حمّل كتاب الرأي في صحيفة «اليوم»، كامل مسؤولية شح التوظيف في القطاع الخاص، على الشركات الكبرى وتهربها من مسؤوليتها الاجتماعية والاقتصادية، مضيفين: للأسف مشكلة الشركات عدم الثقة في الشاب السعودي المتقدم لطلب العمل ولديها اعتقادات خاطئة بضعف إمكانياته وصموده في العمل وقدرته على تحقيق مطالب الوظائف في الشركة. وقالوا ل «اليوم» في ختام الملف الشهري الثاني عشر «اقتصاد بلا وظائف.. أين الخلل؟»، إن هذه الشركات يجب أن تقتدي بالشركات الكبرى مثل شركة أرامكو السعودية وشركة سابك والتحلية والكهرباء، لافتين إلى أن هذه الشركات لا تشترط الخبرة وتدرب وتطور الكفاءات الوطنية المستجدة وتؤهلها التأهيل الشامل للعمل فيها بكفاءة وقدرة فائقة. وأبانوا أن توفير الوظائف للأيدي العاملة الوطنية يبدو أنه يسير ببطء وتعثر وهذا بلا شك يمثل عائقاً على المديين المتوسط والبعيد في ازدهار الاقتصاد وتحليقه عاليا. وأردف الكتاب في رأيهم قائلين: إن القطاع الخاص مطالب الآن وأكثر من أي وقت مضى بأن يضطلع بدوره الوطني بشكل أكثر تركيزاً وأن يكون مبادراً في استيعاب شبابنا المؤهلين سواء من تخرج منهم من جامعاتنا المحلية أو العائدون من الابتعاث الخارجي وتوظيفهم دون شروط تعجيزية. وأشاروا إلى أن هيئة توليد الوظائف ومكافحة البطالة، ينتظر أن تحدث الحلول التي ينتظرها المجتمع السعودي، مبينين: «التوليد» جاء قبل المكافحة! هذا معناه أن هناك مهمة تخليقية تنتظر القائمين على هذه المؤسسة الوطنية، وهذا يقتضي بالضرورة التعويض عما أخفق في تحقيقه عدد من المؤسسات التي انتظر المجتمع منها الشيء الكثير. المشاريع بالبلايين.. ووظائف بالقطارة عبداللطيف الملحم في مرات سابقة كتبنا عما تتم مناقشته في المجتمع بعد طرح مشاريع بالبلايين. في البداية تتم مناقشة أمور كثيرة أهمها ثلاثة أمور أساسية، وأولها عن تأثير المشروع على البيئة ومدى استفادة المجتمع من المشروع، وآخرها كم عدد الوظائف التي سيتم فتحها لليد العاملة. وعند رؤية ما يحدث لدينا هو أننا نسمع عن مشاريع تصل قيمتها إلى العشرات من البلايين ورغم ذلك لا نجد وضوحا حول عدد الوظائف التي تم توفيرها للمواطنين؛ فلذلك الكل يسأل عمن يقوم بتنفيذ هذه المشاريع. ونقطة مهمة وهي أن لدينا خريجين وخريجات جامعيات يصل عددهم إلى عشرات الآلاف من جميع التخصصات ومع ذلك لا نجد لهم وظائف في القطاع الخاص في دولة يبلغ عدد الأجانب حوالي ثلث عدد السكان، وصحيح أن الكثير من الوظائف التي يشغلها الأجانب هي في الحقيقة وظائف لن يقبل بها خريج جامعي مثلا، ولكن بيت القصيد هو أنه يوجد أعداد تقدر بالملايين من الأجانب ممن يشغلون وظائف من المفروض أن يتم شغرها بالمواطن السعودي؛ ولهذا لا بد من تغيير إستراتيجيات كثيرة حيال تغيير هذا النمط في الحياة الاجتماعية التي تمس المواطن، سواء أكان ذلك عن طريق تغيير أساليب التعليم أو وضع حد أدنى للاجور لكثير من المهن، والغريب في الأمر هو أن الكثير من الوظائف التي يبتعد عنها شبابنا هي في الحقيقة وظائف لها مردود مادي، ولكن لسبب لا نعلمه أصبح الشاب السعودي عازفاً عنها. ولو نظرنا مثلا للنقل البري على حدة لوجدنا أن هذا الحقل من الصناعة يحتاج إلى عشرات الآلاف من الشباب والذي ليس من الضروري وجود شهادات عليا، والذي لو قام الشباب بالعمل فيه لخفت نسبة البطالة بشكل كبير ولأتيح للآخرين ممن لديهم شهادات حرية حركة اكثر في البحث عن العمل. وشيء مهم بالنسبة لسوق العمل السعودية هو انه -وإلى وقت قريب- انخرط الشباب السعودي في أداء وظائف وتنفيذ مشاريع لم يكن الكثير منهم لديه شهادة عليا ومع ذلك قام وبمهارة كبيرة بإتقان العمل. وقبل حوالي سبعين عاما رأينا الشاب السعودي يبدي مهارة فائقة أثناء بناء أكبر مصافي البترول وخطوط النفط وغيرها من الأعمال ذات التقنية العالية؛ ولهذا فمن الغريب أن لا يتم قبول شاب سعودي حاصل على شهادة جامعية للعمل في القطاع الخاص في وقتنا الحاضر. إننا حاليا نمر بمرحلة دقيقة