في تماهٍ واضح وانحياز أعمى مع الاحتلال الصهيوني؛ أدرجت الولاياتالمتحدةالأمريكية اسمه على لائحة الإرهاب بصحبة اثنين آخرين من قيادات "حماس" هما يحيى السنوار، وروحي مشتهى. و"محمد الضيف" هو اسمه الشهرة الذي يلقب به محمد دياب إبراهيم المصري من سكان حي خان يونس، الاسم الذي لا يعرفه عنه إلا قلة من الفلسطينيين. ولُقب ب"الضيف" لعدة أسباب؛ كان من أبرزها أنه كان يحل ضيفاً على منازل الناس من القيادات والمعارف المقربين جداً حيث لم يكن يعيش في بيته حيث لا يزال ملاحقاً من الاحتلال الصهيوني بصفته فدائياً من الطراز الأول، وقبل أيام وضعته واشنطن على ما تسمى "لائحة الإرهاب". وتعود أصول عائلته لأسرة فلسطينية لاجئة من قرية القبيبة في أراضي ال 48 لتعيش رحلة التشرد في مخيمات اللاجئين قبل أن تستقر في مخيم خان يونس حيث نشأ هناك. وعرف الضيف طريق المساجد مبكراً، وشكلت مساجد "بلال" و"الشافعي" و"الرحمة" المحاور الثلاثة التي صقلت فيها شخصيته، حتى بات من قيادات العمل الإسلامي والنشاط الدعوي، ليصبح فيما بعد خلال دراسته الجامعية من أبرز ناشطي الكتلة الإسلامية في الجامعة الإسلامية بغزة. شعلة نشاط انضم الضيف لجماعة الإخوان المسلمين في فلسطين، التي انطلقت من رحمها حركة حماس نهاية 1987، في بداية شبابه، وكانت جماعة الإخوان وقتها تركز في عملها على الدعوة الإسلامية والتربية، حيث إنها لم تكن قد اتخذت قرارها بعد بالانخراط في المقاومة العسكرية ضد الاحتلال. ومثلما برع الضيف في العمل العسكري لاحقا، برع وقتها في العمل الدعوي والطلابي والاجتماعي والإغاثي وحتى الفني، حيث يصفه كل من عرفه في تلك الفترة أنه كان "شعلة" في نشاطه. فلم يكن يشعر بالحرج وهو يحمل مكنسته، مع شبان المجمع الإسلامي ينظفون شوارع خان يونس، بالإضافة إلى مشاركته خلال نشاطه الجامعي في (يوم الحصيدة)، حيث يساعد المزارعين في حصاد مزروعاتهم المختلفة. محمد الفنان ساهم محمد المصري "الضيف" بتأسيس فرقة "العائدون" الإسلامية في مخيم خان يونس، حيث كان يتقن فيها تمثيل أدوار كبار السن رغم حداثة سنه في حينه. وكان محمد يشارك في كثير من الاحتفالات والمهرجانات التي كانت تقيمها الكتلة الإسلامية - الإطار الطلابي لحركة حماس - في المناسبات المختلفة، وكان يحرص على تقديم فنّ راقٍ ومحترم لجمهوره الذي أحبه فناناً وقائداً عسكرياً من جهة أخرى. وكان الضيف مسئولاً عن "اللجنة الفنية" في الكتلة الإسلامية خلال نشاطه في مجلس طلاب الجامعة الإسلامية التي تخرج فيها عام 1988 بعد أن حصل على البكالوريوس في العلوم (علم الأحياء). مساعدة الناس خلال نشاطه في مجلس طلاب الجامعة الإسلامية بغزة كان شعلة نشاط، كما يوصف، لا يتوانى عن مساعدة مجتمعه وشرائحه الضعيفة؛ فذات مرة تعرضت منازل في مدينة خان يونس لعاصفة رملية شديدة، فهبّ هو وطلاب الجامعة لإنقاذ تلك المنازل وسكانها، وساهموا في إعادة ترميمها، بالإضافة إلى مساهمته في توزيع مواد الإغاثة التي توزعها الجمعيات الإسلامية في خان يونس. وخلال نشاطه الجامعي والدعوي، كان كذلك حريصا على تنظيم الزيارات الدورية للمرضى في