"المواصفات السعودية" تنظم غدًا المؤتمر الوطني التاسع للجودة    "تلال" تختتم مشاركتها في "سيتي سكيب الرياض" بتوقيع اتفاقيات إستراتيجية لتعزيز جودة الحياة في مشاريعها    وزير الرياضة يشهد ختام منافسات الجولة النهائية للجياد العربية (GCAT)    "الأرصاد"سماء صحو إلى غائمة على جازان وعسير والباحة ومكة والمدينة    المكسيكي «زوردو» يوحّد ألقاب الملاكمة للوزن الثقيل المتوسط لWBO وWBA    اليوم..بدء الفصل الدراسي الثاني    «الطاقة»: السعودية تؤكد دعمها لمستقبل «المستدامة»    نفاد تذاكر مواجهة إندونيسيا والسعودية    منتخب هولندا يهزم المجر برباعية ويلحق بالمتأهلين لدور الثمانية في دوري أمم أوروبا    شمال غزة يستقبل القوافل الإغاثية السعودية    اللجنة المشتركة تشيد بتقدم «فيلا الحجر» والشراكة مع جامعة «بانتيون سوربون»    اليوم بدء الفصل الدراسي الثاني.. على الطريق 3 إجازات    20,124 مخالفاً في 7 أيام وإحالة 13,354 إلى بعثاتهم الدبلوماسية    «إعلان جدة» لمقاومة الميكروبات: ترجمة الإرادة الدولية إلى خطوات قابلة للتنفيذ    5 فوائد صحية للزنجبيل    اختلاف التقييم في الأنظمة التعليمية    مهرجان الزهور أيقونة الجمال والبيئة في قلب القصيم    المتشدقون المتفيهقون    الإستشراق والنص الشرعي    بيني وبين زوجي قاب قوسين أو أدنى    أهم باب للسعادة والتوفيق    الفرصة المؤكدة و مغامرة الريادة في كفتي ميزان    أغرب القوانين اليابانية    «مزحة برزحة».. هل تورط ترمب ب«إيلون ماسك» ؟    البيان المشترك الصادر عن الاجتماع الثاني للجنة الوزارية السعودية- الفرنسية بشأن العُلا    14% نموا في أعداد الحاويات الصادرة بالموانئ    أمن واستقرار المنطقة مرهون بإقامة دولة فلسطينية مستقلة    اكتشاف تاريخ البراكين على القمر    «واتساب»يتيح حفظ مسودات الرسائل    عروض ترفيهية    محافظ محايل يتفقد المستشفى العام بالمحافظة    شارك في الطاولة المستديرة بباكو..الجاسر: 16 مليار دولار تمويلات البنك الإسلامي للمناخ والأمن الغذائي    مشاركة مميزة في "سيتي سكيب".. "المربع الجديد".. تحقيق الجودة ومفهوم "المدن الذكية"    إطلاق النسخة الرابعة من «تحدي الإلقاء للأطفال»    السخرية    المؤتمر العالمي الثالث للموهبة.. عقول مبدعة بلا حدود    وزير الدفاع ونظيره البريطاني يستعرضان الشراكة الإستراتيجية    أشبال الأخضر يجتازون الكويت في البطولة العربية الثانية    ضمن منافسات الجولة ال11.. طرح تذاكر مباراة النصر والقادسية "دورياً"    منتخبنا فوق الجميع    الابتسام يتغلّب على النصر ويتصدّر دوري ممتاز الطائرة    دخول مكة المكرمة محطة الوحدة الكبرى    رحلة قراءة خاصة براعي غنم 2/2    الحكمة السعودية الصينية تحول الصراع إلى سلام    حكم بسجن فتوح لاعب الزمالك عاما واحدا في قضية القتل الخطأ    ابنتي التي غيّبها الموت..    ألوان الأرصفة ودلالاتها    وطنٌ ينهمر فينا    المرتزق ليس له محل من الإعراب    خطيب المسجد الحرام: احذروا أن تقع ألسنتكم في القيل والقال    أمير تبوك يطمئن على صحة الضيوفي    ختام مسابقة القرآن والسنة في غانا    المؤتمر الوزاري لمقاومة مضادات الميكروبات يتعهد بتحقيق أهدافه    الزفير يكشف سرطان الرئة    أمير الباحة يكلف " العضيلة" محافظاً لمحافظة الحجرة    تركيا.. طبيب «مزيف» يحول سيارة متنقلة ل«بوتوكس وفيلر» !    مركز عتود في الدرب يستعد لاستقبال زوار موسم جازان الشتوي    عبدالله بن بندر يبحث الاهتمامات المشتركة مع وزير الدفاع البريطاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كتاب «اليوم» :المصانع الصغيرة ضحية تخطيط المدن .. والترحيل العاجل ل «الثقيلة»