فيما يخص النمو السريع في أعداد الخريجين الذين لا بد أن تكون هناك إستراتيجية وطنية للتوظيف وتقليص نسبة البطالة في دولة توجد بها اكبر المشاريع، وإضافة لذلك توجد بها أكبر نسبة من اليد العاملة الأجنبية. وموضوع آخر وهو لا بد من إعادة الجودة للتعليم المهني والصناعي والذي تم صرف البلايين عليه دون مردود واضح منه في وقت نرى الكثير من العمالة الأجنبية تستفيد من مردود مالي كبير من هذه الحرف اليدوية كالسباكة والتكييف والكهرباء. التنافس على التدريب والتأهيل لا على الشروط والتعجيز زياد محمد الغامدي المنتظر من القطاع الخاص التنافس على تقديم الحوافز والمزايا التدريبية والتأهيلية بل وحتى التعليمية. فالحوافز المالية والتنظيمية وفي كثير من الأحيان «الحماية» من المنافسة الخارجية التي تتمتع بها منشآت القطاع الخاص في بلادنا تجعل من غير المقبول وضع اشتراطات «لغوية» أو اشتراطات تحصيلية معقدة وبالغة التخصص أو غيرها مما يعيق اعطاء السعوديين حقهم المشروع في التوظيف والمساهمة الفعالة في اقتصاد البلاد. والحقيقة، أن عدم وصول القطاع الخاص للقناعة بأن توظيف السعوديين وتدريبهم وتأهيلهم ومن ثم تمكينهم يحقق مصلحة حقيقية وملموسة لمنشآت القطاع الخاص، مؤشر مهم على عدم وجود رؤية استراتيجية بعيدة المدى للديمومة والاستمرار. والملاحظ أن هناك شركات رائدة في القطاع الخاص لا تقوم فقط بالتدريب التأهيل، بل تتجاوز ذلك لتقدم منحا دراسية لموظفيها المتميزين في تخصصات عملهم وبما يعمق قدرة موظفيها والمنشأة على حد سواء، ولكن تظل هذه النماذج الرائدة محصورة في عدد قليل من الشركات ولا ترتقي لتكون توجها شائعا لاستقطاب السعوديين والسعوديات. لا يمكن أن يستقيم اقتصادنا إلا حين يمكن السعوديون والسعوديات من القيام بدورهم الطبيعي في القطاع الخاص بشقيه الصناعي والخدمي، كل وفق امكاناته وقدراته. وفرض الشروط المغلظة وفي كثير من الاحيان التعجيزية والتي لا تهدف الى توظيف الأكفأ بقدر ما تهدف الى تبرير توظيف الأجانب، واقع لا يمكن له الاستمرار، ليس لأن مثل هذا التوجه خطأ استراتيجي ولا يأتي بثمار على المنشأة والاقتصاد المحلي على المدى البعيد فقط، بل حتى لأن القوانين والتشريعات العمالية في بلادنا وتوجهات الدولة لن تسمح لها بالاستمرار. فبلادنا قدمت الكثير على مدى العقود الماضية؛ ليكون القطاع الخاص من القوة ما يكفي ليعتمد على ذاته، حتى أصبح لدينا أكبر المنشآت التجارية والصناعية في المنطقة وفي بعض الأحيان في العالم. وعليه، فلا بد أن يقابل هذا الدعم توجه من القطاع الخاص في اعطاء ابناء وبنات بلادنا الأولوية القصوى في التوظيف، ولن تعجز الدولة عن فرض ذلك متى شعرت بأن تفاعل القطاع الخاص دون المطلوب منها والمأمول. وبالمثل أيضا قدمت الدولة الكثير في سبيل تعليم ابناء وبنات بلادنا، بما في ذلك تقديم المنح الدراسية في أكثر الدول تقدما علميا واقتصاديا. كما هيأت المعاهد الفنية والتقنية التي تمكن الشباب من احتراف المهن التي يعتمد عليها القطاع الخاص. ولم تدخر أي جهد في تقديم الحوافز التشجيعية التي تحفز القطاع الخاص على السعودة. اقتصادنا بحاجة إلى تنافس منشآته (لا يعيب أن يكون التنافس حادا) في استقطاب السعوديين والسعوديات، وبحاجة إلى ان يبادر القطاع الخاص في توفير وتقديم ما يسعى ان يكون عليه موظفوه. فالحاجة إلى تخصص دقيق أو لغة معينة لا يجب أن يكون دافعا لعدم التوظيف، بل يجب أن يكون دافعا لتهيئة الموظف الكفء وتدريبه وتأهيله ليكون وفق ما يحقق مبتغى المنشأة، ولا مانع من الابتعاث إلى الخارج إن لزم الأمر، فملاءة قطاعنا الخاص المالية قادرة على ذلك. شبابنا وبناتنا الأكفأ متى ما أعطوا الفرصة، ولنا في القطاع المصرفي والنفطي والبتروكيماوي دليل قاطع على صحة ما ندعيه. لا بد ان تتبنى قطاعات اقتصادنا المختلفة ما سبق وان تبنته المصارف وأرامكو وسابك وشركة الكهرباء وشركة عبداللطيف جميل وغيرها الكثير. فقطاع التجزئة وقطاع المقاولات وقطاعات