جاء في تعريف الإكراه بالفقة الإسلامي هو أن تضغط على إنسان ظلماً بوسيلة ما لإجباره على القيام بتصرف ممتنع عنه أو لا يرغب به. وقد كرم الله سبحانه وتعالى بني آدم وميزهم عن غيرهم من الكائنات الحية بالعقل الذي هو أداة الاختيار والرضا، غير أن الإنسان قد يعتريه أحيانًا بعض العوارض التي تجعله يتصرف تصرفاً آخر لا يرتضيه كقبول الابتعاث الخارجي الإجباري للفتيات والتوقيع عليه لأجل التعيين وإكمال الدراسة الذي يعني تحقيق الطموح والآمال بغد مشرق. وقد كان لهذا القرار التعسفي الفريد من نوعه من قبل وزارة التعليم العالي آثار سيئة جداً على بناتنا بلغ حد الخطورة لقتل بعضهن بدوافع عنصرية، ناهيك عن مشاكل أخرى لا حصر لها ولا تقارن بالفائدة المرجوة من الابتعاث الخارجي والتي لا تتعدى اللغة والثقافة والتعليم. ونحن نقول لواضعي القرار ان كنتم تبحثون عن اللغة؛ بإمكانكم توفيرها في جامعاتنا بفتح معاهد لغة على أحدث طراز وإجبار الجميع بتنسيق معين على الالتحاق بها خاصة وأن من الخطط التنموية في مجال التعليم الجامعي أن تحول الدراسة في بعض الأقسام التعليمية إلى اللغة الإنجليزية، فالأعضاء جميعهم بحاجة لها ليس فقط المبتعثات الجدد. وإن كنتم تبحثون عن الثقافة فبإمكانكم استقدام أفضل الاساتذة لنقل ثقافتهم في الأقسام التعليمية وتطويرها بإفادة الجميع. وإن كنتم تبحثون عن العلم فنحن لسنا أقل منهم عقلاً وعلماً وإدراكاً ولكن نحتاج منكم لفتة كرم وسخاء بأن تزودونا بما ينقصنا من أجهزة ومعامل وبرامج ولغة ... الخ؛ وهكذا تكونون قد طورتم الجميع بلا استثناء وليس الطالبات الجدد اللاتي يحتجن إلى وقت طويل ليصبحن أعضاء هيئة تعليمية بالمستوى المقبول والدرجات العلمية المطلوبة. والأدهى من هذا وذلك إلزام الطالبات على الابتعاث الخارجي وعدم ترك حرية الاختيار لهن إعلان صريح عن عدم كفاءة أعضاء هيئة التدريس وأهليتهم لتعليم بناتنا في جامعاتنا العريقة والتي نبذل من خلالها أقصى جهد للوصول إلى العالمية والاعتماد الأكاديمي من ناحية، وخسارة طالبات رُشحن للإعادة لتميزهن وكفاءتهن بتحويلهن إداريات لعدم قدرتهن على السفر لظروفهن الاجتماعية من ناحية أخرى. والسؤال: هل نحن بحاجة إلى ضربة على الرأس لنصحو؟ ان كنا ننتظرها ضاربين شكاوى الأهالي والطالبات والمراسلات -التي تناشد وزير التعليم ومدراء الجامعات بإعادة النظر في ذلك القرار غير السليم- عرض الحائط؛ فقد جاءت ولله الحمد بعد طول انتظار ضربة مفتي المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ -حفظه الله- بقول كلمة الحق التي تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي عند تفاعله مع معاناة المبتعثات وأهاليهن مطالباً وزارة التعليم بمنع إلزام الفتيات من الابتعاث خارج المملكة لإكمال الدراسة، ورافعاً خطاباً للجهات العليا يطالب بعدم الإلزامية في ابتعاث الفتيات خارج الوطن، وإكمال دراستهن في الجامعات العريقة في الداخل، «وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا».