ينظر بعض الموظفين في القطاع الحكومي لوظيفته بأنها تشريف له وليس تكليفا، وهذه النظرة لن تتغير حتى يكون لدينا أساس قوي للتعريف بالوظيفة ومهامها واختيار الشخص الصحيح لشغلها، ومن هنا يكمن دور وزارة الخدمة المدنية في إعادة هيكلة تصنيف جميع الوظائف الحكومية والعمل على تطوير آليات التصنيف والتوصيف حتى يتحول العمل الحكومي إلى عمل إبداعي. أساس نجاح عمليات التوظيف والاختيار الصحيح للمرشحين يبدأ بوجود وصف وظيفي واضح وشامل لجميع الوظائف الموجودة في الهيكل التنظيمي لأي منظمة، فالوصف الوظيفي يعتبر هو الأساس الأول لتحديد القيمة النسبية للوظائف داخل المنظمة، ويساعد في عملية قياس قدرات الموظفين لتحقيق متطلبات العمل، وهو الأساس في تحديد الأجور لتلك الوظائف، والعامل الرئيسي في تطوير الموظفين من خلال تحديد الاحتياجات التدريبية لتطوير العمل داخل أي منظمة حتى يكون هناك مسار مهني واضح عند الترقيات أو التكليف في إدارة عمل معين. دائماً ترتبط مشاكل الموظفين في عدم قدرتهم على أداء المطلوب منهم بالطريقة الصحيحة إلى عدم وجود وصف وظيفي واضح داخل المنظمة، وللأسف لاحظت تجاهلا شبه تام في العديد من المنظمات لأهمية هذا الوصف مما يتسبب ذلك إلى فوضى بالصلاحيات وتداخل بين المسؤوليات والأعمال بين الموظفين، مما ينعكس سلبياً على تقديم الخدمات للمستفيدين بالشكل المطلوب، ويشكل ذلك عائقا لتحقيق الأهداف المرجوة من كل منظمة. وزارة الخدمة المدنية مسؤولة عن وضع إستراتيجية متكاملة لتطوير أنظمة الخدمة المدنية ولوائحها التنفيذية حتى تعزز من القدرات المؤسسية للجهات الحكومية؛ لتمكينها من القيام بمهامها على المستوى المطلوب، ومن أهم التوجهات في تلك الإستراتيجية وجود دليل لتوصيف الوظائف يضمن تقييم الوظائف الحكومية، وفق أسس علمية، مما يحقق رفع لمستوى الكفاءة الوظيفية في جميع الجهات الحكومية. بعد اطلاعي على دليل تصنيف الوظائف الحكومية الخاص بوزارة الخدمة المدنية، ومن وجهة نظر شخصية أرى أنه يحتاج إلى تطوير كبير وعاجل ليتحول العمل الحكومي إلى عمل إبداعي بدلاً من كونه عملا روتينيا، وأنا على ثقة وبناء على الخبرة العملية لوزير الخدمة المدنية، بأنه مؤيد لوجهة نظري، ولا أتوقع أن هناك أي عائق لإعادة العمل على تطوير هذا الدليل وصياغة نموذج مثالي شامل للوصف الوظيفي يتم من خلاله الاستناد عليه في عمليات تقييم الموظفين في القطاع الحكومي وتطويرهم. ختامًا.. الموظف المناسب في الوظيفة المناسبة وبالأجر المناسب هو أساس لتقديم الخدمة بالشكل الصحيح لجميع المستفيدين من الخدمات في أي منظمة، وسواء كانت خاصة أو حكومية، وما أتمناه كما يتمناه غيري هو «الاستعجال» في بت قرار يخص إعادة تقييم الوظائف الحكومية وإعادة تصنيفها والعمل على تطويرها كأساس لتحقيق أهداف القطاع الحكومي.