ضمن مشروع (قنطرة) للترجمة بين اللغتين العربية والإسبانية الذي تتبناه الملحقية الثقافية السعودية بإسبانيا، بالتعاون مع دار نشر (اليمار) الإسبانية، صدر حديثا كتاب (مسالك الأندلس) لمؤلفه الإسباني إيميلو سولر أستاذ التاريخ في جامعة الكنتي الذي استغرق في تأليفه أكثر من عامين لغزارة ما جمع من الشواهد والنصوص. وقد اعتمد بشكل أساس على المراجع العربية المترجمة إلى الإسبانية لعدم إتقانه اللغة العربية، وكأنها بضاعتنا ردّت إلينا كما يقول المترجم سامي البغدادي الذي خطرت إليه فكرة نقل هذا الكتاب إلى العربية أعقاب ترجمته للإنجليزية عام 2009م، ثم تأخرت ترجمة هذا الكتاب للعربية ستة أعوام بسبب بحث الناشر عن جهة تمويل تقدم الدعم المادي لتغطية تكاليف النشر. أبرز ما يميز هذا الكتاب هو المزج بين النص والصورة ل 34 مدينة إسبانية كانت تحت الحكم العربي الإسلامي بداية من عام 92ه . هذا المزج بين النص والصورة أضفى على الكتاب مصداقية تاريخية، ومثلت إضافة النص الأصلي الإسباني في نهاية الكتاب أمانة علمية رصينة. يتطرق الكتاب إلى الحقبات الأولى من وصول العرب المسلمين باعتبارهم غزاة جددا، إلى هذه المدن التي وقع عليها انتقاء المؤلف، للوقوف على تطورها الاقتصادي والسياسي والعسكري، والأحداث التي أفضت لمصيرها التاريخي، حيث كانت هذه المدن تعيش صراعين؛ الأول: ضد تحرّشات مسلمي المناطق المجاورة بعضهم البعض لتوسيع النفوذ، والآخر : ضد النصارى المرابطين على الحدود انتظارا لسقطتهم. ثم تناول الكتاب أيضا، الآثار المعمارية لهذه المدن التي لاتزال تقف سامقة حتى اليوم رغم حملات التخريب التي شنها غزاة النصارى، ثم الحديث عن غزاة العرب المتعاقبين وكيف حصنوا هذه المدن وحولوها لأسوار دفاعية منيعة. وقد لفت المؤلف إلى الدور المؤثر الذي لعبه الرحالة المسلمون في توثيق تاريخ إسبانيا الأندلسية، لما دونوه عن تطوافهم عبر شبه الجزيرة الإيبيرية. جدير بالذكر أن الملحقية الثقافية السعودية بإسبانيا تسعى - كما يقول الملحق السعودي بإسبانيا د. سعيد الملكي في تصديره للكتاب - إلى ترجمة النتاجين العلمي والثقافي للغتين العربية والإسبانية، وصولا إلى تقديم الثراء المعرفي للمتلقي السعودي خاصة، والعربي بشكل عام.