أكدوا أن تطوير البيئة الصناعية يفترض ألا يضر صغار المستثمرين
نشر في اليوم يوم 26 - 11 - 2015

ثمن كتاب الرأي في صحيفة «اليوم» اهتمام الدولة بتطوير البيئة الصناعية في البلاد عبر الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية «مدن» ودعم المصانع بقروض ميسرة ومساحات من الأراضي الشاسعة في المدن الصناعية بهدف تقديم الأداء الأفضل والإنتاج المثالي دون ضرر صحي ولا بيئي بمحيطها. وشددوا ل «اليوم» في ختام حلقات ملف الشهر الثالث عشر «نقل المصانع خارج المدن.. غياب الآلية يضرنا !» على أهمية ألا يؤدي التطوير إلى الإضرار بمصلحة صغار المستثمرين والصناعيين, الذين يعتبرون المعادلة الأهم والأصعب في أي اقتصاد, وينبغي وضع آلية واستراتيجية واضحة قبل الإقدام على ما قد يضرهم ويهدر جهدهم، وينعكس سلبا على نمو الاقتصاد الوطني.
وأكدوا أن نقل المصانع الثقيلة خارج النطاق العمراني, تنظيم يتبعه كل دول العالم, لما في ذلك من حفاظ على بيئة المدن الصحية, وفك الاختناقات عند مداخل ومخارج المناطق الصناعية لمنع إرباك حركة السير, والحفاظ على سلامة الناس في حالة الحوادث أو الحرائق أو التسرب الكيميائي أو غير ذلك، مشيرين إلى أن المصانع الكبيرة حين أنشئت كانت بعيدة عن المناطق السكنية ولكن التوسعات في المساحات السكانية أدت إلى قربها وفي بعض الأحيان تواجدها وسط المدن, وعليه فطبيعة الأمور تتطلب نقلها إلى الخارج.
سكينة المشيخص
مصانع خارج النطاق العمراني
نقل المصانع خارج المدن يحتمل تطويرا للبيئتين الصناعية والسكنية، إذ إنه مع تمدد النمو العمراني فمن الطبيعي أن يحدث زحف سكني باتجاه المصانع والمنشآت الانتاجية التي غالبا ما يتم التخطيط لها خارج النطاق العمراني، ولكن الملاحظ أن دراسات التخطيط في المدن لدينا تواجه مشكلة في بناء أفكار هندسية قصيرة المدى لا يتم من خلالها الوضع في الاعتبار نمو هذه المدينة أو تلك على مدى مائة عام مثلا، وإنما يبدو وكأن التخطيط يتم لعشر أو عشرين عاما على أقل تقدير ولذلك من الطبيعي أن نشهد تداخلا صناعيا وسكنيا تترتب عليه نتائج سلبية تتعلق بالبيئة والصحة والسلامة العامة.
وبعد أن حدث سوء تخطيط للمدن بعد استيعاب النمو لفترات قياسية، فمال المعالجات المنطقية والتنموية لذلك؟ من الطبيعي أن يحدث تخارج صناعي لصالح البيئات السكنية، وذلك يتطلب انزياحا تلقائيا للمصانع والمدن الصناعية، ولكن بأي آليات ومنهج؟ هنا تبرز المعضلة التي تسبب فيها سوء التخطيط الحضري منذ البداية ليدخلنا في دوامة من العشوائية التي تأسست مسبقا، فتخطيط البنية التحتية العصرية يتطلب ما هو أكثر من الخرائط الهندسية، وعلى سبيل المثال فإن الصرف الصحي في العاصمة البريطانية لندن ظل فاعلا ولم يتسبب في أي مشكلات تعوق التطور والنمو رغم مرور أكثر من مائة وخمسين عاما على إنشائه، وتلك مفارقة مع نمط بناء المدن لدينا وهي حديثة كثيرا قياسا بلندن ويفترض أن تستوعب مقتضيات التطور والتخطيط العصري.