الفندقة والسياحة ما زال يزخر بالفرص سواء للشباب أو البنات وفق ظروف كل منهم وقدراته واحتياجات سوق العمل. لا بد من تقديم المزيد، فأبناؤنا وبناتنا يستحقون، والقطاع الخاص قادر. المشي على المقلوب د. عبدالمنعم بن محمد القو لم يعد الأبناء قبل عشر سنوات كما هم اليوم اذ غدوا يقرأون ويحللون ويفكرون ويسمعون ويسافرون ويقارنون وباختصار ان عشريني أو ثلاثيني اليوم غير الجيل الذي كان قبل عشرين سنة ومن البداية لا نضحك على بعض ولا نحط القمر على يد والذهب على يد أخرى ونقول كلاما له أول ولكنه هلامي لا يرى بالعين المجردة للاستهلاك المحلي كما يقولون تجار الشنطة لأن الجميع من البنات والأولاد غدوا واعين أكثر من جيل الأربعين والخمسين وما فوق ولكنهم في العموم مؤدبون ويحبون الخير للنصف الكبار من المجتمع ولذا عندما نتكلم عن سعودة ووظيفة بالقطاعين الحكومي والخاص فباعتقادي طبقوا ما كانت تعمل شركة أرامكو في الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي عندما كانت تدار بمهندسين أمريكان وكانت تحتاج لعمالة مهنية بسيطة في الحفر والتنقيب ما قالت للملك عبدالعزيز أو الملك سعود -رحمهما الله- آنذاك- نريد فيز علشان نستورد عمالة من الهند أو بنغلاديش أو باكستان تكون رخيصة الثمن ومتى ما بغينا نسفرها او نلغي عقدها كان بالامكان وهكذا الحال مع شركات الاتصالات وسابك وبعض البنوك المحلية في بداياتها ما فتحت باب الفيز مشرعا للوافد وأغلقت الباب على المواطنة والمواطن بل قالت جيبوا العمال السعوديين وقامت بتعليمهم اللغة ووظفتهم وتعبت فيهم أشد التعب لتثقيفهم وتأهيلهم نظرا للفارق التعليمي آنذاك بين المهندس والعامل ومع ذلك أعطوهم مميزات حلوة ومشى الوضع وفتحوا بيوتا كثيرة وضموا خلقا كبيرا من مدن الساحل الشرقي والوسطى والغربية ما خلوا أحدا على الرغم من أن بدايات الشركة لم تكن سعودية مائة بالمائة ولكنها الرغبة. واليوم تمر على كليات بكل المملكة قاعدة تخرج حاسب آلي ولغات وتربية وهندسة مدنية واخصائيين نفسيين ومختبرات وعلوم صيدلانية وادارية وزراعية وغيرها والشركات الكبيرة المائة الأولى منها نسب السعودة فيها نازلة حدر حتى انك من الصعب أن تجد سعودية تخصصها رياضيات او علوم أو لغة عربية تشتغل في مدرسة أهلية لأن البديل السهل متوافر والفيزا فيها منافع أخرى والكل يشجع على ذلك ما أحد قال لهم لا ما نعطيكم استيراد من الخارج دام أن السعودي موجود وهو أولى في ديرته فما تجد سعودي يشتغل في السودان أو مصر أو الأردن مثلا على وظيفة معلم بالجامعات أو المدارس رغم أن هنالك بطالة كبيرة تتجاوز ثلاثمائة ألف خريجة من التخصصات التربوية متسدحات يمكن تأهيل بعضهن ثم ضمهن للتعليم الجامعي بدلا من الوافدات بعد تأهيلهن ولكن ما يبوون، وهذي المؤسسة أو الشركة لو شافوا أنفسهم أن لا مكان سوى للسعودي ولا بد أنك تؤهله لأنك المستفيد وتعطيه حوافز حقيقية ويكون التوظيف رسميا غير وهمي ولا يدلعون ويعطون نصف الراتب من صناديق الدولة ثم يمنون وهم حصادهم السنوي وفوائدهم من الدولة وأبنائها ولولاهم ما كانوا ومع ذلك يروح مسئول ويجي مسئول كبير في قضايا العمل والتشغيل والتوظيف المدني ومحلك سر نسمع كثيرا ونرى قليلا. وفي الختام الأوطان خيرها بعيالها فهم ثروتها وعزوتها وخيرهم منهم ولهم وترى اللي مسدحينهم سنين طويلة على وظيفة مدرس أو كهربائي وسباك أو حداد أو بائع أو موظف موارد بشرية أو محاسب او ممرض لنقول لهم شكرا ما قصرتوا واعذرونا عيال الوطن المخلصين من الجنسين أولى والمشي على المقلوب قد ولى زمانه ورجاله. اقتصادنا ووظائفنا أنيسة السماعيل إن بلادنا تتمتع بثقل اقتصادي متميز واستراتيجية اقتصادية منفردة ساهمت بان تكون ذات دور ريادي عالمي ومع هذا نجد شُحا في الوظائف التي يطمح لها الشباب في القطاع الخاص بالذات وفي الشركات الكبرى التي تنافس الشركات العالمية ليتساءل الجميع عن اسباب التقصير هل ينحصر في تدني الرواتب أو عدم الاتقان لانعدام المزايا والضمانات