المستشفيات، حاملين معهم الهدايا، ولم ينسَ أيضا زيارة المقابر. شخصية مجهولة لا يزال "الضيف" يتمتع بشخصية مجهولة الملامح تماماً لدى الاحتلال الصهيوني من جهة ولدى الفلسطينيين بشكل عام من جهة أخرى، فهو منذ سنواتٍ طويلة لم يظهر بوجهه في محاولة تحدٍّ واضح للاحتلال الذي يسعى في كل وقتٍ وحين لاغتياله. ورغم ذلك إلا أن المخابرات الصهيونية بأجهزتها المختلفة (الشاباك والموساد) تعتمد على صوره القديمة في تحديد ملامح شخصيته مثل صورة هويته أو وهو في السجن. الاعتقال وكغيره من القادة العسكريين وأبناء الشعب الفلسطيني المناضلين، اُعتقل "الضيف" في العام 1989 خلال الضربة الأولى التي تعرّضت لها حركة حماس، والتي اعتقل فيها الشيخ أحمد ياسين، وقضى 16 شهراً في سجون الاحتلال موقوفاً دون محاكمة بتهمة العمل في الجهاز العسكري لحماس. في سجن السلطة وأدت خطورته إلى جعل اعتقاله جزءاً من صفقة بين السلطة الفلسطينية و"إسرائيل" تنص على قيام الأولى باعتقاله، مقابل أن تعطيها الثانية سيطرة أمنية على ثلاث قرى في القدس. فاعتقلت السلطة الضيف، ودخل السجن في بداية مايو عام 2000، لكنه تمكن من الإفلات من سجانيه في بداية انتفاضة الأقصى، واختفت آثاره منذ ذلك اليوم. وخلال الفترة العصيبة التي تعرضت فيها حركة حماس للملاحقة من أجهزة أمن السلطة الفلسطينية ما بين عامي 1995 وحتى نهاية 2000 رفض الضيف بشدة التصدي لقوى الأمن الفلسطينية خلال قيامها باعتقال أعضاء كتائب القسام؛ وذلك حقنا للدم الفلسطيني. في القيادة وبرز دوره كقيادي بارز ل"كتائب القسام" بعد استشهاد القائد الشهيد "عماد عقل"؛ حيث تسلم مسؤولية الجهاز العسكري لحركة حماس، وكان له دور كبير في قيادة قطاع واسع من الجناح جنباً إلى جنب مع مؤسس أول جناح عسكري لحماس في الأراضي الفلسطينية، حيث كان الشيخ "صلاح شحادة" داخل السجون. ونادراً ما يتكلم الضيف لوسائل الإعلام؛ فهناك مكتب إعلامي، ومتحدث رسمي لكتائب القسام هو "أبو عبيدة"، لكنه قد يتكلم في لحظات حرجة صعبة مثل بعض الحروب والمعارك كما فعل أثناء معركة العصف المأكول عام 2014. محاولات اغتياله وحاولت المخابرات الصهيونية تصفيته أكثر من 5 مرات، لكنها فشلت كل مرة، وبررت فشلها بأنه هدف يتمتع بقدرة بقاء غير عادية، ويحيط به الغموض، ولديه حرص شديد على الابتعاد عن الأنظار. وفي الحرب على غزة 2014 "العصف المأكول" أخفقت "إسرائيل" في اغتيال محمد الضيف، حينما قامت طائرات الاحتلال في التاسع عشر من اغسطس بتدمير منطقة "أبو علبة" في حي الشيخ رضوان شمال غرب مدينة غزة بالكامل، بعد استهداف منزل يعود لعائلة الدلو مكون من ثلاثة طوابق بستة صواريخ من طائرة اف 16 المدمرة، وتم تسوية المنزل بالأرض واستشهاد طفل وسيدتين وشهيد رابع على الفور تبين لاحقا أن من بينهم زوجة ضيف "وداد مصطفى حرب ضيف" (26 عاما)، وأصغر أطفاله الرضيع "علي" الذي يبلغ من العمر سبعة أشهر، في حين أصيب جراء ذلك حوالي ستين آخرين وعلق الإعلام الصهيوني على الحادث على لسان صحيفة هآرتس: "إسرائيل قامرت لتحقيق إنجاز معنوي، لكنها في النتيجة عزّزت اسم وأسطورة محمد ضيف".