في مناسبة اجتماعية تشرفت بحضورها مؤخراً، جمعتني بعدد من الأصدقاء، كانت مناسبة لأحاديث متفرقة، وأثناء اللقاء وقفت مع عدد من الأصدقاء نتحدث جانباً، وفجأة رن هاتفي النقال، وقمت بإشارة سريعة بطلب الإذن سريعا لأجيب المتصل، كانت كلمات معدودة، وسريعة ثم انتهت المكالمة، وعدت لجو الحديث مع رفاق الصبا. حيث علق أحدهم بأني لست اتيكيت على قوله لأني لم استأذن في الرد ولم أتلق موافقة الواقفين، قدرت أن الرجل يمازحني بعد هذه السنين التي لم يتسن لنا فيها اللقاء، واعتذرت بهدوء، وقادنا الحديث إلى مسار آخر، حيث طلب مني من بقية الواقفين الخوض في الاتيكيت وما يرتبط به من معان ومفاهيم. اعتبرت أن الطلب مزحة جديدة، إلا أنهم أصروا على أن يسمعوا مني ما تيسر، فتنحينا جانبا، وانضم إلينا عدد آخر وحاولت تبسيط الأمور إلى أكبر حد ممكن. حيث أكدت في البداية أن هناك مصطلحات متناثرة في أدبيات الدبلوماسية وسلوكياتها تختلط على كثير من الناس، نظراً لتشابهها، أبرز هذه المعاني "المراسم" وهي كما يُعرفها المختصون القواعد السلوكية التي تتبع في المناسبات الرسمية، تلك الاجتماعات التي تضم فئات من الشخصيات ذات الصفات الخاصة، والمعترف بها من قبل سلطة رسمية. جدير بالذكر أن الدبلوماسيين، والموظفين الرسميين، يلتزمون بمراعاة تقاليد دولة المقر التي يعملون بها، في حال وجودهم في إحدى مناسباتها الرسمية. وبالمناسبة يجب التنويه الى أنه من الضروري جداً أن يلتزم الدبلوماسي بالآداب الدبلوماسية على مستوى المعرفة والممارسة، وأن يكون قدوة في ذلك احتراماً لمركزه، ولسمعة البلاد التي يمثلها. وتعد المراسم دستوراً للتعامل باعتبارها قواعد دولية، مهمتها تنظيم المناسبات والمؤتمرات والاحتفالات ذات الطابع الرسمي، مهم أن نشير إلى أن قواعد المراسم لها طبيعة إلزامية، وحتمية، وذات حساسية مفرطة بين الدول. وهناك "البروتوكول" الذي يمثل القواعد العامة المتعارف عليها، في المعاملات الرسمية، مثل قواعد الأسبقية، في الحفلات، والمؤتمرات العامة، والقواعد الخاصة بالزيارات، والمقابلات. أي أن البروتوكول هو سلوكيات بين الأفراد بهدف وضع قواعد وآداب ينبغي الالتزام بها؛ بهدف تجنب الاختلاف، في المناسبات العامة، مهم أن الفرد يكتسب قواعد البروتوكول من خلال عمليات التنشئة الاجتماعية، والأسرية، والتعليم. وبالمناسبة أصل هذه الكلمة يوناني ويعني الصفحة الأولى الملصوقة في دفتر أو سجل. ومجازاً تعني الدفتر أو السجل نفسه، وتاريخياً ارتبط تطبيق قواعد وآداب البروتوكول بقصور الملوك، والأمراء. بقي مصطلح "الاتيكيت" الذي قاد إلى كل هذا منذ البداية، ويُعرف الاتيكيت بأنه ممارسة السلوك المتميز، والكامل، دون أن يُظهر من يمارس ذلك السلوك تكلفاً، أو جموداً، وفي نفس الوقت عليه أن يجعل الآخرين يشعرون بأنهم ذوو سلوك مهذب وراق. كلمة اتيكيت فرنسية، وتعني في الأصل البطاقة التي تُلصق على طرد، أو زجاجة؛ لتوضيح المحتويات، ثم استعملت في وقت متأخر للدلالة على البطاقات التي كانت توزع على المدعوين في القصور الملكية للالتزام بالتعليمات المدونة عليها. أخيراً هناك "المجاملة" وهي ببساطة سلوك إنسان تجاه آخر، كأفراد بطريقة محببة ما يقربهم من بعضهم، وهي تصرفات، وفضائل سلوكية غير مكتوبة، يطبقها المرء بهدف إسعاد الآخرين، والمجاملة يعرفها البعض بأنها الكياسة، والتهذيب، أو مجموعة السلوكيات الواجبة الاتباع نحو الغير. كلمة في لقاء، جرتنا إلى الحديث حول، المراسم، والبروتوكول، والمجاملة، أتمنى ألا أكون نسيت شيئا، وأني كنت "اتيكيتياً " قدر المستطاع.