الوظيفية التي يحلم بها الشباب في وظيفة المستقبل لماذا لا يكون للشركات مراكز تدريب متخصصة للشباب في مجالات العمل التي ترتبط بتلك المصانع ولاننسى دور البنوك التي تتمتع بسمعة اقتصادية وأرباح خيالية فماذا قدمت للخريج او الخريجة وماذا عملت للتوسع في هذا المجال نحن بحاجة لمراكز صرف وتحويل نسائية يعمل بها خريجات وان تكون منتشرة في كل حارة. اننا مازلنا نشاهد طوابير التحويل في بعض المصارف، الجميع يستغرب هذه المناظر اين دور المصارف النسائية التي تخدم الجميع وفي مجالات عديدة اين شركات الطيران وتدريب السيدات وتشجيعهم في كل المجالات ان دور الشباب في مصانعنا الوطنية يجب ان نساهم وبكل قوة بتدريب منته بالتوظيف الذي يجب ان يطبق بكل مصداقية وضمانات ورواتب مجزية وان يكون لابن الوطن ثقل إصدار القرار في كل المجالات وسوف نشاهد شبابا طموحا ومتمرسا ومخلصا خاصة الشباب القادمين من رحلة ابتعاث حصل فيها علي شهادات من جامعات عالمية فهل نصدر قرارا يلزم التجار واصحاب المصانع بان يلزم بنسبة معينة من الخريجين ويتعاقد معهم وهم في المرحلة الاخيرة من سنوات الابتعاث ان للجميع دورا في نهضة هذا البلد ويجب ان يكون لسواعد ابنائها دور ريادي في تطوير شركاتها ومصانعها وبنوكها انها أمنية كل خريج ان يترجم كل ماتعلمه على ارض الواقع وان نحارب كل ما يعرقل مشاركة ابن الوطن. المسئولية الاجتماعية لقطاعنا الخاص في توظيف الشباب د. عادل رشاد غنيم صار للمسئولية الاجتماعية للقطاع الخاص مفهوم عالمي، فهي بتعريف البنك الدولي (التزام أصحاب النشاطات التجارية بالمساهمة في التنمية المستدامة من خلال العمل مع موظفيهم وعائلاتهم والمجتمع المحلي والمجتمع ككل، لتحسين مستوى معيشة الناس بأسلوب يخدم التجارة ويخدم التنمية في آن واحد)، ومع ظهور هذا المفهوم الجديد «للمسؤولية الاجتماعية للشركات»، أصبح على القطاع الخاص القيام بالدور الاجتماعي والإنساني والأخلاقي في المجتمع الذي يدين بالنجاحات التي حققها. ليست المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات المشاركة في المشروعات الخيرية والاجتماعية وتقديم التبرعات العينية أو المادية فحسب، لكن دور المؤسسات الخاصة أكبر من ذلك، حيث يتوقع منها أن تساهم في التنمية المستدامة. ويأتي على رأس تلك المسئولية استحداث فرص عمل جديدة للشباب تستقطب الخريجين والمبتعثين منهم، وتأهيلهم لمضاعفة مهاراتهم وخبراتهم وفق احتياجات سوق العمل. والنظرة الإسلامية تؤكد أفضيلة العمل على مد اليد لتلقي مساعدة أو إعانة أو صدقة، فاليد العليا خير من اليد السفلى، وهذا من كلام النبوة الذي يشجع على العمل ولو بالاحتطاب: (لَأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ) رواه البخاري. وهكذا كان الصحابة، يرفضون بأدب عروض الكرم السخية بالعطاء ويطالبون بفرصة عمل أو اتجار، فعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ - رضي الله عنه - لما آخَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِىِّ، فعَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُنَاصِفَهُ أَهْلَهُ وَمَالَهُ، فَقَالَ عَبْدُالرَّحْمَن:ِ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِى أَهْلِكَ وَمَالِكَ، دُلَّنِى عَلَى السُّوقِ. وكانت سياسة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - التي أمر به ولاته: ((إن الله قد استخلفنا لنوفر لهم حرفتهم، فإذا وفيناهم ذلك تقاضيناهم شكرها، إن هذه الأيدي خلقت لتعمل، فإذا لم تجد في الطاعة عملاً، التمست في المعصية أعمالاً)). وإذا كان دافع القيام بالمسؤولية الاجتماعية في ظل الفلسفة المادية للحياة، هو ضمان استمرار الشركات في مجال عملها على المدى الطويل، وتعزيز مصداقية المنشأة والثقة في أعمالها فحسب، فإن النظر الإسلامي يعمق باعث هذه المسئولية فيجعلها في التكليف الشرعي الذي يوسع دائرة الأجر، فلا ينحصر في صورته المادية وإنما يرتقي إلى أبعاد روحية سامقة، من