وفاتنة أنت مثل الرياض،، ترق ملامحها في المطر أستمتع هذه الايام بالأجواء الجميلة فقد تركت جسدي وعقلي يشعر بالهدوء والاسترخاء التام بوضع كاتم الصوت على مشكلات الشرق الاوسط المؤلمة والمزعجة، التي تجعلك في حالة قلق دائم وعميق، وفتحت باب بلكونتي وتسمرت في مكاني أرى منظر برج المملكة وهو يعانق الغيمة ويسلّم نفسه إليها وتسمعه هي همسها او صخبها في لحظة طيشها بمذاق القهوة، قصة لا يلقاها الا الذين صبروا على التعفر بغبار الصحراء وحرها، فنالوا متعة مشاهدة عشقها إذا انحنت لها غيمة. حالة عشق رباني تشرق الذاكرة وتجعل روحانيتك تفيض بشكل لم يكن له مثيل من قبل. فالرياض عندما ترتدي معطف المطر تكون كالحسناء تطلب الحد الاعلى من غوايتك. وقاسية أنت مثل الرياض،، تعذب عشاقها بالضجر رغم قسوة الصحراء، لكنها رقيقة في عشقها وغرامها، وكثير من حكايات الحب والغرام التي اتحفنا بها التراث العربي دارت أحداثها بين رمالها وجبالها، كقصة عنترة بن شداد مع حبيبته عبلة بنت مالك، وهي من أجمل القصص وأكثرها تداولا، «يا دار عبلة بالجواء تكلّمي.. وعمي صباحاً دار عبلة واسلمي». او قصة مجنون ليلى في جبل التوباد، وهو جبل يقع في الجنوب الغربي من مدينة الرياض بمسافة 350كم، بالقرب من مدينة الغيل، او قصة عروة بن حزان وابنة عمه عفراء في وادي نعام في الجنوب من مدينة الرياض أي في المنطقة الجنوبية من إقليم نجد، او قصة جميل بن معمر العذري مع بثينة بنت الحباب، وغيرها كثير من القصص التي روت لنا الحب والعشق في قلب الجزيرة العربية وسط طبيعتها القاسية التي لا ترحم. ومن أراد أن يعرف الكثير عن حكايات حب روميو وجولييت الصحراء فأنصحه بمشاهدة برنامج «على خطى العرب» الذي يقدمه باقتدار الباحث الأنثروبولوجي عيد اليحيى على قناة «العربية»، الذي غاص في اغوار الصحراء وكشف قصصها واستخلص منها مادة سردية جميلة وماتعة جدا تغنيك عن قراءة العديد من الكتب والمراجع. أخاف أن تمطر الدنيا .... وعندي عقدة المطر ذكرت في مقال سابق «انشودة المطر» «ان الناس فيما يتعلق بموضوع المطر على صنفين صنف أصيب بعقدة المطر تيمنا بنزار قباني أخاف أن تمطر الدنيا .... وعندي عقدة المطر. فلا يرى في هذه الأمطار إلا علامة غير مضيئة وكم عدد الضحايا وإن كان متعالما فخذ الزمجرة والوعيد والنذير من الله ويكاد يقرأ عليك سورة (ق). وإن كان الأمر لا يخلو من صدق فيما يتعلق بالفساد إلا أنني أعلم أن الأمور المفاجئة دائما تكون لها تبعات حتى في الدول المتقدمة. شهدت بنفسي قبل عدة سنوات ايام دراستي في انجلترا موجة ثلوج لم تشهدها البلد منذ ثلاثين سنة عطلت الحياة وأوقفت الحركة وكنا نعاني معاناة شديدة ولم يتضجر الناس و(يصبحونا ويمسونا شكاوى ووعيد وتوعيد). عيناك غابتا نخيل ساعة السحر أو شرفتانِ راحَ ينأى عنهُما القمر والبعض الآخر وأنا منهم رأينا الجانب الرومانسي من الحكاية تيمنا بقصيدة غازي القصيبي رحمة الله عليه «أنت الرياض» التي يقول فيها: وفاتنة أنت مثل الرياض،،، ترق ملامحها في المطر،،، او بأنشودة المطر لبدر شاكر السياب.. «عيناك غابتا نخيل ساعة السحر أو شرفتانِ راحَ ينأى عنهُما القمر كأنَّ أقواسَ السحابِ تشربُ الغيوم.. وقطرةً فقطرةً تذوبُ في المطر... وكركرَ الأطفالُ في عرائش الكروم ودغدغت صمتَ العصافيرِ على الشجر. وأخيرا.. الرياض حالمة عاشقة جريئة كلما اقتربت منها لملمت شتاتك وبعثرت همومك وكلما ابتعدت عنها تزملت بزمهرير اضلعك وتوسدت تعبك وشقاك، لن تعرف جنون عشقك بها الا عندما تختلي بنفسك بعيدا عنها، فسينفجر بركان شوقك وتجتاحك حالة صمت مطبق لم تعهده من قبل.