يكثر الحديث في هذه الفترة عن حال الاقتصاد السعودي، خاصة مع انخفاض أسعار النفط، مما أدى الى السحب من الاحتياطي النقدي وإصدار سندات حكومية؛ لتمويل بعض مشاريعها، وكذلك لا نغفل هبوط سوق الأسهم وحالة التأرجح للسوق التي صاحبت هذه الأوضاع، مما أدى الى لغط كبير بين المحللين الاقتصاديين والمهتمين عن حالة الاقتصاد السعودي ومتانته وقدرته على الصمود والاستقرار في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية الإقليمية والعالمية الحالية. بلا شك ان حالة القلق والترقب هي السائدة بين كل من أوساط المتفائلين والمتشائمين، وكما هي عادة هذه الظروف يكثر المنجمون وتبدأ عملية النقد بين الأوساط الاقتصادية في كل الاتجاهات، مما يساعد وبشكل كبير على تشتيت فكر وتركيز المستثمرين، وبالتالي اقترح بان يقوم المسئولون بالدولة في هذه الفترة بالعمل على إيضاح الأوضاع والظروف والرؤية الاقتصادية، وما إذا كان هناك إجراءات أو تدابير ستتخذها الدولة؛ لمواجهة مثل هذه الظروف سواء كانت سلبية أم إيجابية، وان يكون ذلك بكل شفافية وان لم يتم فعلى المسئولين الاجتماع بالمستثمرين ورجال الاعمال؛ للخروج برؤية محددة لمواجهة اي تحديات قادمة محتملة. يمثل الاقتصاد السعودي أهمية بالغة ليس على المستوى المحلي والإقليمي وإنما أيضا على المستوى الدولي، حيث المملكة كأكبر دولة منتجة للنفط واحد أعضاء تجمع دول العشرين الأكبر اقتصاديا مصاحبا ذلك دورها السياسي على صعيد دول المنطقة والعالم الاسلامي، إضافة الى علاقات المملكة الاقتصادية مع الدول الكبرى ودول كثيرة أخرى وذلك حسب العلاقة الاقتصادية وحسب مستوى الصادرات والواردات بين المملكة وهذه الدول، مما يجعل المراقبين المحليين والدوليين يضعون المملكة في مكانة عالمية مؤثرة اقتصاديا، وأي تراجع اقتصادي للمملكة -لا قدر الله- سيؤثر على اقتصاديات الدول الأخرى. في مثل هذه الظروف، يلجأ الكثيرون إلى تسليط الضوء حول بعض المبادرات التي تمثل مشاريع تنافسية تساهم في دعم الاقتصاد القومي للمملكة: كتطوير الحج والعمرة، والقطاع السياحي، وكذلك مناطق التجارة الحرة في الموانئ والمطارات، حيث تمثل هذه المبادرات مشاريع تنافسية ذات قيمة مضافة. والمأمول من الدولة أن تفكر في تطوير هذه المبادرات، سواء كانت الحالة الاقتصادية جيدة أم غير مستقرة، وأن يكون ذلك بشكل مستمر بما يتوافق مع طموح الوطن والمواطن وحجم المملكة اقتصاديا. من المهم جداً في هذه الفترة ان يخرج علينا مجلس الاقتصاد والتنمية، وان يعلن عن رؤية اقتصادية شاملة؛ لمواجهة هذه الظروف والاصلاحات الاقتصادية المُحتملة التي تعمل على استقرار الاقتصاد وتزيد من تنافسيته خلال الأعوام القادمة، وهذا ما تتطلبه هذه المرحلة وبكل شفافية؛ لتفادي أي مغالطات أو شائعات قد تؤثر على المسيرة الاقتصادية على المدى القصير او طويل الأجل، وأود التذكير ان الجميع شريك في بناء اقتصاد الدولة والجميع عليه ان يتحمل مسئولياته في بناء الوطن.