تلقت القوات الحكومية والمتمردون أوامر بوقف فوري للمعارك المستمرة منذ 20 شهرا في جنوب السودان، في إطار وقف لإطلاق النار يدخل حيز التنفيذ، السبت، بموجب اتفاق سلام يهدف إلى وضع حد لحرب أهلية دامية. وفي حين أن وساطة منظمة ايغاد - التي تضم جيبوتي وأثيوبيا وكينيا وأوغندا والصومال والسودان وجنوب السودان - ومعسكر مشار أشارا، صباح السبت إلى عدم تسجيل معارك، اتهمت سلطات جنوب السودان المتمردين بخرق وقف إطلاق النار من خلال الهجوم على موقع للجيش في شمال شرق البلاد. وقال المتحدث باسم ايغاد هايلي مايكل جبريسيلاسي لوكالة فرانس برس، قبل هذه الاتهامات، إن على المنظمة مراقبة الوضع على الأرض للتأكد من وقف المعارك. وأعلن الناطق باسم النائب السابق لرئيس جنوب السودان رياك مشار أن زعيم المتمردين أمر القوات الموالية له التي تقاتل الجيش منذ ديسمبر 2013 بوقف القتال في إطار اتفاق السلام الذي وقع مؤخرا لإنهاء الحرب الأهلية. وكان الرئيس سلفا كير وقع الخميس، مرسوما يدعو الجيش إلى وقف القتال والبقاء في ثكناته بموجب اتفاق السلام الذي يفرض إعلان "وقف دائم لإطلاق النار" بعد 72 ساعة من توقيعه. وقال نيارجي رومان لوكالة فرانس برس في أديس أبابا إن مشار "أصدر إعلان وقف دائم لإطلاق النار لقواته الليلة الماضية". وصرح المتحدث باسم حكومة جنوب السودان مايكل ماكواي لوكالة فرانس برس، "هاجم المتمردون (الجمعة) موقعنا في ملكال لكننا تصدينا لهم. وصباح (السبت) شنوا هجوما جديدا على ملكال". وأضاف، "إنه خرق لوقف إطلاق النار الذي ينص عليه الاتفاق ويجب تسجيله". ولم يتسن التحقق من هذه الادعاءات من مصدر مستقل. وكان وزير الإعلام ماكواي الذي يقود فريق المفاوضين عن الحكومة خلال المفاوضات في أديس أبابا، وصف الاتفاق بأنه "استسلام" غير مقبول. ووقع "اتفاق تسوية النزاع في جنوب السودان" في 17 أغسطس في أديس أبابا، من قبل نائب الرئيس السابق رياك مشار زعيم المتمردين الذي يحارب الجيش الموالي للرئيس سلفا كير، منذ ديسمبر 2013 ثم الأربعاء، في جوبا من قبل رئيس الدولة. وينص على دخول وقف دائم لإطلاق النار حيز التنفيذ في الساعات ال 72 من توقيعه أي السبت، وأيضا سلسلة تدابير "فك الاشتباك وانسحاب القوات من ساحة العمليات" في الفترة نفسها. وخضع كير ومشار لضغوط كبيرة من الأسرة الدولية وهددا بعقوبات. والجمعة دعا مجلس الأمن الدولي إلى "وقف فوري ودائم لإطلاق النار" في جنوب السودان ولوح بفرض عقوبات على الذين لن يحترموا الاتفاق. ولم تصمد اتفاقات وقف إطلاق النار الموقعة بين الجانبين في أديس أبابا إلا لأيام أو حتى ساعات. وفي الأيام الماضية، رغم توقيع الاتفاق، تبادل الجانبان مجددا اتهامات بشن هجمات جديدة. وأعلن عدة قادة عسكريين متمردين انشقاقهم مؤخرا، مؤكدين رفضهم لأي اتفاق موقع من كير ومشار. وأكدت السلطات في جنوب السودان أن قسما من القوات المتمردة لم يعد تحت سيطرة مشار بسبب هذه الانشقاقات، ما يجعل وقف إطلاق النار مستحيلا واتفاق السلام غير قابل للتطبيق. ولدى توقيعه الاتفاق أعلن كير علنا عن عدم ارتياحه لهذا "السلام المفروض" وأعرب عن 16 "تحفظا" على البنود الواردة في الاتفاق، منها تلك التي تتعلق بآلية تقاسم السلطة مع التمرد ما يثير شكوكا حول إرساء سلام سريع في جنوب السودان بعد حرب أهلية دامت 20 شهرا. وفي إشارة إلى هذه التحفظات، أعرب مجلس الأمن، الجمعة، عن "قلقه لأي إعلان من أي جهة أتى، مشيرا إلى غياب إرادة لتطبيق الاتفاق". وكانت دولة جنوب السودان أعلنت استقلالها في يوليو 2011 بعد نزاع مع الخرطوم استمر عقودا. والحرب التي اندلعت في ديسمبر 2013 أدت إلى سقوط عشرات آلاف القتلى ونزوح 2,2 مليون شخص.