خلال الاحتساب الذي يجمع الإخلاص والصبر وروح المبادرة إلى العمل الصالح، سواء كان النفع ذاتياً يتعلَّق بالعبد، أو كان النفع متعدياً يستهدف الآخرين وشعاره: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته». وهناك مبادرات شخصية مشرفة من بعض الشركات والمؤسسات، لكنها تفتقر إلى التنسيق وغير كافية لحاجات المجتمع. وفي المقابل، هناك بعض الشركات تعمد إلى توظيف بعض الشباب والفتيات توظيفًا وهميًا من أجل نظام السعودة، فيبقى الموظف في بيته ويصرف له أو لها الراتب، وهذا - كما أفتى الشيخ عبدالرحمن البراك - لا يحل لأصحاب الشركات والمؤسسات؛ لأنهم بهذا لم يفوا بما شُرط عليهم، ولا يحل للشباب أخذ هذه المرتبات؛ لأنهم يأخذونها بغير مقابل. وثمة مؤشرات إيجابية واعدة شهدناها الأسبوع الماضي في معرض وظائف 2015 الذي تنظمه غرفة الشرقية بالشراكة مع شركة الظهران اكسبو، والذي حظي برعاية رسمية وإقبال من الشركات رفع سقف طموحات معرض التوظيف، من عرض أكثر من 5 آلاف وظيفة للشباب والشابات من خلال فعاليات المعرض. واستقبل المعرض طالبي العمل من الخريجين الجدد وأصحاب الخبرات لعرض ما يملكون من كفاءات علمية وعملية على المنشآت المشاركة، والتنافس على الوظائف المعروضة كمرشحين محتملين للعمل لدى هذه المنشآت، مما سيعزز فرصهم في الحصول على الوظائف التي تتوافق مع طموحهم وميولهم ومهاراتهم وقدراتهم بشكل مباشر ودون أي وسيط، ووفق آلية محددة تحفظ حقوق الطرفين. وهذه الفعاليات تؤكد على أن القطاع الخاص لديه الاستعداد للوفاء بمسئوليته الاجتماعية عندما تتوافر آليات ومعايير تدعم نشاطه الاقتصادي، ولا تمثل عبئا ثقيلا لا طائل من ورائه. خلق الوظائف.. الممكن والمستحيل عبدالله صايل هيئة توليد الوظائف ومكافحة البطالة.. أحدث حلولنا التي ينتظر المجتمع السعودي منها الكثير. والفارق الذي على الآلاف منا أن يدركوه هو أن «التوليد» جاء قبل المكافحة! هذا معناه أن هناك مهمة تخليقية تنتظر القائمين على هذه المؤسسة الوطنية، وهذا يقتضي بالضرورة التعويض عما أخفق في تحقيقه عدد من المؤسسات التي انتظر المجتمع منها الشيء الكثير، ومنها وزارة العمل، وزارة الخدمة المدنية وحتى أكثرها شبابا.. صندوق تنمية الموارد البشرية. تعالوا نتأمل ما الذي تقوله منظمة العمل الدولية في افتتاحيتها التعريفية بكارثة البطالة: «إن استدامة الفقر، وتزايد التوزيع غير العادل للثروات، وتباطؤ نمو الوظائف وما يفاقم الوضع من الانهيارات المالية والاقتصادية إلى جانب التغير المناخي، جميعها معوقات حرجة للنمو الاقتصادي والاجتماعي». ولو اتفقنا على أننا بلد ثري بمقدراته النفطية، ولسنا كبعض دول الشرق الأوسط أو الدول الآسيوية التي تعاني من جميع ما سبق، فهل كل ما تبقى لدينا هو مشكلة وجود أكثر من 9 ملايين وافد (إحصائية عام 2012م)؟ لا طبعاً، فنحن بلد كبير جدا.. وهذا الوطن يحتاج ليد عاملة بالملايين، ولا ضير من التكهن بأننا قادرون على استيعاب ضعف هذا العدد، شرط أن نتأكد من سلامة الخبرات ومصداقية المؤهلات. ما سبب البطالة لدينا إذاً؟ هل السبب هو شرط الخبرة وإجادة الإنجليزية فقط؟ هذا غير صحيح طبعاً.. وأغلب مؤسسات القطاع الخاص غير جادة أصلا في توظيفكم، فقد وجد القطاع الخاص وسيلة إنقاذه الأهم في تاريخه عبر اشتراط نسبة للسعودة، وهذا ما يحققه (عن بُعد) عبر منح الشباب مكافآت بقيمة 1000 ريال شهريا نظير الموافقة والتوقيع على عقود شكلية لا يقل الراتب فيها عن 4000 ريال!. حسناً، سأبسط المسألة على نفسي وعلى القارئ الكريم.. فبخلاف مشكلة انعدام استحداث وظائف جديدة تستوعب العائدين من برامج الابتعاث (لا يوجد توليد)، ومشكلة تفشي الواسطة (فساد)، لم يعد لدينا مشكلة سوى الجامعات!. فالجامعات تصر على تكديس الطلاب في تخصصات لا حاجة لسوق العمل بها؛ لأن نسبة أحدهم في السنة التحضيرية كانت 4,4، بينما النسبة المطلوبة لدراسة أحد التخصصات الهندسية هو 4,5 من 5!! ولو كان هناك وعي حقيقي من طرف الجامعات