المشكلة التي تواجه المدن حاليا هي إخراج المصانع بكل متعلقاتها من مستودعات ومساكن عمال وآليات وأجهزة ومعدات خارج النطاق العمراني وتوفير بنية تحتية لها، وذلك سيأتي على حساب أي مصانع متعثرة من ناحية والمصانع الصغيرة التي لا تملك ميزانيات كبيرة تكافئ انتقالها، وبذلك لا يمكنها أن تدفع خطأ التخطيط الحضري وإنما يتم وضع ميزانيات لانتقالها الى مواقع الانتقال الجديدة على أن تتكفل بها وزارة الصناعة أو هيئة المدن الصناعية أو وزارة التخطيط أو الأمانات وكل جهة ذات صلة بعملية انتقال هذه المصانع، وليس ذلك وحسب وإنما من الضروري أن تمنح مزايا تفضيلية في إجراءاتها وعملياتها الانتاجية خاصة وأن الانتقال لا يتم بين يوم أو يومين وإنما لفترة زمنية طويلة يتوقف فيها الانتاج ويتحقق ضرر كبير على ميزانياتها وأعمالها وعلاقاتها بعملائها، ورغم صعوبة ذلك إلا أن الأصعب أن تبقى في مكانها فيما يتجه العمران اليها لتصبح المهددات البيئية والصحية أخطر وأعمق، ما يعني تنسيقا مشتركا بين تلك الجهات من أجل عملية نقل سلسة ومهنية.
زياد الغامدي
المصانع خارج المدن.. ليست كلها متساوية
التنظيم لا يأتي الا بخير، كما ان المواصفات والمقاييس مهمة جدا في الحفاظ على الجودة. وهذا ينطبق على كل الأمور، سواء كنا نتكلم عن منتجات أو خدمات أو آليات أو حتى على مستوى المدن وتخطيطها وعمرانها وتقسيمها. والحقيقة ان جهود تنظيم المدن (سواء الصناعية أو السكنية) في تطور مستمر وهذا ملاحظ، وخصوصا المدن الصناعية والتي شهدت اهتماما من الدولة لما في ذلك من تحقيق للمصلحة الاقتصادية التي تصب في صالح الجميع، سواء المستثمرون أو العاملون أو حتى المستخدم النهائي للمنتج الصناعي. والتطور بطبيعته، انما هو نتاج رغبة (من الجميع) في خلق بيئة مثالية للحياة، وحين يتعلق الأمر بالمصانع والمدن الصناعية، فالأداء الأفضل والإنتاج المثالي الذي لا يضر بالمحيط هو ما نطمح له جميعا. والغرض من المقال ليس استعراض فوائد تطوير المدن الصناعية أو ايجابيات عدد من الخطوات التي اتخذت في هذا الصدد، ولكن الهدف هنا تسليط الضوء على ان لا يؤدي التطوير الى الإضرار بمصلحة صغار المستثمرين والصناعيين، والذين يعتبرون المعادلة الأهم والأصعب في أي اقتصاد، والذين ينبغي التفكير الف مرة قبل الإقدام على ما قد يضر بهم وتعبهم وجدهم واجتهادهم.
أفهم نقل المصانع الكبيرة خارج المدن، وهذا ما تقوم به كل دول العالم، لما في ذلك من حفاظ على بيئة المدن الصحية، ولما في ذلك من فك للاختناقات عند مداخل ومخارج المناطق الصناعية ما يربك حركة السير، ولما في ذلك من الحفاظ على سلامة الناس في حالة (لا سمح الله) حدوث اشكال او حريق أو تسرب كيميائي أو غير ذلك. ولا شك ان المصانع الكبيرة حين انشئت كانت بعيدة عن المناطق السكنية ولكن التوسعات في المساحات السكانية ادت الى قربها وفي بعض الأحيان تواجدها وسط المدن، وعليه فطبيعة الأمور تتطلب نقلها الى الخارج. وهذا ليس بالأمر السهل للمصانع الكبيرة، ولكنه ايضا ليس بالأمر الصعب ايضا، فوجود المقدرة المالية، ودعم الدولة من خلال توفير الأراضي وغير ذلك سيسهل المهمة، وعلى العموم فمثل هذا يحدث مرة كل 25 سنة، واصحاب المصانع الكبرى يعون هذا ولا يمانعونه.
