رفع مسؤولون في مراكز اجتماعية خيرية ودعوية إشارات التحذير للآباء والأمهات من مخاطر اعتكاف الأطفال بالساعات الطوال على الأجهزة الذكية، لافتين إلى أنها ستفقدهم مهارات اجتماعية ونفسية وستصيبهم بما يسمى ب»الجهل الاجتماعي». وقالوا ل»اليوم» ضمن الملف الشهري الحادي عشر -»تطبيقات الجوال والألعاب تستدرج الأطفال.. الإهمال يغتالهم»-: إن الكثير من الدراسات في هذا الشأن، خلصت إلى أن أطفالنا يعيشون جهلاً اجتماعياً نتيجة العزلة التي نتجت عن إدمانهم على لعب أحدث التكنولوجيا وتفاعلهم وتوترهم جراء الألعاب في العالم الافتراضي. وتلعب المراكز الخيرية ومكاتب الدعوة والارشاد بمحافظة الأحساء دورا مهما في مواجهة التحديات التي تواجه المجتمع وما يخص الشباب والأطفال ومن ذلك التقنيات الحديثة للأجهزة الذكية التي اصبحت تمثل الهاجس الكبير للعائلات. ويمثل مركز جلوي لتنمية الطفل دورا مهما في متابعة وتوجيه الأطفال فيما يخص هذه الأجهزه الذكية وخطرها الذي يمكن أن يقود إلى الانحراف الفكري والأخلاقي، كما يبرز دور مركز التنمية الاسرية بالاحساء في التوجيه واقامة الدورات، وما يشكله القسم النسائي التابع للمكتب التعاوني للدعوة والارشاد بمدينة العيون. إلى ذلك، قال الدكتور أحمد البوعلي المدير التنفيذي لمركز جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد لتنمية الطفل: لا ينكر عاقل أن الهواتف الذكية أصبحت الآن تلعب دورا كبيرا في حياة الناس، فقد أصبحت وسيلة للتواصل الاجتماعي والترفيه والمعرفة، ونتيجة لذلك أصبحت تنتشر بين الأطفال وأثبتت الكثير من الدراسات أن أطفالنا يعيشون جهلاً اجتماعياً نتيجة العزلة التي نتجت عن إدمانهم على لعب أحدث التكنولوجيا، كانت أفلام (ميكي ماوس وتوم وجيري) من أكثر البرامج الكرتونية شعبية لدى الأطفال ولا تزال عند العديدين إلى اليوم ومثيلاتها من البرامج والمسلسلات والأفلام الكرتونية كسوبرمان مثلا الممجدة للعنف وذات الصبغة السطحية والتي لا تحتاج إلى إمكانات عقلية كبيرة من الأطفال وصغار السن والشباب أيضا. وأضاف: في الوقت الذي كان يتحتم عليهم أن يقرأوا الكتب أو يمارسوا هواياتهم الرياضية في الهواء الطلق كانوا يقضون الساعات متسمرين أمام أجهزة التلفاز يشاهدون مثل هذه البرامج السطحية وباتت. مراقبة استخدام الأجهزة المحمولة مشكلة كبيرة بالنسبة إلى الأهالي، إذ إنه من الصعب حرمان الأطفال منها، لا سيما عندما يذهبون إلى المدرسة ويعودون منها بمفردهم. ومع ازدياد عدد الأطفال الذين يستخدمون الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية يثار جدل بين الآباء والمعلمين بشأن دورها وبسبب الطفرة السريعة التي انتشرت فيها هذه الأجهزة المتنقلة، يغيب عن الدراسات المتخصصة الحسم الواضح حول تأثير هذه الأجهزة، غير أن دراسة جديدة صادرة عن وزارة التعليم في اليابان تشير إلى أنه كلما ازداد الوقت الذي يمضيه التلاميذ وهم يستخدمون الأجهزة المحمولة كلما انخفضت فرص نجاحهم في المدرسة. وتكشف دراسة أجرتها مؤسسة دوكمو اليابانية المتخصصة بهذا النوع من الدراسات أن آخر مسح أجرته عام 2011على أطفال تتراوح أعمارهم بين 8 و18 عاما، وأولياء أمور في خمس دول (اليابان ومصر والهند وتشيلي وباراغواي) أظهر أن 70% من الأطفال الذين شملتهم الدراسة يمتلكون هواتف نقالة مستقلة عن ذويهم، وأظهرت أيضا أن لا علاقة لدخل الأسر ومستواها الاجتماعي بامتلاك الأطفال الهواتف الذكية، وأن أكثر ما يستخدمه الأطفال بالهواتف هو الكاميرات بنسبة 51%، ومشغل