الحكومية بأبعاد وحجم المشكلة لما اكتشفنا أن هناك 16 ألف «مهندس» وافد يعملون في عدد من المشاريع الكبرى بشهادات هندسية مزورة!. لحظة، فالمشكلة تمتد حينما يبدأ الطالب بدراسة تخصص لا يحبه، ويقرر الانسحاب من الجامعة، والعودة للتفتيش عن فرصة في سوق العمل بمؤهل الثانوي. ما أردت قوله باختصار، هو أن مشكلة البطالة في مجتمعنا موزعة بالتساوي على ثالوث هو: أولاً: انعدام التوليد بسبب الارتهان للاقتصاد الريعي. ثانيا: العمق السحيق لمعضلة الواسطة. ثالثا: الجامعات الحكومية وانشغالها باستحداث قوانين لا تستوعب الميول والقدرات الحقيقية للكثير من الطلاب. هنا، لا مناص من الاعتراف بأهمية تنمية المجتمع في مختلف النواحي، ومنها التعليم المتخصص. ولا أظن أننا سنحقق الكثير ما لم ندرك أن التنمية الاقتصادية هي التوأم الحقيقي للتنمية الاجتماعية. وفي خضم كل هذا، لا تنمية اجتماعية دون تعليم عام قوي.. وتعليم جامعي يصنع إنسانا منتجاً قبل أن يصنع رقماً في سجلات «المقيّدين»!. الوظائف بين جناح طائر وثقب أسود وليد السليم لا يحلق الطائر بجناح واحد، فعندما نتحدث عن نهضة حضارية في وطننا فإن جناحها الأول واضح للعيان وهو الاقتصاد القوي الذي يعتبر ضمن الاقتصاديات الواعدة التي تحتل الصدارة في المنطقة، ولكن الجناح الثاني وهو توفير الوظائف للأيدي العاملة الوطنية يبدو أنه يسير ببطء وتعثر، وهذا بلا شك يمثل عائقاً على المديين المتوسط والبعيد في ازدهار الاقتصاد وتحليقه عالياً. إن القطاع الخاص مطالب الآن وأكثر من أي وقت مضى بأن يضطلع بدوره الوطني بشكل أكثر تركيزاً، وأن يكون مبادراً في استيعاب شبابنا المؤهلين سواء من تخرج منهم من جامعاتنا المحلية أو العائدين من الابتعاث الخارجي وتوظيفهم دون شروط تعجيزية وخاصة ذلك الشرط الغابر (الخبرة)، التي يمكن للشركات والمؤسسات الخاصة عندما تكون جادة وراغبة في الموظف أن تكسبه الخبرة بالممارسة والتدريب وإعطائه الثقة في العديد من المهام والمسؤوليات بصورة تدريجية. وبالتأكيد فلا أحد ينكر دور القطاع الخاص بوصفه رافداً مهماً وأساسياً لاقتصادنا الوطني، إلا أنه وفي ذات الوقت يعمل في بيئة اقتصادية مثالية وآمنة وتقدم له الكثير من المميزات والدعم والتسهيلات، هذا المناخ الاستثماري المذهل الذي يعيش فيه ويستفيد منه القطاع الخاص في المملكة لا تكاد أن تجد له مثيلاً في العالم. وكنت وما زلت أراهن على أن شبابنا المؤهلين الباحثين عن الوظائف يمتلكون من التأهيل المناسب والعلم والمعرفة والجدية والذكاء ما يمكنهم من التفوق والتألق في الأعمال والوظائف بشرط أن تتناسب وتخصصاتهم، وأن يحصلوا على الراتب المناسب والمميزات الوظيفية المقبولة، وأن يعطوا الثقة مع الصبر عليهم بإكسابهم الخبرة، حينها سيجد القطاع الخاص طاقات متوثبة ومخلصة وفاعلة سترتقي بالشركات والمؤسسات إلى مرحلة التميز والتنافسية إقليمياً وعالمياً. وليس ثمة شك في أن تميز أبنائنا وبناتنا المبتعثين في أوروبا وأمريكا والشرق الأقصى وغيرها ذلك التميز لم يأت مصادفة، فالبشائر تترى بين حين وآخر عبر اكتشاف أو اختراع أو ابتكار أو اعتلاء صدارة في مسابقة دولية يحققها أو يفوز بها هؤلاء النابغون، هذا التفوق الذي تنقله الأنباء العالمية ووسائل الإعلام الدولية وتحتفي به في صحفها وفضائياتها ومنصاتها الالكترونية، بل إن كثيراً من أبنائنا وبناتنا الموهوبين قدمت لهم عروض للعمل والإقامة في الجامعات والشركات والمؤسسات عابرة القارات؛ تقديراً لعلمهم ونبوغهم وكسباً لعقولهم النادرة، وكم أتمنى لو أن لقطاعنا الخاص عيناً تستشرف الاستثمار في الإنسان وهو الاستثمار المستقبلي الأمثل فترصد أبناءنا وبناتنا المتفوقين وتقدم لهم عروض العمل وتبرم معهم العقود، فيحققون نتيجة لذلك عدة أهداف من أهمها قيامهم بدورهم الوطني المنشود والاستفادة من هذه الكنوز المعرفية المبهرة في تطوير أعمالهم وتحسين منتجاتهم ومضاعفة أرباحهم. ولعل من أكثر التجارب هدراً للأيدي الوطنية العاملة