تتعرض البيوت الطينية قديماً لعوامل التعرية والجوية فتؤثر فيها الرياح والأمطار تأثيراً بالغاً هذا التأثير الذي كان الناس قديماً يبادرون إلى ترميمه قبل أن يزداد ويكون مآله السقوط. ولذا، قالوا في أمثالهم الشعبية (اللي ما يسد غار.. يبني جدار)، والمقصود من هذا المثل الشعبي الجميل أن من لا يسارع ويقوم بسد الغار وهو الحفرة الصغيرة التي تكون في سقف البناء أو جدرانه ويعالجه عاجلاً سيضطر نتيجة لمماطلته وتسويفه إلى بناء جدار كامل، باعتبار أن ذلك الغار الصغير سيتوسع مع الوقت ويؤدي إلى سقوط السقف برمته أو الجدار بكامله، ولا يخفى أن مضمون المثل ومحتواه يرمي إلى المسارعة في علاج الأمر في بداياته فذلك أقل تكلفة وأيسر جهداً من التأخير الذي سيكلف العاجز الكسول خسائر فادحة. وتماماً كالأمراض بسيطها وخبيثها -أجارنا الله وإياكم منها- فالأطباء يقولون أن أي مرض يكتشف مبكراً تصبح -بإذن الله- فرص الشفاء منه عالية جداً بعكس الأمراض التي تكتشف متأخرة فاحتمالات الشفاء والنجاة منها تقل إلى الحد الأدنى. هذان المثالان يمكن لنا أن نطبقهما على المركبات التي نقودها فمن خلال الصيانة الدورية والكشف المبكر عن مواطن الخلل في السيارة، ومن ثم المبادرة إلى تصليحها سيطيل من عمر المركبة ويجعلها آمنة، هذا الإجراء من أولويات السلامة التي ينبغي على كل سائق مراعاتها والاهتمام بها. لكن واقع الحال خلاف ذلك تماماً، فكثير من السائقين يتصف بالاهمال في الصيانة لمركبته، وقليل منهم من يفحص سيارته قبل سفره ذلك ربما يكون قبل السفر بدقائق أو ساعات، هذا السلوك الذي اعتدنا عليه في كثير من شؤوننا وهو تأخير أمورنا إلى اللحظات الأخيرة تماماً كما يحدث في شراء مستلزمات رمضان والعيد والمدارس نؤخرها حتى اللحظات الأخيرة، وليس ثمة سبب مقنع لهذا التأخير والتسويف الذي أصبح ظاهرة لا نكاد أن نرى لها تصحيحاً أو تعديلاً. ذلك السائق الكسول لن يعرف سوء تصرفه إلا حين تتعطل مركبته فتنقطع به السبل في مكان بعيد أو يضطر إلى إدخالها إلى ورشة بعد ان يستفحل خرابها فيدفع مرغماً آلاف الريالات؛ لتصليحها في الوقت الذي كان بإمكانه إصلاحها بمبلغ بسيط لو أنه كان يهتم بصيانة سيارته دورياً. ويبقى السؤال أخيراً: كم من السيارات أهملها أصحابها فأضحت أنقاضاً تحت الجدران الساقطة؟