحلامها الوردية مع فارس أحلامها المستقبلي، ربما يعود ذلك لطبيعة الأنثى وحسها المرهف وليس على وصف العموم لكن الغالبية كذلك، ومن المؤلم جدا أنها قد تبذل قصارى جهدها في إعداد وتهيئة تلك الطفلة التي بداخلها كي تكون امرأة ناضجة.. مثقفة.. صالحة.. واعية بكل احتياجات ذلك الشاب الطائش الذي يغريها بتلهفه المؤقت عليها وبالأقنعة المزيفة، وما أن تمكث بضعة أشهر في عش الزوجية إلا ويعاود البحث من جديد عن أنثى أخرى تكثر المزاح معه بحكم لباقته هو معها، ولا تثقل كاهله بحمل المسؤوليات؛ وبذلك يقتل أجمل أحلام تلك الوردة التي تفتحت أوراقها بين يديه. للخيانة أشكال مختلفة ووجوه عدة، لكنها في البدء والمنتهى خيانة، وأكثرها ألما وتلطيخا لتاريخ مرتكبها هي خيانة شريك الحياة، سواء كانت من قبل الرجل أو المرأة، ولكن الأكثر تصدرا لقوائم مجتمعاتنا هي خيانات الرجال، بل أصبحوا يتفننون فيها ويغلفونها بأعذار واهية لا تسمن ولا تغني من جوع؛ ما يزيد الطين بلة أن غالبيتهم يلقون اللوم كله على المرأة ويحملونها وزر أخطائهم وحماقاتهم، فتارة ينعتها بعدم العناية به متجاهلا واجباته تجاهها وكونها إنسانة أيضاً وبحاجة للعناية أكثر منه، وتارة أخرى يشتكي من إهمالها لنفسها ولأناقتها ومظهرها بالرغم من أنه ربما لا ينفق عليها حتى مصروفها الشخصي كأقل تقدير، وينهكها بكثرة طلباته وعدم ترفعه عن سفاسف الأمور، كما أن غالبيتهم لا يقدر ما تتعرض له المرأة من أسباب تؤدي إلى تعكر المزاج والقلق والتوتر كهموم تربية الأطفال وزيادة أو نقص الهرمونات، ثم يطلب منها بعد ذلك كله أن تكون في صورة ملاك أمامه على الدوام، كي لا يزيغ بصره هنا وهناك!!! ولا ينطبق هذا على كافة الرجال طبعا، ولكل قاعدة استثناءات، ولكن ليس من المنطق أبدا أن تكون المرأة هي المسؤولة عن الجفاف العاطفي بين الزوجين، بل يجب البحث بشكل جدي عن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء الخيانة الزوجية؛ كي تقطع جذورها بدلا من أن تصرف لتلك الحالات مسكنات مؤقتة تصنع من الطرف الآخر قنبلة موقوتة من المتوقع انفجارها في أية لحظة؛ إثر اكتفائه ونفاد طاقة تحمله. الحياة الزوجية ضرب من ضروب العلاقات الإنسانية الوطيدة، بل هي أشد العلاقات ترابطا وتلاحما، وهي بالتالي تخضع لأصول سلوكية وقواعد وفنون إنسانية.. مطلوب منا أن نمارسها بمزيج من المهارة والحب والإيثار، وفي حال التفريط في هذه القواعد لا شك أننا سنصاب بما يعرف بخيبة الأمل التي نشعر فيها بأننا كنا في فترة العزوبية أسعد حالا وأكثر انطلاقا وتحررا، فما أصعب أن يتحول الزواج من عش هادئ إلى قيد وغل يقيد حياتنا ويجرف البعض إلى الخيانات الزوجية، والإحصائيات في بعض المجتمعات تكاد تكون مخيفة؛ فهل لنا من عودة إلى الالتزام بالأسس الواضحة لهذه الحياة؛ كي ننعم بجنتها ولا نصطلي بنارها.