في القطاع الخاص هو نظام (الكونتراكت)، تلك الوظائف البائسة التي توفرها بعض الشركات والمؤسسات ضمن عقود مع الشركات الوطنية الكبرى، وللأسف فإن واقع الحال يسفر عن تستر وبطالة مقنعة وتسرب وظروف عمل سيئة للغاية وأجور زهيدة، وفي تقديري أنه حان الوقت لشركاتنا الوطنية الكبرى أن تعيد النظر في هذا النظام الذي أصبح كالثقب الأسود الذي يجذب شبابنا العاطلين إليه ثم يرمي بهم إلى المجهول. شروط تعجيزية تهدر ثلث وظائف الشركات النوعية !! أنيسة الشريف مكي الشركات - للأسف - مشكلتها عدم الثقة في الشاب السعودي المتقدم لطلب العمل ولديها اعتقادات خاطئة بضعف إمكاناته وصموده في العمل وقدرته على تحقيق مطالب الوظائف في الشركة. لماذا لا تقوم هذه الشركات بما تقوم به الشركات الكبرى مثل شركة أرامكو السعودية وشركة سابك والتحلية والكهرباء، هذه الشركات لا تشترط الخبرة وتقوم بتدريس وتدريب وتطوير الكفاءات الوطنية المستجدة وتؤهلها التأهيل الشامل للعمل فيها بكفاءة وقدرة فائقة والمصلحة للجميع للشركة والموظف، علاوة على ما تهيئ لهم من أمان وظيفي كالراتب المناسب والعلاج للموظف وأولاده وأمه وأبيه وبدل السكن الكافي مرتب ثلاثة شهور، وقرض سكن كلها أمور تشجع الموظف السعودي على العمل وتحفزه لعمل مهام أكبر وتدفعه للمزيد من النجاح، لذا نرى تمسك الشباب بالعمل في أرامكو والشركات التي ذكرت كبيرا فلا تسيب في العمل ولا تسرب، بل انضباط متميز . أتعجب من الشركات التي تعلن عن الوظائف بشروطها التعجيزية، وأتمنى أن تحذو حذو شركتي أرامكو وسابك وغيرهما من الشركات التي بالفعل ترغب في توظيف الشباب السعودي للقضاء على البطالة وتحقيق السعودة ولمصلحتها أيضاً. أسلوب إعلان الوظائف في الشركات التعجيزية كالذي يقدم الوظائف في طبق من ذهب، مغريات ورواتب كبيرة ثم يستردها «تقدمْ للوظيفة ولا تتوظفْ» !!! «كل ولا تأكل» تناقض. شروط تعجيزية وضعتها الشركات المعلنة وهي تعرف أنها لا تنطبق على الشباب المتقدم للوظائف ولا على معظم الخريجين. تجب إعادة النظر في هذه الشروط؛ خصوصاً في سنوات الخبرة، لا سيما أن كثيرا من المتقدمين للوظائف من الشباب حديثي التخرج في الجامعات، فمن أين يأتون بالخبرة ؟ وظائف شاغرة وإعلانات لا تعد ولا تحصى، أعمال كثيرة ومجالات متعددة وشركات ومؤسسات تبعث الأمل في نفوس الشباب المتلهف للعمل وتحول شبح الخوف من البطالة إلى خبر لفعل ماض، لكن هذه الآمال لا تلبث أن تتحول إلى سراب عندما تصطدم بصخرة شروط التعجيز التي تصيب المتقدمين بالإحباط، فقد حصل على شهادته بعد عناء وسهر فصدمته الشروط. وتمضي الأعوام وخريج العام وما قبل العام، والعام الذي يسبقه، والمتقدم ينتظر الفرج والشروط لا تتغير والشركات تمتلئ بغير السعوديين. شروط غير منطقية لا يمكن مجاراتها لعدم منطقيتها وواقعيتها، حتى لو توافر شرط فلن يتوافر الشرط الثاني «الخبرة» مشكلة كبيرة تزيد حجم البطالة ولجوء الشباب للوقوف في قائمة الانتظار الطويل. نأمل من وزارة العمل مشكورة وضع رؤية واضحة تحدد شروط العمل فيما يرتبط بالقطاع الخاص حتى يتجاوز الشباب هذا التعجيز. طالما أن هذين الشرطين التعجيزيين «الخبرة واللغة الانجليزية» مطلوبان بالنسبة لبعض الشركات فمن رأيي عندما ينشر الإعلان ينشر بهذه الصورة «إعلانات تعجيزية» بدلاً من «إعلانات وظيفية». نريد أن نصدق حسن النية من هذه الشركات والمؤسسات فلا نظن سوء النية بأنها تنشر الإعلان لمجرد التبرير أمام وزارة العمل بأنها «أعلنت» ولم يتقدم أحد للوظيفة !! بعدها توظف من تشاء من غير السعوديين، وتمضي الأعوام وخريج هذا العام والأعوام التي سبقت في الطابور. ملاحظة : قد يكون ضعف التأهيل الفني في معاهد التدريب الفني بالمملكة له دور كبير في عدم رغبة الشركات فيهم، حيث إنها تسير بعيداً عن الاستراتيجيات التي تحقق الفاعلية الحقيقية من خلال الكوادر الوطنية التي تخرج لسوق العمل على مختلف التخصصات والأعمال. يرجى إعادة هيكلة معاهد التدريب وتجهيزها