ولكن هل من الحكمة والمصلحة فرض نفس الشيء على اصحاب المنشآت الصناعية الصغيرة والمتوسطة؟ لا أعتقد ذلك، وخصوصا ان منشآتهم لا يصدر منها تلوث، ولا يصدر عنها ضجيج، ولا يعتمدون على توريد كميات هائلة من المدخلات الصناعية بما يسبب تكدس الشاحنات على مداخل المناطق الصناعية. بالإضافة لذلك، ينبغي لفت النظر الى ان اصحاب المنشآت الصناعية الصغيرة لا يملكون اموالا طائلة تمكنهم من اعادة بناء اماكنهم الصناعية، ناهيك عما سيتكبدونه من مشاق في التنقل من وإلى أماكنهم متى فرض عليهم الانتقال. ولا شك انه من الأفضل حتى على الصعيد الاجتماعي بقاؤهم داخل المدن قريبا من اسرهم وأماكن سكناهم، ومتى توسعوا وكبرت مشاريعهم فحينها يمكن الزامهم بالانتقال اسوة بالمصانع الكبيرة.
لا بد ان تكون المواصفات من التفصيل ما يضمن عدم الإضرار بأحد، وحين يتعلق الأمر بالاستثمارات الصناعية الصغيرة والمتوسطة فالأمر يصبح ذا أهمية قصوى نظرا لما يمثله المستثمرون الصغار والمتوسطون من معادلة مهمة في التركيبة الاقتصادية. من غير المقبول تحميل اصحاب المنشآت المتوسطة والصغيرة ما لا طاقة لهم به، فنقلهم الى خارج المدن قد يكون بمثابة دفع كثير منهم نحو الإفلاس، وهذا لن يحمد عقباه في حال من الأحوال. لا بد ان تكون التنظيمات بالغة العمق وبما يضمن تطور المنشآت الصناعية المتوسطة والصغيرة. واذا ارتأت الجهات الرسمية وجوب انتقالهم، فلا بد من ان تتحمل هذه الجهات تكاليف النقل وتكاليف الإنشاء المتكبدة. المنشآت الصناعية والتجارية الصغيرة والمتوسطة اهم ركيزة اقتصادية لأي بلد، والمحافظة عليها فرض وواجب ولا ينبغي الحياد عنه.
التطوير الصناعي يجب ألا يضر بمصلحة صغار المستثمرين
عبدالله صايل
المصانع ومسافة الأمان
تحرص الدول المهتمة بالسلامة البيئية وسلامة المجتمعات المدنية في الجانب الصحي والمعيشي -بشكل عام- على إبقاء المصانع الكبرى بعيدة عن داخل المدن. ولو لم يقُل نشطاء الحراك المدني والحقوقيون كلمتهم قبل أكثر من نصف قرن في المجتمعات الغربية، لربما بقيت مصانع الحديد والإسمنت بين البيوت إلى يومنا هذا. ومع ما اكتشفه الباحثون والدارسون في تلك المجتمعات من أخطار صحية وبيئية لتلك المصانع الكبيرة، مهددة سلامة الإنسان ومصادر الحياة الطبيعية، فإن المواجهة كانت بمثابة الحل الأسرع، وذلك عبر إبعاد تلك المصانع إلى أطراف المدن، وتكثيف اشتراطات السلامة في مختلف الجوانب عبر إطار قانوني واضح وشامل.
وفي ظل ما نلمسه من ارتجال وعشوائية في التخطيط المدني، من ذلك النوع الذي تعيشه مدننا بوجود المنافذ التجارية في داخل الأحياء السكنية دون توفير مواقف سيارات ووسائل سلامة لعبور الطريق، استبشرنا جميعاً بالوقفة الجادة التي تلزم المصانع المهددة لسلامة البيئة وصحة الإنسان بالبقاء خارج حدود المناطق السكنية. ونجحت التجربة مع عدد كبير من مصانع المشتقات النفطية ومصانع البيتروكيماويات وحتى «بعض» مصانع الإسمنت (دون بعضها الآخر)!
