قال الأستاذ عبداللطيف الجوهري وفقه الله: تنهض الأمم وتزدهر الحياة وينتشر العمران وتقوم الحضارات مرتكزة على منظومة القيم الانسانية التي تعلي قيم العلم والعمل ومكارم الأخلاق مشتملة على الإيمان الذي يفجر في الانسان طاقاته الخلاقة وقواه المبدعة التي تستعذب الكفاح والجهاد في نصرة العقائد والمثل العليا ورفعة الأوطان وعزة الأمم في عالم تتدافع فيه الشعوب والأمم بالفوز بالغلبة والسيادة, وما لم تتسلح الأمة بأسباب العزة والمنعة تناهشتها الذئاب من كل جانب وبات أبناؤها كالأيتام على مآدب اللئام او كالشياه في الليلة المطيرة, يقول تعالى: (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً ولينصرن الله من ينصره ان الله قوي عزيز) الحج 40. من أجل هذا جاء الاسلام العظيم بمنظومة قيمة تكفل لشعوبه وأمته النهضة والعزة والسيادة لامتلاكها كل مقومات الريادة لبني البشر من عقيدة صافية وشريعة إلهية وسطية تستجيب لفطرة الانسان بلا إفراط ولا تفريط وتحقق له السعادة الروحية والاستقرار النفسي فليس ثمة صراع بين العقل والقلب ولا بين الدين والعلم ولا بين الرجل والمرأة وإنما وفاق وانسجام تام بين حاجات الجسد وأشواق الروح وبين وهج العقل وحرارة العاطفة فضلاً عن البناء الأخلاقي الذي يصنع الانسان الكامل في رحمته وقوته وعزمه وسماحته وسعة أفقه وصدقه مع النفس ومع الغير وتعاطفه مع جميع الكائنات في وئام تام مع المنظومة الكونية من بشر وحجر ونبات وحيوان في توازن بيئي عبقري تحار معه العقول المنصفة, ولذا ينتشر الاسلام صباح مساء ويكسب كل يوم أرضاً جديدة في عمق بلاد أعدائه برغم ضعف المسلمين وتخلفهم!! نعم لقد جاء الاسلام لأمته بأسباب العزة والكمال الإنساني وضمن للمؤمنين المخلصين المحبين لله ورسوله الملتزمين بشريعته السمحاء والمتخلقين بأخلاق الرسل والأنبياء ضمن لهم التمكين في الأرض والشهادة على البشر أجمعين. قال تعالى: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً) النور 55. وقال تعالى ايضاً: (وكذلك جعلناكم امة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً) البقرة 143. وفي صدارة الاسس التي هي ضرورة للإيمان الصحيح والعقيدة الصافية والحياه الكريمة يأتي العلم ولذا كان أول هدى الاسلام في تربية المؤمنين الأمر بالقراءة وطلب العلم النافع لتحقيق التوحيد الخالص ونشر العمران في الأرض ليتحقق الاستخلاف الانساني الصالح لهذه الأرض فكان قوله تعالى (اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الانسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم) سورة العلق 1-5. ويمجد الله تعالى القلم ويقسم به وبما يكتبه فيقول تعالى (ن والقلم وما يسطرون) القلم 1, ويفرض الاسلام العلم فرضاً على أبنائه في مختلف شؤون الحياة وبما يصلح دين المؤمنين ودنياهم كما في قوله صلى الله عليه وسلم (طلب العلم فريضة على كل مسلم) وقوله عليه الصلاة والسلام (من سلك طريقاً يلتمس فيه علما سهل الله له طريقاً الى الجنة). أما المعلم فله الثواب العظيم والدرجات العلا مع الشهداء وما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية في تمجيد المعلمين والعاملين وجعل من رسالة العلم والعلماء مثلاً أعلى في دنيا الناس ومثالاً عبقرياً لمن ينشد الكمال والحظوة عند الله وعند الناس وكيف لا وقد بعث الله تعالى رسله وأنبياءه هداة معلمين.