من أجل تخريج كوادر وطنية بمهارة عالية وعلى قدرٍ عالٍ من الإتقان. أخيراً : أتمنى أن يتنازل القطاع الخاص عن شرط الخبرة واللغة الإنجليزية الذي طالما وقف حاجزا أمام الباحثين عن عمل واستبداله بالجدية والالتزام الوظيفي، في محاولة لجذب المتقدمين وإغرائهم للعمل لتحقيق النسب المطلوبة من قبل وزارة العمل ووجوب التقيد بالأمن الوظيفي كما تفعل شركة أرامكو ليتمسك الموظف بالعمل ويبدع فلا يتسرب من العمل كبقية الشركات التي تسربت منها نسب كبيرة، مع إعطائهم دورات مدروسة تأهيلية لسرعة التوظيف وتحقيق نسب السعودة المحددة من قبل الوزارة. ثروة الوطن للوطن، فلماذا تُوصد الأبواب أمامها ؟ خبرات الشباب في القطاع الخاص محمد عبدالعزيز السماعيل تتطلب البرامج التي تنفذها وزارة العمل من أجل استيعاب العاطلين والباحثين عن عمل في المنظومة التنموية ما هو أكثر من توفير الفرص الوظيفية الجاهزة سواء في القطاع العام أو الخاص، فهي بحاجة الى نشر ثقافة العمل والانتاج بحيث يتخذ الشباب من تلك البرامج خطوات أو عتبات أولى نحو تحقيق الطموح الوظيفي والتفكير في الانتاج أكثر من الوظيفة، وتلك هي مشكلة الشباب الذين لا يستقرون في وظيفة إن وجدت لهم، إذ إن أحلامهم أكبر من الوظيفة التي يبدؤون بها حياتهم العملية، إذ يعتقدون أنهم مع أول وظيفة تمنحهم التجربة العملية يمكنهم البدء في تحقيق الحلم الخاص بهم، فتحدث المفارقة بأن الحياة ليست بالصورة الوردية التي نسجوها في مخيلتهم عن طبيعة الأعمال فيحدث التكاسل وبطء في التفاعل مع الوظيفة التي تتقاصر عن طموحهم. برامج وزارة العمل ينبغي أن تركز على اكتساب ثقافة العمل، فشبابنا لا يبالون كثيرا بقيمة العمل ويعتبرونه وسيلة سهلة للرفاهية الذاتية، وليست مسيرة لحياة مليئة بالكفاح وفرص التطور وتحقيق الطموحات، وخلال ذلك يتمكنون من اكتساب الخبرات التي يحتاجونها للانتقال بين الأعمال التي تناسب طموحاتهم، وليست الحياة العملية بالسهولة التي يتصورها كثير من الشباب فهي مزيج من المسؤولية والالتزامات والتحديات، فالدول المتطورة لم يتم بناؤها في حالة استرخاء أبنائها وإنما كان هناك بذل وكفاح، واستشهد في ذلك باليابان التي خرجت من الحرب العالمية الثانية مهزومة ومحطمة واعتمدت نهضة في كل القطاعات وفي مقدمتها القطاع الصناعي، وحين اندمج اليابانيون في العمل وبدأت النهضة تؤتي أكلها في العام 1953م بدأ النظام يسمح لهم بإجازات مبرمجة غير أنهم رفضوها وفضّلوا مواصلة العمل، فكانت اليابان الحالية. المسألة التنموية تحتاج الى جانب برامج ومشروعات وزارة العمل الى تعاون القطاعات وخاصة القطاع الخاص، ومن المهم أن يكون لصندوق تنمية الموارد البشرية تحديدا خطط لاستيعاب الخريجين والمبتعثين ومعادلتهم بمطلوبات سوق العمل التي تحتاج الى الخبرات، وهي ما يمكن اكتسابها باشتراطات وظيفية بقبول المتاح كتمهيد عملي للوظائف يحفزهم للعمل في وظائف أفضل وأكبر بمزايا وظيفية تتناسب مع تطلعاتهم، فشرط الخبرة ضروري للقطاع الخاص، رغم أن هناك من يتعسف فيه، ولكن أعمالهم لا تتحمل استيعابا غير ناضج سواء من ناحية التأهيل أو الالتزامات والمسؤوليات، وإذا نظرنا الى واقع أرامكو فإن العملية الوظيفية بها سلسة ويمكن تطبيق أنظمتها في القطاع الخاص بحيث يتم الاستيعاب بكامل الأهلية للوظائف التي تحتاجها الشركات دون إقصاء أو رفض لعدم توفر الخبرة. العملية التنموية متكاملة ولا تتجزأ، وكما يحتاج هؤلاء الشباب للوظائف لبناء مستقبلهم فإن القطاع الخاص بشركاته ومؤسساته بحاجة الى توطين وظائفه لأنه شريك فاعل في تلك التنمية، ولا يمكنه أداء دوره على الوجه الأكمل دون هذا الدور المحوري بتوظيف شباب الوطن ومساعدتهم في اكتساب الخبرات وقيادة المنظومة التنموية، لذلك من الضروري أن يكون هناك تنسيق أكثر فعالية في توفير الخبرات حتى لا تصبح عائقا أو حجر عثرة في استيعاب الخريجين والمبتعثين والباحثين عن عمل في التنمية الوطنية، فبدونهم قد تصبح فارغة من مضمونها الحقيقي.