رغم ذلك، ما زال هناك استثناء واضح وملموس بخصوص مصانع المشروبات الغازية، فالعديد منها لا يزال قائما ومنتجا بين المنازل وفي بعض الأحياء التي تتسم بالكثافة السكانية العالية، مهددة سلامة البيئة وصحة الإنسان. فما الذي يمنع أصحاب القرار من إلزام مصانع المشروبات الغازية بالابتعاد إلى أطراف المدن ضمن مسافة السلامة المتغيرة كل 20 عاما بحسب المقاييس الدولية. آخذين في الاعتبار أن السكوت عن هذه المصانع، والاستخفاف بحجم ضررها البيئي سوف يمهد لها الطريق للانضمام إلى عدد محدود من مصانع الإسمنت، كالذي في الرياض، حيث لا تزال قائمة ومنتجة داخل النطاق العمراني وتمارس تدمير السلامة البيئية.
ما الذي يجعل التخلص من المصانع الصغيرة (رغم محدودية ضررها البيئي مقارنة بغيرها) كمصانع مواد البناء والحجر والرخام أسهل كثيراً من التخلص من المصانع الكبرى المدمرة للبيئة؟ وما الخطط المستقبلية لتدارك هذه المأساة البيئية المحدقة بنا من كل اتجاه؟
ومن واقع تجربة شخصية، جاورت مصنعاً للمشروبات الغازية عددا من السنين، وكانت وسيلة النجاة الوحيدة للتخلص من هذا العبء اليومي هي الانتقال إلى مكان سكن آخر.. لأتحمل أنا وعدد من سكان الحي مشقة تغيير المسكن رغم أن القدرات المادية للفرد والأسرة لا يمكن مقارنتها بالقدرة الاقتصادية لمصنع يبيع آلاف العبوات من المرطبات يومياً!
ولا أظن أن المسألة تحتمل التأجيل والتسويف المعتاد بين الحين والآخر. بل إن نقل مصانع المشروبات الغازية وما بقي من مصانع الإسمنت مطلب عاجل وواجب النفاذ؛ حفاظاً على سلامة الإنسان صحياً ومن منطلق بيئي كفيل بتحقيق أدنى اشتراطات الوقاية.
ومن الناحية الاقتصادية والتنموية، فإن هذا النقل الإلزامي لتلك المصانع كفيل بتعزيز اقتصاديات الضواحي، وفتح آفاق جديدة لتشكيل مجتمعات صناعية جاذبة، ناهيك عما توفرة من فرص عمل لساكني أطراف المدن، وما تساهم فيه من تشغيل المؤسسات الوطنية الصغيرة في تلك المناطق.
يحدث هذا في المجتمعات المتقدمة، وتتسابق الشركات والمؤسسات العملاقة في تلك المجتمعات إلى تدوين انخفاض مستويات التلوث وارتفاع معدلات السلامة البيئية والاشتراطات الصحية، ضمن مسيرة فخرها واعتزازها بالاستجابة للقوانين ومعايشة أثرها الإيجابي.
على الجميع أن يتذكروا الضرر الصحي للتلوث وضعف اشتراطات السلامة، وأثر هذا على اقتصاد الصحة خصوصاً وأن التأمين الطبي ليس متاحاً لجميع المواطنين! للتذكير فقط: الاقتصاد الأمريكي يتكبد خسائر تصل إلى 20 بليون دولار سنوياً بسبب المشاكل الصحية المتعلقة بالتلوث والسلامة البيئية، هذا وهي إحدى أكثر الدول اهتماماً بهذا الجانب. دعونا نتساءل الآن: ترى.. ما حجم خسائرنا الاقتصادية المرتبطة بالجانب الصحي المرتبط بالتلوث ومشاكل البيئة؟
محمد الصويغ
لماذا إلزام المنشآت الصغيرة بالنقل؟
لا أدري ما هي الأسباب الكامنة وراء الزام المنشآت والمصانع الصغيرة بالانتقال من داخل المدن الى المدن الصناعية البعيدة بمسافات شاسعة عن بيوت الأهالي؟ لا سيما أن الأضرار الناجمة عن تلك المنشآت أو المصانع تكاد تكون مفقودة تماما، ولا وجود لها أصلا. وأية ذرائع تطرح لنقل تلك المنشآت الصغيرة تبدو واهية وغير منطقية، فأسباب النقل لا تبدو معقولة أو مفهومة.
