قررت وكالة ستاندرد آند بورز تخفيض التصنيف الائتماني للسندات السيادية في اليابان من درجة AA- إلى درجة A+. إنها أحدث شركات التصنيف الائتماني الكبرى التي تقوم بذلك، حيث إن وكالة موديز كانت الأولى، في ديسمبر من عام 2014، ثم تبعتها وكالة فيتش في إبريل. بررت وكالة ستاندرد آند بورز هذا التخفيض بقولها إن التوقعات المتعلقة ببرنامج "الآبينومكس" لرئيس الوزراء شينزو آبي قاتمة: "رغم أن البرنامج كان مشجعا في بدايته، نحن نعتقد بأن استراتيجية الانتعاش الاقتصادي للحكومة - التي أطلق عليها اسم الآبينومكس - لن تكون قادرة على وقف هذا التدهور خلال السنتين أو الثلاث المقبلة". إن الاستجابة الصحيحة لخفض التصنيف الائتماني السيادي من قبل شركة تقييم ائتماني كبيرة هي: "من الذي يكترث بذلك؟" تعتبر التصنيفات الائتمانية السيادية مقاييس تدل على الرأي السائد، وليست نتيجة لبعض أساليب التنبؤ الكلية السرية. من هذا الباب، يغلب على التصنيفات الائتمانية أن تكون مؤشرات متأخرة للظروف الاقتصادية، وليست مؤشرات قيادية. بعبارة أخرى، تعتبر التصنيفات الائتمانية طريقة رائعة لمعرفة ما حدث للاقتصاد قبل شهر، إذا حدث أنك لم تقرأ الأخبار في وقتها. إن المراقبين الذين يشعرون بالقلق حيال التخفيض قد يكون من الأفضل لهم تذكر التخفيض المماثل لتصنيفات السندات السيادية في الولاياتالمتحدة في عام 2011، التي أعقبت المعركة السياسية حول سقف الديون الفيدرالية. ذلك التخفيض أعقبه ثلاث سنوات من الانتعاش الاقتصادي، وتراجع عجز الموازنة، واستمرار ارتفاع أسواق الأسهم. لكن هل بإمكان تخفيض اليابان أن يثير تدافع المستثمرين الدوليين نحو بوابات الخروج؟ من غير المحتمل. تعيش الغالبية العظمى من مستثمري السندات الحكومية اليابانيين في اليابان، وربما لن يشعروا بالقلق إزاء الحكم الصادر عن شركات الخدمات المالية الأمريكية، لا سيما تلك الشركات ذات السمعة المشكوك فيها من مصنفي الائتمان. ومثلما أن كثيرا من المستثمرين الدوليين يعتبرون سندات الخزانة الأمريكية بمثابة أصول خالية من المخاطر تصلح للملاذ الأخير، فإن المستثمرين اليابانيين يعتبرون أن السندات اليابانية هي أقصى مكان آمن لديهم. هذا يفسر بكل بساطة لماذا اقترنت عقود من المالية العامة الحكومية المتدهورة بأسعار فائدة منخفضة على السندات اليابانية. ويفسر أيضا سبب خسارة المستثمرين الأمريكيين الذين راهنوا ضد سندات الحكومة اليابانية مرارا وتكرارا، إلى درجة أن البيع على المكشوف في اليابان أصبح يعرف باسم "صانع الأرامل". من يتعامل على المكشوف على السندات اليابانية فإنما يجني على نفسه. لكن ماذا عن ادعاء وكالة إس أند بي الذي تقول فيه إن برنامج آبي الاقتصادي آخذ في الفشل؟ صحيح إن نمو الناتج المحلي الإجمالي في اليابان كان هزيلا خلال السنوات القليلة الماضية. لكن هذا لم يكن مفاجئا، لأنه مع عدد سكان آخذ في الانخفاض، يكون معدل النمو المحتمل المستدام في اليابان تقريبا ليس أكثر من واحد بالمائة بالتأكيد، وقد يكون متدنيا جدا يصل إلى الصفر. إذا كانت اليابان في حالة ركود، ولديها الكثير من الناس العاطلين الذين يمكن دفعهم إلى سوق العمل، حينها فإن من المتوقع أن تدفع الآبينومكس النمو ليصل معدلا يفوق المعدل الكامن لفترة من الوقت. لكن الوضع مختلف في اليابان. معدل البطالة في اليابان هو الآن قريب من أدنى مستوى له منذ 16 عاما، ومشاركة القوة العاملة في الاقتصاد هي عند أعلى مستوياتها التاريخية. معنى هذا أنه لا توجد موارد احتياطية يمكن تشغيلها. وبالتالي فإن نسبة صفر أو 1% من النمو هي أفضل ما تستطيع اليابان أن تحصل عليه. أضف إلى ذلك أن التباطؤ في الصين يشكل رياحا خارجية معاكسة للاقتصاد الياباني. ترسل اليابان حوالي خمس صادراتها إلى الصين، بالتالي فإن التباطؤ الصيني سوف يكون له تأثير سلبي. وبالنسبة للإصلاحات الهيكلية التي وعد بها آبي، فإنها عموما تسير على ما يرام. ومثل جميع الإصلاحات الهيكلية، فإن آثارها لن تظهر إلا بعد مرور عدة سنوات. والواقع أن شركات التقييم الاتئماني لا سبيل لها إلى معرفة النتيجة التي ستكون عليها الإصلاحات الهيكلية. بالتالي فإن تخفيض المرتبة الائتمانية للسندات السيادية اليابانية ليس تطورا ذا شأن. ومن الأفضل تجاهله، وهو أمر من المؤكد أن السوق ستفعله.