الموسيقى 44%، ومشغلات أفلام الفيديو 26%، وأن الأطفال يستخدمون تطبيقات ووظائف هذه الهواتف بنسبة أعلى بكثير من آبائهم. وعن علاقة الإنترنت بهذه الهواتف، أوضح البوعلي أن الدراسة بينت أن 40% من الأطفال يستخدمونه من خلال هواتفهم مرة واحدة يوميا على الأقل، والأكثر استخداما من قبل الأطفال هي شبكات التواصل الاجتماعي بنسبة 73%، وهي أعلى بكثير من أولياء أمورهم الذين تبلغ نسبة استخدامهم الهواتف للدخول لهذه الشبكات 43% فقط، الدراسة خلصت إلى أن هناك علاقة طردية بين استخدام الأطفال الهواتف الذكية وقلق أولياء أمورهم، حيث بينت أن ما بين 70% و80% من الآباء يشعرون بالقلق الدائم من استخدام أطفالهم للهواتف الذكية، إما للإفراط بالاستخدام، أو المحتوى أو الكلف المترتبة على هذا الاستخدام. وقال الدكتور البوعلي: لا شك أن هناك آثارا سلبية من أهمها: إهمال اللغة العربية التي هي منبع البيان، ومرآة الفكر لأمتنا، فهي وعاء ثقافة الأمة وتراثها وحضارتها، وكما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه «تعلموا العربية؛ فإنها تشبِّب العقل، وتزيد في المروءة»، وهناك نواحٍ أربع في نمو الأبناء: نموهم الجسدي، والذهني والانفعالي والعاطفي، والاجتماعي، وتبين بعض الدراسات أن نمو التفكير التخيلي عند الطفل في سن الخامسة غاية بالأهمية؛ كونه يعتبر المرحلة الثانية بعد التفكير الحسي ومرحلة تسبق وصول الطفل الى التفكير التجريدي، وأن الاستخدام المفرط لجميع الأجهزة الحديثة والذي يزيد على ساعة إلى ساعة ونصف الساعة يوميا يضعف من هذه القدرة النمائية في الجانب الذهني؛ كون هذه الأجهزة توفر له الخيال، وبالتالي تشكل الصور الذهنية بطريقة آلية بغض النظر عن رغبة الطفل. كما تنوه الدراسات إلى أن الإفراط في استخدام هذه الأجهزة يصيب الطفل بخمول جسدي واضح، وضعف شديد في التركيز خاصة بين عمر الذكور في عمر 8-12 سنة، والسبب في ذلك تلك المشاهدات السريعة لمقاطع الصور التي تكون على الألعاب في هذه الأجهزة، الأمر الذي يؤدي إلى تخزينها في العقل الواعي واللا واعي عند الطفل ويستمر عقله باسترجاعها حتى بعدما يتوقف عن اللعب، مما قد يتسبب بتشتته وضعف تركيزه. وأبان أن في دراسة لعدد الساعات التي يقضيها الطفل أمام هذه الأجهزة في أيام العطل جاءت على النحو التالي: 28% من الأطفال يقضي أكثر من 5 ساعات يوميا أمام هذه الأجهزة هؤلاء أكثر عرضة للإدمان. 18.6% يقضون 3-4 ساعات يوميا أمام هذه الأجهزة. 19.3% يقضون من 2-3 ساعات يوميا أمام هذه الأجهزة. 26% يقضون من 1-2ساعة يوميا، 8% يقضون ساعة واحدة يوميا أمام هذه الأجهزة، ولا شك أن هذا يعكس غياب الدور الرقابي للأسرة وهذه النتائج مؤلمة إلى حد كبير. أما بالنسبة لنوعية البرامج التي يستخدمها هؤلاء الأطفال على هذه الأجهزة، فالنتائج كانت مخيبة للآمال وجاءت على النحو التالي: 38% يستخدمون الأجهزة للألعاب، و26% أفلام الكارتون، و15% للانترنت، و11% للمحادثة، و10% فقط من الأطفال يستخدمون هذه الأجهزة كوسائل تعليمية. واسترسل: أما بالنسبة لتأثير هذه الأجهزة على هوايات الأطفال وسلوكهم فقد جاءت النتائج كالآتي: أظهرت النتائج أن 73% من الأطفال الذين شملتهم الدراسة توقفوا تماما عن ممارسة الرياضة والأنشطة الدينية والهوايات الأخرى بعد اقتناء هذه الأجهزة الإلكترونية، وأظهرت النتائج أن 69% من الأطفال الذين شملتهم الدراسة يصرون على اصطحاب هذه الأجهزة الذكية أثناء خروجهم خارج المنزل، وبالنسبة لتأثير هذه الأجهزة على الأطفال الذين