أصحاب المنشآت أو المصانع الصغيرة سوف يتكبدون خسائر فادحة جراء عملية النقل، تتمحور في خسائرهم للأصول التي وضعوها في محلاتهم، وفي تلك العمالة التي يتطلب نقلها تأمين مساكن جديدة لهم قرب المواقع الجديدة التي يتم نقلهم لها، فالإلزام بالنقل من هذا المنطلق ليس صحيحا، لا سيما أن تلك المصانع لا تصدر على الاطلاق عوادم يمكن أن تضر بالمواطنين الذين تقع مساكنهم بالقرب منها.
وحاجة المواطنين لأنشطة وفعاليات تلك المصانع الصغيرة ملحة للغاية، وبدلا من تكبد المواطن مشقة الذهاب الى المصانع في مقارها البعيدة، فإنها ستكون في متناول يده، وبإمكانه الاستفادة منها دون عناء الذهاب للمدن الصناعية البعيدة عن منزله، والأجدر أن يستفيد من خدماتها ما دامت قريبة منه، وأشك في استفادته منها اذا نقلت خارج المدينة التي يقطن فيها، فالمسافات الطويلة قد تحول دون توجهه اليها.
هناك أنشطة يسيرة وبسيطة تؤديها المصانع الصغيرة، وبإمكان المواطن أن يستفيد منها دون عناء ومشقة التوجه الى المناطق الصناعية البعيدة عن منزله، والالزام بنقل تلك المنشآت الصغيرة الى المناطق الصناعية البعيدة عن الأهالي لا يبدو قرارا صحيحا، ولا بد من اعادة النظر فيه، في محاولة لتثبيت تلك المنشآت والمصانع في مقارها الحالية دون الالزم بالنقل، فعملية النقل مضرة بأصحاب تلك المصانع الصغيرة ومضرة بالمواطنين أيضا.
ليست هناك أسباب وجيهة تدعو أو تدفع لنقل تلك المنشآت أو المصانع خارج المدن الى المناطق الصناعية البعيدة عن مساكن المواطنين والمقيمين، وليس هناك ما يدعو لتكبد المواطنين عناء السفر - ان جاز تسمية توجههم الى تلك المصانع بالسفر -، فالأجدر أن تبقى تلك المنشآت أو المصانع الصغيرة في مقارها الحالية دون نقل، فالنقل سوف يضر بمصالح أصحاب تلك المنشآت ويضر بمصالح المواطنين في آن واحد.
فكرة نقل تلك المنشآت أو المصانع الى خارج المدن لا تبدو سليمة، ولها أضرارها الوخيمة على أصحاب تلك المصانع أو المنشآت، فمن الخطأ التسليم بأن المواطنين سوف يتوجهون لها في المقار الجديدة ان نقلوا اليها، وهذا يعني أن احجام المواطنين عن الاستفادة من خدمات تلك المصانع الصغيرة سوف يلحق الضرر بأصحاب تلك المصانع، وهو ضرر يمكن تلافيه بالإبقاء على تلك المنشآت أو المصانع وعدم الزام أصحابها بالنقل.
الشكوك تحوم حول امكانية توجه المواطنين للاستفادة من خدمات تلك المنشآت الصغيرة عندما يتم نقلها الى المناطق الصناعية، وهذا يعني بصريح العبارة أن أصحاب تلك المصانع سوف يتضررون من النقل، ويعني بصريح العبارة أيضا أن المواطنين سوف يتضررون كذلك من نقل تلك المصانع الصغيرة الى المناطق الصناعية، فالأضرار الناجمة عن النقل لا تطال أصحاب تلك المصانع الصغيرة وانما تطال المواطنين أيضا.
ان من الضرورة بمكان اعادة النظر في مسألة نقل المنشآت أو المصانع الصغيرة ذات الخدمات البسيطة والملحة الى خارج المدن السكنية، وأناشد كافة المسؤولين المعنيين بالالزام بأهمية مراعاة مصالح المواطنين قبل مراعاة مصالح أصحاب تلك المصانع والمنشآت الصغيرة، فمن مصلحة المواطن أن تبقى تلك المصانع في أماكنها، وابعاد أصحابها عن تكبد الخسائر، وابعاد المواطنين عن المتاعب التي سوف تحدث لا محالة في حالة النقل.
لا أجد مبررا عقلانيا لهذا النقل، فكل الأسباب التي قد تطرح لتبرير النقل لا تبدو منطقية، وأظن أن المسؤولين عن الزام تلك المصانع الصغيرة لا بد من اهتمامهم ومراعاتهم لظروف المواطنين التي قد لا تسمح لهم بالاستفادة من خدمات تلك المنشآت في حالة نقلها الى المناطق الصناعية، ومراعاة مصالح أصحاب تلك المصانع التي سوف تلحق بهم أضرار لا يمكن التقليل من جسامتها ان نقلوا مصانعهم الى المناطق الصناعية.