شملتهم الدراسة فقد لاحظ 56% من الآباء والأمهات الذين شملهم الاستبيان أن أطفالهم يعانون من بعض الأعراض التي تصاحب استخدام الأجهزة مثل احمرار العينين وآلام الرقبة واليد والأصابع واضطرابات النوم، كما لاحظ 59% من الآباء والأمهات الذين شملتهم الدراسة أن أطفالهم يلجأون كثيرا إلى الاحتيال والكذب لكي يقضوا أطول فترة في استخدام هذه الأجهزة كما تنتابهم نوبات غضب وعنف عند محاولة الوالدين وضع ضوابط لاستخدام هذه الأجهزة. وأشار البوعلي ان مركز جلوي لتنمية الطفل يقوم بعدد من الخطوات والنصائح للآباء والأمهات ومسؤولي التربية والتعليم؛ للحد من الآثار الخطيرة لهذه الظاهرة، وهي كالآتي: يحرص المركز على إقامة عدد من المحاضرات والندوات التوعوية والبرامج التدريبية والاستشارات الهاتفية والميدانية؛ للتنبيه على الآثار السيئة والخطيرة الناتجة عن الإسراف في استخدام هذه الأجهزة بدون رقابة، ويقوم المركز على حث الآباء بالاهتمام لإرجاع الطفل إلى الهوايات مثل هواية القراءة وتعلم اللغات والحث العلمي وممارسة الأنشطة الرياضية المختلفة، وضرورة خروج الأهل من وقت لآخر مع أطفالهم للتنزه في الأماكن العامة ومحاولة الحد من التعرض المفرط لهذه الأجهزة الحديثة، كما يجب على الآباء والأمهات أن يقوموا بوضع قواعد محددة مثل عدم شراء أي من أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية للأطفال حتى بلوغهم سن 15 على الأقل، وكذلك التدخل في عدد الساعات التي يقضيها الأطفال أمام اجهزة الكمبيوتر والانترنت، كما ينبغي ألا يزيد استخدام الانترنت على ساعة إلى ساعة ونصف يوميا فقط للأطفال، وينبغي على الآباء والأمهات والمعلمين الانتباه لظاهرة إدمان الكمبيوتر والانترنت وهي التي يتعرض لها الأطفال الذين يستخدمون الانترنت ل38 ساعة اسبوعيا تقريبا، كما ننصح بضرورة انتباه الأهل إلى أي من الأعراض الآتية والتي تفيد بأن الطفل يعاني من آثار إدمان الانترنت وتشمل الإحباط والاكتئاب والقلق والتأخر عن المدرسة وحدوث بعض الأعراض الجسدية كالخمول والقلق واضطرابات النوم وآلام الظهر والرقبة والتهاب العينين، بالإضافة إلى المخاطر الأخرى الناتجة عن الإشعاعات الناتجة عن شاشات هذه الأجهزة وأيضا تأثير المجالات المغناطيسية الصادرة عنها. وقالت منيرة الماضي مديرة القسم النسائي بالمكتب التعاوني بمدينة العيون: جهاز ذكي في يد بناتنا واخواتنا ومن ولاَّنا الله رعايتهن قد يكون بحجم كفها ولكن ينقلها إلى جميع أنحاء العالم بخيره وشره ليس العجب من العقل العبقري الذي صنعه ولكن الكمال والجلال من الرب العظيم الذي صنع هذا العقل الإنساني الذي ابتكره، فطوبى لبناتنا وسعداً لهن إن جعلن هذا الجهاز بمختلف أشكاله وسيلة يهدين به من ضلت الطريق وطريق يصلن بها الرحم التي لا سبيل لوصلها إلا عن طريقه أو ينظمن به مجموعاتهن العلمية والتربوية النافعة لبنات جنسهن ويتدارسن العلوم النافعة الشرعية وغيرها، فهو تقنية ذات حدين ومحاسنه كثيرة فمن أحسن استعماله ووفقه الله لخيره فهو يلغي المسافات ويوفر الاتصالات الباهظة الدولية ويتيح استخدام برامج عديدة لا تتوفر على الإنترنت المنزلي مثل الواتس أب والانستجرام وغيرها من المحاسن الكثيرة التي تتميز بها هذه التقنية وبهذا فهو نعمة تُشكر ولا تُكفر فلا يكن سبباً لفقدان التواصل الحي بين الأسر التي باتت تفتقد الحياة السابقة في العلاقات الأسرية خاصة في المناسبات الدينية والاجتماعية ولا يُستغل في نشر الإشاعات المغلوطة والأحاديث المكذوبة. وقالت الماضي: للأسف غابت مراقبة العزيز الجبار لدى بعض الشباب والفتيات فجعلوا هذه الأجهزة وسيلة لهتك الحرمات وخيانة العهود والأمانات وإقامة العلاقات المحرمة والمحادثات الهاتفية المشبوهة واستهانت فتياتنا -أصلح الله قلوبهن- بنشر صورهن وتداولها وإرسالهن عبر هذه الأجهزة فأصبحن فريسة للابتزاز والتهديد من قبل ضعاف النفوس الذي لا يخافون الرب العظيم، فعلى الفتاة أن تتقي الله عز وجل ولا تهدم دينها وخُلُقها ووقتها وصحتها بالتورط في علاقات مشبوهة ليس لها منها نصيب إلا تسلية الشاب بها ثم تقع ضحية الفضيحة والعار، وللأسف فإننا نجد فتيات صغيرات في عمر المراهقة يندفعن وراء أحلامهن وأهوائهن وإغواء الشباب لهن وأصبحت هذه المشكلة متكررة، تأتي الفتاة الصغيرة لتقول سرق صوري عن طريق اختراق جهازي والآن هو يهددني إن لم أخرج معه سيفضحني وقد تستجيب لمطالبه تحت التهديد وخوف الفضيحة. وزادت: هنا ننوه بدور الأسرة في ضرورة تربية الفتاة على استشعار مراقبة الله كل حين وهذا يكون منذ الصغر، والتذكير بذلك بين حين وآخر فالشيطان يستغل النفس الضعيفة ولحظات إدبار النفس عن ربها ليدخل للفتاة من مداخل قد لا تخطر على بال أسرتها، ثم إن من أسباب الاستعمال السيء الضار لهذه الأجهزة الصحبة السيئة التي تقلب كيان الفتاة المحافظة رأساً على عقب مع غياب المراقبة والمتابعة الأسرية ووجود الفجوة الأسرية والجفاف العاطفي بين الفتاة وأسرتها خاصة الأب أو الأخ الأكبر أو حتى الزوج؛ مما يجعل الفتاة تنقاد للطرف الآخر الذي وجدت عنده ما افتقدته لدى أسرتها، وانكباب الفتاة على هذه الأجهزة وبعد الأسرة عنها يفقدها مهارة التعامل الاجتماعي مع الآخرين خاصة إذا تورطت مع من يبتزها فتسعى للصمت والتصرف لوحدها بطريقة تزيد الموضوع تعقيداً، ونصيحتي للفتاة أن الأمل بها كبير والأمة بحاجة لعزائم الشباب القوية التي يساندها ويقويها الإيمان والعلم الشرعي والصبر والمصابرة ومجاهدة النفس في طاعة الله وترك معصيته واتعظي من غيرك ولا تكوني عظة لغيرك وتذكري قوله تعالى (ولاتقربوا الزنا إنه كان فاحشة)، لم يحرم الزنا فقط وإنما حرم الاقتراب منه وكل وسيلة تؤدي إليه من نظرة خائنة وحركة مريبة وكلمة تُفقد القلب صوابه. وقالت الماضي: أشد يدي على يد أخواتي المرشدات الطلابيات بالمدارس وفقهن الله وأيدهن بعونه وتوفيقه، أمامك ابنتك الطالبة تكاثرت عليها المغريات واغترت بما ترى من الأحلام الكاذبة في القنوات وألهتها الأجهزة الذكية بل رافقتها في الصحو والمنام والغدو والرواح قلبها يُمسي ويُضحي عندها لا تكاد تنفك منها، فكوني لها المرشدة الرفيقة والناصحة الشفيقة، وجهيها بحب وخوف عليها، وتابعي أحوالها وأوضاعها فقد تكون أمست ذات ليلة ضحية هوى انساقت نفسها وراءه بلا تأمل ولا تفكير، وقد فقدت في البيت الرقيب، فأصبحت أسيرة علاقة من لا يخشى ربه، خذي بيدها وارسمي لها معالم طريق النجاة وكوني لها أماً وأختاً، زودي الطالبات بالبرامج التوعوية لاستعمال الأجهزة الذكية وخطورة استعمالها بما يضر الطالبة في دينها ومستقبلها. وقال أحمد محمد البريك رئيس قسم الانتاج الاعلامي في مركز التنمية الاسرية بالاحساء: إن المركز له دور كبير في توجيه الاسرة بشأن التعامل مع التقنيات الحديثة، ومن ذلك اقام المركز برامج تدريبية ومحاضرات توعوية منها العفاف والتقنية وأصدر كتابا بعنوان (قبل أن تمتلكنا التقنية) والعديد من البرامج المختصة بالتقنية ومنها استخدام الاجهزة الذكية وطرق الوقاية منها. هوس الأجهزة يصيب الطفل بخمول جسدي وضعف في التركيز