نقل المصانع الثقيلة خارج النطاق العمراني, تنظيم تضعه كل دول العالم، لكن وفق استراتيجية واضحة
عبداللطيف الملحم
المناطق الصناعية وأثرها على الاقتصاد والبيئة
في البداية ما زلت أذكر منذ الصغر مروري من بعد على مصنع شركة سافكو للأسمدة الكيماوية الواقع بالقرب من الموقع الحالي لمعهد الدراسات البحرية. كنا نراه عند سفرنا في تلك الفترات بين الخبر والدمام. فقد كان المصنع يعتبر في أبعد نقطة لمدن الدمام والخبر والظهران. ولكن ومع مرور الزمن أصبح هذا المصنع داخل النطاق العمراني وبدأنا نرى حوله البيوت الخاصة بالمواطنين وأصبح لاحقا ملاصقا لجامعة الملك فيصل ومعهد الدراسات الفنية للقوات البحرية، إضافة لمناطق سكنية. ولكن أصبح هذا المصنع في كتب التاريخ الخاصة بتطور الصناعة البتروكيماوية في المملكة. وقبل فترة من الزمن لم يكن هناك أي خيار إلا بإغلاقه تماما ونقله بسبب تأثيره على البيئة المحيطة. ولكن في نهاية المطاف لم تجد الشركة صعوبة في نقله كون هذه الشركة من أقوى وأكبر الشركات الصناعية في المملكة. وهذا يجبرنا للحديث عن مناطق صناعية قامت الدولة مشكورة بتوفيرها للمواطن والمستثمر السعودي والتي تم اختيارها قبل عدة عقود لتكون خارج النطاق العمراني والذي تمدد أفقيا لتصبح هذه المناطق الصناعية وما تحويه من مصانع مختلفة الأحجام لتصبح وسط النطاق العمراني في وضع بدأ يهدد الساكنين. وبالفعل سمعنا عن عدة حوادث تسريب تم التعامل معها بصورة جيدة. ولكن يبقى السؤال هو إلى متى ستكون هذه المناطق الصناعية قريبة لمناطق سكينة؟. وهل من الضروري أن يتم نقلها إلى مناطق أخرى؟. في الحقيقة من الممكن ان يتم الإبقاء على مصانع الشركات الصغرى والمتوسطة والتي لا تمثل ضررا بيئيا وذلك لصعوبة النقل وتكاليفه العالية وخاصة أثناء فترة التوقف. والأمر الآخر والذي يتم تناقله بين الكثير هو أن بعض الاراضي المخصصة في مناطق صناعية جديدة تسيطر عليها أياد غير سعودية وتقوم بمساومة البعض من التجار والصناع لمن يريد الاستفادة منها. ولذلك ومع ضرورة مراجعة المناطق الصناعية الحالية، إلا أنه من الضروري وضع آلية دقيقة حتى لا تتأثر الشركات المالكة لبعض المصانع الصغيرة وتسبب في إفلاسها. وكذلك من الممكن تمديد الفترات اللازمة لعمليات النقل أو قيام الدولة بوضع آلية تعويض عبر مساعدات مباشرة أو غير مباشرة لكل منشأة مطلوب نقلها. وكما هو معروف فمثل هذه الصناعات ضرورية للاقتصاد المحلي وتشجيعها ضروري خاصة أننا في هذا الوقت نحتاج إلى آلية لتنويع مصادر الدخل. وكذلك تشجيع أصحاب هذه المصانع للاستثمار في الصناعة. لأن نقل بعض هذه المصانع من موقعها الحالي رغم أن له فوائد كثيرة وضرورة ملحة إلا أنه لو تم بطريقة غير مدروسة فسيكون له أثر سلبي على الاستثمارت الصناعية في المستقبل. إن قرار نقل مناطق صناعية هو قرار له حسناته ولكن لا بد من وضع جميع الاعتبارات فيما يخص أثرها على الشركات الصناعية الصغيرة وكذلك من يعمل في تلك المصانع وأمنه الوظيفي.
المصانع الخفيفة داخل المدن تستقطب الفتيات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.